الانسان عنصر مهم في هذه المنظومة العظيمة التي خلقها الله تعالى والتي تسمى الخلق والتي ارتبطت مع بعضها اوثق ارتباط لتصنع الحياة على هذا الكوكب ولعله من اشرفها واقدسها ، لما حباه الله من نعمة العقل والتفكير ولابد لهذا المخلوق بحكمه عاقلا ان يتعاهد نفسه بالحفظ والصيانة والمسح المستمر لجميع فقرات حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية العقدية وهذه الاخيرة من اهمها لما يترتب عليها من نجاح الفقرات الاخرى ولارتباطها بها ارتباطا قويا كونها تنطلق منها اي انه الممر الذي تمر منه الحياة .
لابد للانسان من معتقد حتى ان اجدادنا القدماء كانوا يعبدون اشياء ويعتقدون بها لان الانسان يشعر بالنقص والضعف اذا لم يؤمن بشئ غيبي يستمد منه القوة والاندفاع في الحياة فالى وقتنا هذا يعبدون الحيوانات الضعيفة ويعتقدون انها مصدر القوة والحياة كما هم عباد البقر والفئران في الهند وغيرها .
الكلام هنا حول ذلك الانسان الذي يعتقد بدين ، واله يضر وينفع ، ويحي ويميت ، وانه هو منبع القوة ، والقدرة ، والتوفيق ، والنجاح وهو الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء الذي يعرف كل شئ عن خلقه الصامت والناطق . هذا الانسان المؤمن باله يسمع ويرى يجب ان يكون حذرا كل الحذر لذلك اكد الاسلام على ضرورة الايمان والاعتقاد بالمراقبة الالهية والشعور بانه في محضر الله تعالى شانه .
لابد للانسان من مراقبة مستمره ومسح دوري لمجريات حياته ليكتشف الضعف الذي يصيبه ويسرع لمعالجته والتخلص منه والا سيكون له اثر سلبي وخيم على المخرون الايماني الذي بذل الجهد والتعب في تكوينه والحصول عليه من مخالفة الهوى والصلاة ، وقراءة القرآن والدعاء ، وصلاة الليل ، والمعاناة من السلطة الظالمة ، والتعذيب في السجون وغيرها ونتيجة لهذه المخاضات والالام تولد عنده هذا الخزين والرصيد الايماني الكبير .
ان هذا الوهن الذي يصيب الانسان في معتقده والذي ينبغي ان يسارع في التخلص منه كالجرثومة التي تدخل الجسد فيمضي في قتلها واخراجها والا استفحلت وقوت لتولد المرض الذي يقضي عليه ، ولكن تبقى نقطة مهمه وهي كيفية الحفاظ على هذا الايمان ، والعقيدة قوية ويستفيد منها في اصلاح نفسه والمجتمع ، وانقاذه من الضياع والدمار الناتج من جهل الناس وضعفهم الديني ووهن ارتباطهم بالله تعالى .
من الممكن لجرح بسيط مهمل ان يتلوث ويسبب مشكلة كبيرة للفرد ربما يلاقي فيها حتفه ، ان هذا الجرح البسيط الذي ادى الى نتائج فادحة ومؤذية في الجسم كتلك الثغرات الموجودة في هيكل المنظومة الايمانية والتي اهملت عن قصد او من غير قصد تؤدي للاضرار بعقيدة الانسان ضعفا ووهنا فلابد له من معالجتها وازالتها من البين فبقايا النفاق ، والكذب ، والغش ، وحب السلطة ، والمنصب ، والحسد التي لم تنظف من الروح ولم تنقّى منها الاخلاق قد تكون منفذا ليتسرب منها الايمان وقوة العقيدة من حيث يشعر او لا يشعر
الانسان ليضعف او ينفد واذا به خائر القوى يهتز من اول وهلة لهجوم المغريات التي تحاول نزعه عن دينه ومعتقدة وما آمن به طوال هذه المدة المديدة فيهوى ساقطا تحت ضرباتها وتكون نقطة الضعف هذه مكانا لدخول الشيطان وتسلله ليدمر ويحطم ويحرق الايمان .
