23 ديسمبر، 2024 12:25 م

خليفة في قفص  بين وصيف وبغا …. يقول ما قالا له   كما تقول الببغا

ورد في كتب التأريخ إن عصر المهتدي كان بداية لضعف دولة بني العباس وزوال هيبتها ,لأستيلاء القادة الترك على شؤون الخلافة, وفك إرتباط أطراف الدولة عن عاصمتها, وإبتعادها عن طاعة الخليفة, وتسخير أولي الأمر بيت المال لخدمة المصالح الخاصة, وحرمان غالبية الأمة الفقيرة من خيرات دولتهم. والناس ترى وتسمع ما ينفقه رجال الدولة من أموال وبذخ على المحسوبين والمنسوبين. فنما التفاوت الطبقي وإتسعت الهوة بين عموم الشعب من الفقراء والمحرومين وبين القلة من المنتفعين المحسوبين على القادة الترك ومن يتزلف لهم.مما ولّد حالة من التذمر والسخط عند عموم الشعب.  وعندما توفي الخليفة العباسي محمد المنتصر(قاتل أبيه المتوكل) بعد أن دس له السم قادة العسكر الأتراك, لما نما لديهم من الشك في أن محمدا المنتصر هذا يدبر لهم أمرا ليزيحهم عن الهيمنة والسيطرة على شؤون الخلافة.إختلف قادة العساكر الترك
الذين كانوا يهيمنون على الأمور والخلافة, في من ينصبونه خليفة. وبعد جدال وإحتدام رأي, إتفقوا على أن ينصبوا خليفة ضعيفا, لم يكن لأبيه خلافة من قبل.ليسهل تحكمهم به وتكون الكلمة لهم, والحكم بيدهم, والخليفة ألعوبة بيدهم, لا رأي له, ولا قرار, ولا سلطان.وقد إعترض بعض كبار قادة العسكر الترك على ذلك, محبذين  أن يكون الخليفة قويا مسموع الكلمة, مهابا ليخافوه, ويكونوا تحته, ولا يفترقون. لأنه إن كان ضعيفا يخافهم ينمو الحسد بينهم, فيتقاتلون وتضيع كلمتهم.وكان بغا الكبير صاحب هذا الرأي.وبعد جدل وتشاور, وقع إختيارهم و إتفقوا على ان ينصبوا المستعين  أحمد بن محمد المعتصم .
كان هذا الخليفة لا رأي له ولا شأن ولا كلمة. وأمور الخلافة يسيرها مملوكان من قادة عساكر الترك ,هما وصيف وبغا .فالأمر للمماليك والمشورة من حقهم .فهم من يتصرف, ويأمر وينهى, ويتحكم. وهم يخلع الخليفة, ويبدله, كما يغيرون ملابسهم. ويقتلون الخلفاء في أغلب الأحيان, ويمثلون بهم, لمجرد إظهار قدرتهم على ذلك, لإخافة الناس. .فالخليفة دمية بأيديهم ,لا حول له ولا قوة. حيث لم يعد له أمر ولا سلطان.حتى قال فيه أحد الشعراء الظرفاء بيتين من الشعر.
صور فيهما حال حال  الدولة, وأصبحا صالحين لكل زمان فيه فوضى, ولا وزن ولا رأي للحاكم فيه. ولكل مكان عمّه الخراب والفساد وفقد الأمن فيه:
خليفة في قفص    بين وصيف وبغا
يقول ما قالا له     كما يقول الببغا
هذا الشاعر الظريف يحكي مأساة دولة .أصيبت بالضعف والخوار.
ولم يكن هذا بالأمر العجيب.فقد قال أحمد بن أبي طاهر في هكذا حال:
لعمر أبيك ما نسب المعلى  الى كرم وفي الدنيا الكريم
ولكن البلاد إذا إقشعرت   وصوّح نبتها رعي الهشيم
فهل ياترى إقشعرت بلادنا اليوم تداعيا لما نحن فيه من أزمات؟ فتحكم العنصر غير العربي فينا, كما تحكم الأتراك في دولة بني العباس. فتحكم فينا أخوتنا الكورد. فتسسبوا بضعف دولتنا وزوال هيبتها.
صرح الأستاذ جلال طالباني إن السيد الهاشمي المطلوب للعدالة في بغداد بضيافته.وهذا يعني رفضه تسليم رجل مطلوب للقضاء, رغم إنه أقسم اليمين على أن  يصون الدستور والقوانين.
