22 ديسمبر، 2024 11:25 م

خلاف على معركة الفلوجة طفا للسطح

خلاف على معركة الفلوجة طفا للسطح

المعارك التي تخوضها البلدان ولاسيما العادلة منها يشترط الانتصار الناجز فيها وجود وحدة سياسية في حدها الادنى بشأن الاهداف الاستراتيجية المتوخاة منها، وتقتضي الضرورة ايضاً، الوحدة بين الاجهزة العسكرية التي تخوض هذه المعارك والتنسيق بين صنوفها, وحتى اذا تحقق الانتصار من دونها، فانه سيكون بثمن باهظ او دفع اكثر مما هو متوقع ومعقول.
والاخطر من ذلك ، ان الانقسام والصراع بين الاجهزة العسكرية سيؤدي الى تصدع الحالة السياسية ووقوع البلاد في خلافات مؤذية ومدمرة وبالتالي انقسام المجتمع على نفسه.
عندما اعلنت الحكومة خطتها لتحرير الفلوجة استبشر الناس خيراً بتقسيم المهمات بين الجيش والشرطة الاتحادية والمحلية والحشد الشعبي وابناء العشائر وكان موضع ارتياح كبير بعد جولة من النقاشات بشأن مشاركة هذه الاطراف.
اليوم ، الواضح ان هذا التقسيم لم يكن وليد القناعة ، والتنافس لنيل شرف الاسهام في تحرير ابناء شعبنا من الارهاب موضوع تقدير ولكن ظروف البلاد واوضاعها السياسية وما حل بها منذ التغيير ومحاولات اثارة الفتنة والمخاوف من اندفاعة بعضهم وطائفية مجموعات منهم هي التي ادت الى هذا الواقع في ايكال المهمات على الارض طبقا للقلق الذي صدر عن بعضهم والمخاوف التي تلبسته لها ما يسوغها فقد كانت هناك تصريحات متشنجة وتضمر روح الانتقام وتتحين الفرص للبطش وهذا ما تلمسته المرجعية الدينية واحتاطت له الحكومة وبتأييد وتحذير دولي، كي لا تقع بالمحذور، كما ان قادة الحشد الفاعلين والمؤثرين على ارض المعركة ساندوا ذلك وخففوا منه ، وان وضعوا شروطاً لذلك.
ولكن الخلاف طغى الى السطح مع التقدم الذي تحرزه القوات العسكرية الوطنية وانجاز المهمات الموكلة الى كل جهة منها، واطلقت تصريحات خطيرة، لا يجوز ان تقال خصوصاً انها تصدر من جهات يفترض انها ملتزمة بالانضباط العسكري وتعد نفسها جزءاً من المؤسسة العسكرية التي لا نقاش فيها مثل ما يجري في الحياة السياسية، وهي تقدس الاوامر وغير معنية في تنفيذها لواجباتها بالاليات الديمقراطية في الحياة المدنية.
ان وصف سحب احدى الوحدات المدرعة من الفلوجة بانها خيانة لمعركة الفلوجة في وسائل الاعلام غاية في الخطورة، ويكرس صدق القول بان هذه القوة لا تخضع الى ما تقرره القيادة العامة للقوات المسلحة فضلا عن تخطئة مارسمته من خطة للتحرير يمكن ان يكون هذا القول في داخل القيادة ومع القائد العام، وان اطلاقه على الملأ ومن القنوات الفضائية أضعاف للمعنويات، ما كان له ان يصدر لو ان هذا الطرف وغيره ممن يريد ان ينفذ السياسة الحكومية العامة، وتحديداً خطط القوات المسلحة الوطنية.
ان هذه التصريحات واصرار بعضهم على التغيير في نوعية المهمات المسندة للقوات المشاركة في تحرير الفلوجة من دون وجود معطيات على الارض تتطلب ذلك يعطي المصداقية للذين يتصيدون الاخطاء ويوحي بان هناك اهدافاً مضمرة غير ازاحة سيطرة الارهابيين الدواعش، ولاسيما ان هناك من يشير ويدعي بان انتهاكات طالت العديد من المدنيين بسبب انتمائهم الى مكون معين.
ان جميع الاطراف اذا ارادت تحقيق انتصار سريع على وفق الخطط الموضوعة العسكرية والسياسية ومداواة كوارث الارهاب والشروخ التي احدثها في مجتمعنا عليها ان تزيح الخلافات جانبا بين القوى المقاتلة كي تسهم ايضاً في تنقية الاجواء السياسية ولا تتوفر مادة خصبة لمزيد من الانقسام بين النخب السياسية.