18 ديسمبر، 2024 8:54 م

ما أجمل أن ترى البصرة بعين الآخـر ، يصفها بعروس تزينت بكل آيات الجمال فأصبحت غرة المدن أولها وأكرمها ، وقرة العين الذي يرضي ويُسـر .
أم الترحيب ، أهل البصرة بنور الكرم يستقبلون وبحلاوة لسان النبوة ينطقون، البصرة للعرب جامعة وللعراق مانحة وللتقدم طامحة وللشر رادعة و مانعة .
بصرتنا بصرة النفط والغاز والميناء والصحراء والهضاب ،بصرتنا أبو الخصيب السياب وبالقرنة تعانق دجلة الفرات فأنجـبـا شط العرب ، والفاو منارة النخيل والحناء، والزبير حيث المآذن تعلو كل مكان ، وسفوان التي قال عنها أبو نواس :
يا حَبَّذا سَفوانُ مِن مُتَرَبَّعٍ وَلَرُبَّما جَمَعَ الهَوى سَفوانُ
وأم قصر ،والعشار شاهد وبيان …
في كل حي أو مدينة من مدنها تأريخ يمتد ُ إلى قرون وقصص وحكايات تبدأ بأعلام وشخوص وأدباء وشعراء تصدرت أسماؤهم بطون أمهات الأدب والمعرفة ، و من كان مسقط رأسه البصرة رفع رأسه بكل فخر واعتزاز ! فكيف بمن رفع اسمها شاعراً أو عالماً أو مفكراً ، من أقام فيها أو عاش انتسب إليها محبة وعرفاناً ؛ هي الحياة بحلوها ، هي الدنيا بزهوها …
كل البلدان غربة الا البصرة وطن ، والعراق بلد النهرين ووحدها البصرة خليج.
البصرة جوهرة الخليج ، عندما تعيش في مدينة هي مضرب مثل ؛ بالكرم والطيبة فهذا يستدعي الفرح والفخر في آن واحد…
إنّها البصرة بيت العلم والأدب وديوان المعرفة والشعر يقول عنها ابن بطوطة قبل سبعة قرون :
(وأهل البصرة لهم مكارم أخلاق، وإيناس للغريب، والقيام بحقه، فلا يستوحش بينهم غريب)
وذكر ياقوت الحموي :
أنّ شاعراً وصف أهل البصرة بالبخل فوصفه الناس بالكذاب !
كل الأشياء تُـمل وتنتهي ! ألذ وأشهى الطعام ، أفخر الثياب وحريرها ، الأزمان وأوقاتها ، الا الكرم قليله نافع لصاحبه ، وكثيره رافع للمرء ولجماعته ووطنه . وأثره يبقى مدى الدهر.
ما من كلمة ألطف ولا أجمل من كلمة الكرم . السخاء من مكارم الأخلاق كما الكلمة الطيبة صدقة ( حبوبي ، عمي ، على راسي، عمري، خويه )
المدن لا تموت وان جار عليها الزمن
يقول الشاعر حتى لو كان بالبصرة موت فأهلها يبتسمون !
والله لو ماج فينا الموت أجمعه ُ فلن تُكدر وجهَ البصرة الظلم ُ
البصرة تشع بالحياة كما هي في سالف الأزمان وأهلها مضرب الأمثال بالكرم والأيثار.
بصرتنا بصرة فرح ،بصرة الخير والمحبة ، بصرة الجاحظ والفراهيدي ، بصرة الشعر والفكر. مدينة المدائن ، أقول فيها بيتا ً من الشعر :
أيها السائلُ عن بصرتنا أي ُ شعرٍ يحتوي كلَ النِعم

بصرة الشناشيل و الخشابة والفن والموسيقى ، بصرة التحضر والتاريخ ، بصرة الكنائس والمساجد والمعابد، رئة العراق وقلبه النابض بالحياة ، لؤلؤة الخليج ، مقصدُ كل عابر سبيل و موطن ُ كل لاجئ وفقير ، أهلها أغنياء وأن فُقروا ، أوفياء وأن غدر بهم الزمان ، وهم مرسى الطيبة ومرفئ الخير والعطاء .
عنوان أجدادهم الأوائل الحضارة ، وصفة أولادها وأحفادها النخوة والشهامة.إنْ سألوا أهل الخليج عنها أجابوا ” الحياة بصرة ” وإذا تكلموا عن غنى العراق أشاروا إلى البصرة ، في ساحلها تعددت الأقوام من كل العالم ، وفي صحرائها تجد البداوة والأصالة . يقول الشاعر:
وما البصرةُ الفيحاءُ الا إبتسامة
معطرةٌ نشوانةٌ في فــم ِ الـدهـر