وصرح الأستاذ مسعود البرازاني رئيس إقليم كردستان إنه لن يحضر مؤتمر القادة السياسيين لتدارس الأزمة الحادة والخطيرة التي يمر بها العراق,  إن عقد هذا المؤتمر في بغداد. وما كان هذا إلا بالتشاور والتنسيق مع  السيد جلال طالباني رئيس الجمهمرية طبعا. وكأنهما يتقمصان دور وصيف وبغا.  فأي إستهانة أكبر من هذه بالعراقيين؟ واي طعنة  نجلاء أمض من هذه الطعنة؟ فهل أصبحت السليمانية أو أربيل عاصمة للعراق بدل بغداد؟ وهل من تصغيير للعراق وشعبه أكبر من ذلك؟ والله لو دعيّ البارزاني لحضورمؤتمر في تل أبيب لهش وبش وما تأخر. ولكن لا يحضر في بغداد التي منحته إقليما شبه مستقل وسلطة على بقية العراق وتحكم في إرادته.
إن الأخوة الكورد كما يبدو يريدون أن يبق مقود العراق وزمامه بيد وصيف وبغا,لتحقيق مآرب وطموحات لا يبررها عقل ولا منطق ولا حسن عشرة وأخوة.فهم يعتقدون و مخطئون إن بغداد والعراق يحكم بأسلوب المستعين الضعيف المستسلم,وفات عن ذكائهم وخانتهم فطنتهم ونسوا ما لشعب العراق من مواقف حين يجد الجد.فعندها سيرمي الجميع عباءة التسامح والكرم الغير مبرر ويصبح عندها  مبدأحقي وحقك هو الميزان.وعندئذ هم الخاسون.
إن كل تصرفات الكورد التعسفية ضد إخوتهم عرب العراق ليست بصالح الكرد أبدا. فهيّ تعطي درسا للشعوب والدول المجاورة التي تتواجد فيها أقلية كوردية. وستتحسب هذه الشعوب لذلك. وتتنبه هذه الشعوب لمخاطر الطموحات غير المشروعة للكرد. وفي هذا تعطيل وضرر بالقضية الكوردية.
 فمن تسبب في ضياع هيبة العراق والعراقيين حتى أصبحت الكلمة النافذة لأخوتنا الكورد ؟ فيفرضون على شعب العراق ما ليس لهم به من حق.ومن أعطاهم الكلمة العليا ؟ ومن جعلنا تابعا ذليلا للسيدين جلال طالباني ومسعود بارزاني؟
إنهم الساسة الذين فضلوا المحاصصة, ولو على حساب العراق من أجل السلطة. فتنازلوا لأخوتنا الكرد عن ما ليس لهم به من حقوق.
اقول نعم أخوتنا الكرد حيث لم ولن نسمح بغير ذلك. إلا إن أرادوا هم ذلك. نحن وإياهم يكمل بعضنا البعض .لكن بإحترام للأغلبية العربية, وللعيش بمحبة طيلة قرون.العراقيون مع كامل الحقوق القومية للأخوة الكرد والتركمان وكل القوميات المتآخية في العراق. ولكن ليس على حساب كرامة العرب العراقيين و دماء الشهداء والمغيبين.إن التسامح بإهدار دم العراقيين من أي جهة ومن أي فرد مهما كان منصبه وصفته لا يقبله ضميرولاوجدان. وإن التستر على ذلك ما هوإلا ضرب من ضروب خيانة الأمانة ,وتستر ومشاركة في الجريمة وتشجيع عليها .
 لم يحقق الأخوة الكرد أي مكسب قومي في أي قطر آخر تواجدوا فيه غير العراق,كما تحقق لهم فيه ,لطيبة ونبل شعب العراق. فهل يستحق العراق منهم هذه الغطرسة والتعالي, والأبتزاز,والأصطفاف مع من قتل العراقيين وسفك دمهم؟ إن سياسة لي الذراع, وإقتناص الفرص التي يسلكها الأخوة الكورد, لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حسابنا نحن عرب العراق, قد توضحت بجلاء و لا تنم عن أي أخوة وشراكة وطنية.
لقد أعطى السيدان الطالباني والبرزاني لهما وللأقليم حجما ودورا كبيرا على حساب العراق ,لا يتناسب وحجمهما وحجم الأقليم وإستحقاقاته الوطنية,وتصرفا وكأنهما سادة العراق وأولي أمره. وإزدريا غالبية الشعب العراقي وشرائحه الهامة بشكل مزري ومهين.
