الأولويات الوطنية الخمسة، التي طرحت من قبل السيد عمار الحكيم في 6 آب 2016، للإستعداد لمرحلة ما بعد داعش، حقيقة ألهمتني، فقد إجتمعت هذه الخماسية العميقة في جسد العراق، الذي خُلِقَ ليكون واحداً موحداً، للوصول بالوطن وشعبه لبر الأمان، ولست أبالغ أنها يجب أن تُدرّسَ بمناهج التربية الوطنية، التي أمست كتاباً ثانوياً لا يؤخذ بما يرد فيه، إلا لنيل درجة النجاح ليس إلا، أما ما عرضه السيد الحكيم، فهو في قمة الوطنية والمواطنة للمرحلة القادمة.
الإستراتيجية الوطنية الأمنية التي يجب إتباعها، بعد تحرير الأرض من داعش، تتم من خلال وضع معايير صحيحة، لإعادة هيكلة المنظومة الأمنية، وتقييم خططها وتفعيل الجهد الإستخباري، بأنشاء لجان أمنية شعبية رصينة وأمينة، لتفكيك الخلايا الإرهابية النائمة، أو التي ستقوم بإعادة ربط خيوطها المتطرفة، بعد إستتاب الأمن والأمان، فيجب وضع إستراتيجية مسبقة بهذا المستوى، لتكون على قدر الإستجابة لدرء خطر الإرهاب وأذنابه، والذين سيجدون بديلاً عن داعش، فيما لو إخترق أمن العراق مجدداً لا سامح الله.
المشروع السياسي الذي أشار إليه السيد عمار الحكيم، من خلال تشكيل كتلة وطنية جامعة للعراقيين، عابرة للمكونات والطوائف، تضع يدها بيد الحكومة، في أداء مهامها الخطيرة بعد تحرير الأرض، فالعراق على أعتاب مرحلة تتطلب تظافر الجهود، والقوى السياسية مطالبة بهذا الأمر، لأنها المتصدية لعملية إدارة الدولة، فمَنْ يمتلك الرؤية والمشروع والأدوات سينتصر لا محالة، وبالتالي النهوض بالعراق ورأب الصدع، الذي خلفته العصابات التكفيرية، ويجتمع العراق تحت خيمة واحدة بمشروع واحد، وأهداف مشتركة فيها خير للجميع. إعمار المدن، وإعادة النازحين، وتوفير الخدمات، واحدة من الأولويات المهمة لإستقرار الوضع، لأن عودة النازحين الى مناطقهم المحررة، يجب أن يسبقها جهد خدمي وطني جبار، وذلك من خلال إعادة أعمار مدنهم، وتوفير الخدمات الأساسية لهم (الماء والكهرباء)، بغية إعطائهم دفعة وطنية عميقة، ليشاركوا هم أيضاً بعملية الإعمار، كونها أرضهم وهم الأقدر على بنائها، بمشاركة دوائر الدولة الساندة، لمعالجة التحديات الخطيرة في المناطق المنكوبة، وقطع اليد العابثة بالمال العام، والوقوف بحزم أمام الفاسدين، لإستعادة حياتهم الكريمة. الحفاظ على التعايش السلمي، وما أعظمه من أمر يلتفت إليه السيد عمار الحكيم! فقد أكدته المرجعية الرشيد وهو يلتزم خطها الشريف، حيث أن الوضع بعد داعش، سيدخل دوامة الثأر والثأر المتبادل، مما سيعرض اللحمة العراقية، والإستقرار الأمني لمخاطر كثيرة، فالمكونات والأقليات تعرضت للإبادة، والتهجير، والنزوح، وذلك يتطلب خطة لإعادة العلاقات المجتمعية لسابق عهدها، ولو بالحد الأدنى من المعالجات، ونذكر بإعتماد وثيقة التعايش السلمي والتماسك المجتمعي، التي طرحها السيد عمار الحكيم سابقاً، فهي الأنضج والأروع، لتحقيق المصالحة المجتمعية.
مكافحة الفساد أخر جزء من المنظومة الوطنية، التي يجب الإلتفات إليها والعمل بها، لمرحلة ما بعد داعش، فالفساد والفاسدين أخذوا من العراق كل شيء جميل، وهنا نؤكد على ماطالبت به المرجعية الرشيدة، بالضرب بيد من حديد، فداعش والفساد وجهان لعملة واحدة، وهذا يتطلب قيام الدولة بثورة إدارية شاملة، فحجم المبادرات، والمعالجات، والحلول، التي تقدم بها تيار شهيد المحراب بقائده الحكيم، كبيرة ومؤثرة ومقبولة، لذا الأولويات الوطنية هي خماسي رائع، للشروع صوب بناء جسد عراقي واحد.