22 ديسمبر، 2024 8:13 م

خلفيات انتماء بعض الشباب الشيعي إلى جماعات إسلامية سنية

خلفيات انتماء بعض الشباب الشيعي إلى جماعات إسلامية سنية

ظاهرة انتماء بعض الشباب الشيعة لجماعة الاخوان المسلمين (السنية) وحزب التحرير (السني) خلال عقد الخمسينات من القرن الماضي؛ أمثال: محمد هادي السبيتي و الدكتور جابر العطا والشيخ عارف البصري و مهدي السبيتي و الشيخ نجم السهيل ؛ تقف وراءها مجموعة عوامل مركبة ومترابطة؛ أهمها:
١- لم يكن هؤلاء الشباب ـ الذين انضموا فيما بعد لحزب الدعوة الإسلامية (الشيعي) ـ الوحيدين الذين انتموا الى جماعة اسلامية غير شيعية؛ بل كثيرون جداً غيرهم، وبعضهم من أبناء الإجتماع الديني النجفي. فضلاً عن انتماء كثير من أبناء الأسر العلمية الدينية الشيعية الى الحزب الشيوعي وحزب البعث والتيار الناصري.
٢- كان الشباب الشيعي المنتمي الى جماعة الإخوان وحزب التحرير في مطلع شبابهم، اي صغارا في السن وغير مكتملي الخبرة، فبعضهم لم يكن قد بلغ العشرين عاما وبعضهم في العشرينات. فالاندفاع غير المتثبت لدى هؤلاء – إذن- يرتبط بعامل العمر غالباً.
٣- لم يكن في الساحة العراقية تنظيمات شيعية تلبي طموح الشاب الشيعي الفاعل المتحمس. فكان كلٌّ منهم يجد ضالته في الحزب الشيوعي والاحزاب القومية وحزب التحرير والاخوان المسلمين؛ حسب ميوله الفكرية والنفسية.
ولذلك نرى أن المتدينين الشيعة المنتمين الى جماعة الإخوان وحزب التحرير تركوا التنظيمين بمجرد معرفتهم بوجود حزب اسلامي شيعي ( حزب الدعوة)؛ فانتموا اليه فورا؛ تاركين وراء ظهورهم التنظيمات الاسلامية غير الشيعية الى غير رجعة. ولكن ظل بعض المتدينين الشيعة على ارتباطهم بجماعة الإخوان وحزب التحرير، ولم ينتموا الى حزب الدعوة؛ كالشيخ سميح عاطف الزين؛ الذي بقي في قيادة حزب التحرير حتى وفاته.
٤- لم تكن أدبيات جماعة الإخوان وحزب التحرير تطرح حينها أفكاراُ أو منهجيات طائفية؛ بل كان فكرها ـ غالباً ـ إسلامياً توعوياً نهضوياً عصرياً يجتذب الشاب المتدين المتحمس، وكثير من هذا الفكر كان امتداداً لفكر السيد جمال الدين الافغاني ( الشيعي) وتلاميذه. ولذلك لم يكن الشاب الشيعي يرى مشكلة مذهبية (عقيدية او فقهية ) في انتمائه للاخوان والتحرير. وبالتالي لايمكن إسقاط الواقع الطائفي للجماعات الإسلامية السنية الحالي على أدائها قبل سبعين أو ستين عاماً؛ ثم نحاسب الشباب الشيعي الذي انتمى بضعة أشهر أو بضعة سنين لجماعة الإخوان ولحزب التحرير؛ على أساس ما وصلت اليه هذه الجماعات الآن.
٥- لم يكن الموضوع الطائفي فاقعاً في الساحة الدينية والاجتماعية قبل سبعين أو ستين عاماً؛ أو تحديداً قبل تبلور الإصطفاف الطائفي السياسي في جمهورية عبد السلام عارف، أو كما حدث بعد ثورة الإمام الخميني في ايران، أو كما تفجّر بعد الصدمة العراقية في العام ٢٠٠٣؛ التي أسقطت 1350 عاماً من التاريخ العنصري الطائفي. ولذلك كانت هناك صداقات وتنسيق وتعاون بين جماعة الإخوان وحزب التحرير من جهة، وكثير من علماء الشيعة في العراق ولبنان وايران من جهة اخرى.
وبالتالي؛ لم تكن هناك اصطفافات طائفية في الساحة الاجتماعية والدينية العراقية خلال خمسينات القرن الماضي؛ من شأنها الحؤول نفسياً أو اجتماعياُ دون دخول الشباب الشيعي في جماعة الإخوان وحزب التحرير.
وبناءً على العوامل المتداخلة المترابطة أعلاه؛ لا أعتقد أن في الموضوع مثلبة أو علامة سلبية في تاريخ الشاب الشيعي الذي انتمى يوماً لجماعات اسلامية غير شيعية؛ ولاسيما الذين تبرؤا منها فيما بعد و أصبحوا رموزاً في الساحة الإسلامية الشيعية؛ كالشهيد محمد هادي السبيتي والشهيد الشيخ عارف البصري والدكتور جابر العطا وآخرين.