حدث الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 ، وقد انهى حقبة من الظلم والاستبداد، وكان الشعب متفائلاً ازاء القيادات الجديدة المطروحة على الساحة السياسية، لم يظهر الخلاف في البداية وبدت العملية السياسية تسير بشكل سلس، مع بعض الاحتقان لوجود القوات الامريكية، ظهرت الخلافات فيما بعد الا انها ضمن نطاق محدود وتتلاشا بالاستمرار بسبب تدخل الامريكان بالامر.
كنا ننظر الى الشعوب بعين الحسد لانها تتمتع بالسيادة الكاملة وبلدنا تحت الاحتلال، ونتساءل هل سيكون من بين هؤلاء السياسيين قائد يقودنا الى تحقيق السيادة الكاملة؟ وهل سيحقق العراق تقدم في مختلف المجالات ويلحق بدول العالم بعد ذلك ؟
حقيقةً كنا ننتظر بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق الكثير، ونتأمل خيراً ، وما ان خرجت القوات الامريكية حتى اصبحت القوى السياسية على طرفي نقيض، وعصفت الخلافات بالعلاقات وقوضت اركان العملية السياسية، وتقوض معها الملف الامني، وفتح الباب واسعاً للتدخلات الاقليمية بالعراق، فتصاعدت وتيرة العنف وهدرة دماء العراقيين البسطاء .
في كل مرة كان هناك بصيص أمل، الا ان التأثيرات الداخلية والخارجية اكبر وصولاً الى مرحلة الاصطفاف الطائفي خلف الاصطفاف السياسي، فكان الصوت المدوي في العمق العراقي بالدعوة الى الحوار وبعث رسالة اصمئنان للشعب العراقي بجمع الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة في الاجتماع الرمزي لقادة العراق، لم يستطيع احد ان يرفض هذه الدعوة، لان سماحة الحكيم يمثل التيار المعتدل والمقبول من قبل الجميع، لانه مصدر ثقة وأمان، كيف لا وهو ابن المرجعية الرشيدة وانتهل العلم من بيت الحكمة والتقى، اما انه يذكرني بقول الامام السجاد عليه السلام ( أعطينا ستاً وفضلنا بسبع، اعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين……الخ)، فكلمة حق انك تستحق الثناء الجميل وخلف الله عليك .
ان العراق لما يمتلكه من موقع وارث تاريخي كبير يؤهله لان يكون المؤثر الاكبر في المنقطه، وان لا تكون لديه ردود افعال لحدث معين وانما هو الفعل، من هنا حقيقةً تسعى بعض البلدان المجاورة ان تملىء الفراغ الذي خلفه العراق على الساحة العربية والدولية، فلابد من عودة الى وضعه الطبيعي ودوره الريادي، لايقاف مؤامرة القوى الاقليمية في اللعب باوراق المنطقة والعبث بأمن الشعوب، ولا يتحقق ذلك ولا يستطيع العراق من البروز خارجياً ما لم يكن موهيئ داخلياً وقد تماسكة جميع مكوناته، وحقق الهدوء والاستقرار .
ان العملية السياسية بحاجة الى مواقف ومواقف لترميم ما تصدع منها، واستثمارها لتقريب وجهات النظر وتجاوز الخلافات، فالشعوب لا تبني بالحروب والدمار وانما بالعمل الجاد بروح الفريق الواحد وبالاستقرار والتفاهم والتسامح بين مكونات المجتمع، مما يوفر مساحة كافية للبناء وقطع الطريق على المفسدين والمخربين ويغلق الابواب بوجه جميع التدخلات الخارجية .