اذن لابد من عملية فحص دائمية للعقيدة ومسح مستمر للتاكد من سلامتها من الاضرار ومن اي عارض مشين وقد اشار امامنا الكاظم عليه السلام الى هذه الحقيقة عندما قال : ( ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم فان عمل خيرا استزاد الله منه وحمد الله عليه ، وان عمل شرا استغفر الله وتاب اليه ) اي انه لاينتمي الينا وان ادعائه لحبنا كذبا وافتراء ذاك الذي لم يحاسب نفسه ولم يفحص اعماله وسلوكه ويتفقد حساباته ويعيدها ، لما لهذا العمل من اهمية بالغة لاصلاح النفس ، قال عليه السلام ( ليس منا ) لجلب الانتباه ولفت النظر بقوة الى هذه النقطة المهمة والمفصلية في الحياة لتجعله يعيش في اعلى مراتب التربية ، عملية المحاسبة هذه هي المسح والفحص اليومي لاعماله وسلوكه ليثبت الصالح منها ويطرد الطالح الفاسد لينقي اعماله كما ينقي احدنا طعامه من الزِّوان ويرفع الحصى من القمح وما هذه السقطات التي مر بها الانسان والأنكفاءات الا لعدم كفاية المسح والفحص الدوري لما يؤمن به ، فمجرد وجود خلية سرطانية في جسم الانسان يؤدي الى تكاثرها اذا لم نتخلص منها فورا فلها القابلية على الانتشار والتكاثر كما ان بقايا الخلال السيئة والصفات الخبيثة لاتموت وتنمو من جديد وتقوى وتنتشر في منظومة الايمان وتلف اذرعها لتخنقها كاذرع الاخطبوط عندما تلتف على الفريسة فهذا الصراع بين الانسان والشيطان موجود منذ ان خلق الله ابانا آدم وقتل قابيل هابيل .
اذا لم تتم عملية الصيانة بصورة صحيحة ومنظمة فربما تغفل عن حفرة او وهدة كانت موجودة لربما يسقط فيها صاحبها ، او تكون هناك نقطة ضعف لم تسقط في مساحة الكشف الدوري وفاتت على المهندس وسببت فشلا في بناء الانسان الصحيح ان التشخيص الخاطئ للمرض من قبل الطبيب او فشله يؤدي الى تفاقم الحالة سوء وبالتالي يفقد حياته .
ان وجود فرجة او ثغرة صغيرة قد تكون مسربا لدخول الضرر الى الانسان وقد قال المعصوم عليه السلام ان ابليس رضي منكم بالمحقرات من الذنوب اي الذنوب الصغيرة التي لم يهتم بها صاحبها اصلاحا فانها تنمو اليس الاصرار على الصغيرة تستحيل الى كبيرة عندها تقع الطامة الكبرى فهذه المحقرات هي ضمان لابليس بان هؤلاء وقعوا او سيقعون في فخه وانه اصطادهم وتمكن منهم وتاكد من وجود الارضية والتهيؤ عندهم للانجراف نحوه وان يكونوا من حزبه .
ان المهندس الماهر الذكي هو الذي يفحص الارض ويتاكد من قابليتها على تحمل البناء والاّ فينهدم من اول هبة ريح ، والصدع الصغير الموجود في ذلك السد سيؤدي الى وقوع كارثة عظيمه اذا لم يصلح وسيتحطم السد وتغرق معالم الاعمار ، فعلى المؤمن ان ينتبه الى كل صدع يحدث في سده وصرحه الايماني وان لا يهمله ويسعى الى اصلاحه ولعل من ابرز نقاط الاختبار واصعبها هو السلطة ولمعانها وزهوها وانها مجال من مجالات الامتحان المهمة في الحياة ومضمار اختبار الرجال الذين يدّعون الدين والخوف من الله والعقاب
حيث جاء في كلام امير المؤمنين عليه السلام : ( الولايات مضامير الرجال ) ان حب السلطة والرئاسة اكبر واصعب تحدي يواجهه الانسان وانها كالنار التي تختبر حقيقة الذهب ان كان خالصا او مغشوشا فحبهما هو الوحش الكاسر فعلينا ان نبتعد عنه او نقترب ونتعامل معه بحذر خوف ان ينهش ايماننا بانيابه او يمزقه بمخالبه .
وبعد هذا فلابد من هزة دنيوية لاختبار مدى صحة الايمان اما بالصعود الى الاعلى او بالنزول الى اسفل فهذا يوسف الذي صعد الى الاعلى ونجح وهذا ايوب الذي سلبه الله حتى صحته وقدرته على الحراك ونجح ، فالحصيف النبيه ان لا يخضع لضغط المغريات الخارجي على الايمان الداخلي فيحطمه بعد لاي وتعب .