23 ديسمبر، 2024 12:08 ص

خلطة سحرية لعشاء النمور

خلطة سحرية لعشاء النمور

أنزل الشاعر الفرنسي ارثر رامبو بنادقه التي يتاجر بها من على ظهر قافلة الحمير التي اتت من ميناء عدن وعرضها امام رئيس قبيلة افريقية في غابات الحبشة . وقبل ان يتفحصها ، قال لرامبو : أيها اليانكي اريد منك خلطة سحرية تجعل النمور تهدأ عندما تتناول عشائها ، فهي تبقى ثائرة واخاف منها أن تأكلنا ونحن نيام ؟
ضحك رامبو وقال : البنادق لن تنفع لانكم ستنامون . عليك ان تعلم عرافوك كتابة الشعر ، وحين تسمعه تهدأ .
ضحك حاكم القبيلة وقال : اذن لانحتاج بنادقك ، وعلم العرافيين كتابة القصيدة ولتكن هذه الخلطة السحرية مروضة لنموري .
ويبدو ان رامبو غضب في داخله ، فعلم العرافيين تلاوة الشعر المستفز وبخلطة متمردة جعلت العرافيين يتحولون الى نمور ، ويأتون على حاكمهم في الليل يقتلوه ويضاجعون نساءه .
الثمن الذي قبضه الشاعر من هذه الخلطة السحرية ، انه جعل العرافيين يشترون بنادقه وبها تم اعدام جميع النمور…
يوم صعد الكنكرين الى قدم الشاعر الشاب وقُطعت قدمه ووصلت اليه المنية ، اقترب منه راع الكنيسة من اجل اخر اعتراف له ، فطلب منه شيئا ليتلوه وتنال روحه الهدوء .
فقال رامبو :لاينفع الاستغفار والتوبة ، لقد فعلت كل شيء بالخديعة حتى اني قتلت نمورهم بوصفة سحرية اسمه الشعر.
هذه قصة متخيلة من فنتازيا حياة النمور ، لم يعشها رامبو اصلا انما هو متخيل لحكاية اريد فيها أن اشاهد نهاية النمور التي نقدم الى موائدها افخر انواع الاكل ، ولكنها تبقى مزمجرة غير راضية وتريد أن تلتهم حتى احلامنا ونحن نغط في نوم لننتظر فيها صباحات نتحاشى فيها النظر الى تلك النمور المنفلتة في شوارع حياتنا ، بعضها يجلس على كرسي ،وبعضه يرتدي رتبة جنرال ، وآخر يتحكم بسير الكهرباء في الاسلاك ، واخر لايهمه تخليصنا من الازبال بل يهمه مقاسمة المقاولين ربحهم ويسمونه في لهجة سكان القبائل الطوطمية قي افريقيا ( مدير البلدية ).
ومهما يكن شكل هذه النمور من ورق او لحم ودم او مطاطية فهي في شكلها وهي تتعشى وتتغدى بنا تمتلك انياباً حادة وتفترس حتى لو كانت مصنوعة من ورق المقوى ، فهي في عشاءها تأكل اللحلم والدولار كمن يخلط المرقة بالتمن.
فأذا كانت خلطة النمور الافريقية تعليم العرافيين الشعر . فأننا في هذا العصر نفتقد الى العرافيين القادرين على السيطرة على النمر بقصيدة رامبوية ، فلقد انقرضوا ، فحتى عراف هذا العصر الذي يسمونه ابو علي الشيباني الذي يبيع مئة غرام من البابنك مخلوط بالحبة السودة وعرق السوس مع حليب النيدو المجفف على انه خلطة سحرية تشفي من السرطان والامراض العصية يبيعها بعشرة الاف دولار ، فأن هذا الدكتور العراف متحالف مع تلك النمور على طريقة لا أؤذيك ولا تؤذيني .
وهكذا لم تعد خلطة ارثر رامبو السحرية تنفع مع نمور العولمة . وعليه فأن الجزع باقٍ  فينا بسبب  غياب الحلول واحلامنا في تهدأت النمور لتستكن وتعود مياه البطاقة التمونية الى مجاريها من دون شاي مغشوش ورز فاسد ،
مات رامبو في القرن التاسع عشر . ونحن اليوم في القرن الحادي والعشرين . والنمور هي النمور ، الذي تغير فيها أنها لم تعد تطلى عليها خدع التلاوة الشعرية لتنسى جوعها وغضبها .
انها اليوم قررت اغلاق كل قنوات روتانا في بيوتها كي لاتسود فيها شهية الاغاني والاشعار وسحر أم كلثوم في ترويض النمور وتحوليها الى كائن هاديء وعاشق.!