فهل يريد السيدان جلال الطالباني ومسعود البارازاني إعادة تجربة وصيف وبغا للعراق.ومن أهّلهما لها؟؟وهل نحن في زمن المستعين؟ وهل هناك مستعين في بغداد اليوم؟ أنا لا أعتقد ذلك رغم كل ما يجري ويحدث.فعند اللزوم سيرون الوجه الآخر للعراقيين.
الشعب العراقي ينتظر من القضاء أن يثبت إستقلاليته التي كفلها الدستورويبرهن على  نزاهته وعدالته وينزل القصاص العادل بكل مجرم .وفتح كل الملفات المخفية .
الشعب ينتظر من القضاء مساءلة السيدين الطالباني والمالكي عن سبب إخفاء ملف جريمة سنين طوال, ومسائلة السيد الطالباني عن إخفاءه شخصا مطلوبا للعدالة ,وعلى المدعي العام العراقي تبني هذا الأمر قضائيا.ولا بأس لا بل من الحكمة إشراك محققين دوليين بهذه المسائل الخطيرة,درءا للفتنة وليطمئن الجميع على سلامة الأجراءات القانونية وعدالتها.
لن يقتنع العراقيون بعد اليوم في مسألة هدر دمهم وزعزعة أمنهم, بحلول مسرحية وتباوس لحى بين فرقاء السياسة وتجارها.ولن يقنعهم إلا القصاص العادل.ولقد قال رب العرش العظيم:
وقفوهم إنهم مسئولون,ما لكم لا تناصرون.
نحن لا نعتب على السيدين الطالبني والبرزاني ولا على الأخوة الكرد. فلقد تحسسوا ما أوقعنا فيه ساستنا من ضعف وتمزق, أدى الى المهانة. بفعل ساسة عيونهم على دول جوار تدفعهم للولاء, لتركيا, أو السعودية, أو إيران, لا للعراق. وتسييسهم الدين وتغذية الطائفية. مما تسبب في ضعف الدولة ,وتعطل نموها وزيادة الفقر فيها, وتفشي الفساد في مفاصلها ,وزيادة عدد العاطلين من شبابها.ولكن ليثق الجميع إن هذا العهد لن يطول ,حتى يشمر الشعب عن السواعد. وينهض شبابه لتصحيح المسار. فما عاد الزمن زمن وصيف وبغا.وماعاد من يحكم بغداد كالمستعين الضعيف المستكين.
لم يفت الوقت بعد فالفرصة سانحة ,ومهيأة لساسة البلد لتصحيح الأمور,والتوبة, وإعلان الأقليم العربي العراقي في الخمسة عشر محافظة المتبقية من العراق, عدا إقليم كردستان. وبهذا يغلق وللأبد باب الطائفية وشروره وتتأكد اللحمة بين الشعب الواحد. ويعرف الأخوة الكرد إن الله حق. فإما أن يبقوا مع العراق والعراقيين. أو يتجهوا الى إعلان دولتهم التي يروج لها الأستاذ مسعود البرازاني  وغيره من قادة الكرد.ويريحوا ويستريحوا .ويدعوا العراق العربي يبني نفسه.
وعند إعلان الأقليم العربي ستتلاشى دعوة تقسيم العراق الى أقاليم عدة.و ستخرس الألسن التي تتهم الشيعة بإنتمائهم الغير عروبي. سواء في العراق أو البحرين أو الأحساء والقطيف وسائر بلاد العرب .وسيعرف العامة والخاصة إن الشيعة عرب يأتمون بأئمة عرب هاشميين عدنانيين.وإعتنقوا الأسلام دينا ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.
وإن إقتضى الأمر فآخر العلاج الكي. وهو أن يعلن الأقليم العربي في العراق فك الأرتباط ولو من جانب واحد مع إقليم كردستان. لنتجه للبناء والتعمير. وإنفاق الأموال التي يجنيها إقليم كردستان من نفط البصرة على جياع البصرة والعاطلين على العمل فيها ,لا على من يريد بنا السوء.
نحن شعب لم يعرف يوما التعصب الديني, ولا الطائفي, ولا العرقي. نؤمن بالله, وما وهبه للبشر من حق بالحياة الكريمة. وهذا الذي تعلمناه من العروبة والأسلام.وستنجلي هذه الغمة ,وتتضح الصورة التي شوهها ووضع الغمامة عليها جهل ساسة, وقصر نظرهم. ولن يطول العهد وسيحتل عرب العراق موقعهم الذي يستحقون في أمة العرب والأنسانية.ومن الله التوفيق.
[email protected]