ظهر لنا تشريع منع الخمور ، ليشتت تركيزنا وإعلامنا عن معركة الموصل الحاسمة والتاريخية ، لينتج عنه فريقين متنازعين ، احدهما يؤيد منعه ويدافع عن القانون ، والاخر يستهجن منعه ، بداعي حفظ الحقوق والحريات ومنع التجاوز عليها او تقييدها بغض النظر عن نوعها وأخلاقياتها وملائمتها لثقافة وعادات وتقاليد المجتمع ، لينتج لنا صراع داخل المجتمع حول تشريع لا يمت للمرحلة بصلة ، وتميز بتوقيت خاطئ ، لانه سيعطي الفرصة لدعاة الفتن ، من التأثير على معنويات الجماهير ، وسحبها نحو ساحة غير ساحة المعركة المفترض تواجدهم فيها من حيث المساندة ورفع همم وعزائم المقاتلين
من يريد ان يمنع شيئاً ، لا يمكنه ان يمنعه دفعة واحدة وبشكل مفاجئ ، وهذا ما يستنتجه كل متتبع لكلام الله في هذا الخصوص ، حيث امر الله بالامتناع عن شرب الخمر اثناء الصلاة في بادئ الامر ، ثم توسعت دائرة المنع شيئاً فشيئاً حتى استقرت عند المنع النهائي والتحريم المطلق ، مما ساهم بتقبل المجتمع لذلك ، وهو ما كان منتظراً من مشرعي القانون ، حيث كان الاولى مطالبة الحكومة بزيادة التكلفة الجمركية عليه ، مما يؤدي الى زيادة أسعاره ، ومن ثم تعقيد منح الاجازات التي تسمح بفتح الخمارات ، وكذلك إصدار قرارات تمنع فتح الخمارات داخل المناطق السكنية ، وهذه ابسط الخطوات التي يمكن ان تفعلها الحكومة بهذا الصدد الخلافات السياسية ليس المجتمع طرفاً بها ، لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة ، وهذه قاعدة عقلائية ، اذ ليس من المعقول ان نوجه اتهام معين او تجريح لمجتمع بسبب تصرف او موقف لسياسي معين ، فضلاً عن التهجم والاتهامات التي يمكن اطلاقها مهما كانت حساسية الامر بالنسبة للبعض
الجنوب المضحي على مر العصور ، كان ولا يزال المدافع الاول عن العراق ، ولولا الجنوب لما قامت لوطننا قائمة ، هو اول من ثار ومهد لاستقلال العراق بقيادة مرجعيته ، وتحمل عناء المطالبة واعطى انهار الدماء منذ ثورة العشرين وبعدها ضد البريطانيين ، وهو من تحمل ظلم البعثيين وإجرامهم ، وحمل راية الحرية ضدهم حتى سكن الأهوار والصحاري في سبيل ذلك ، وبعد ان من الله عليهم بسقوط الصنم وبعثه المشؤوم ،ابتلي مرة اخرى بممثلين للبعث بزي ديمقراطي ، استتروا خلفه ، متناسين ان لولا الجنوب ورجاله الملبي لفتوى المرجعية العليا ، لما كان لبرلمانهم ولا جماهيرهم باقية ، الجنوب لديه زراعة واحدة يشتهر بها منذ سنين بعيده ، وهي زراعة متعبة ومكلفة ، وهي زراعة الرجال المدافعين عن الوطن ، وليس عن خمارة البرلمان كمشعان وفائق الشيخ وامثالهم .