بدءً يجب أنَّ نعرف [أن حياةً بلا مشاكل تكون لشخصٍ بلا حياة]، وهذا الفهم لطبيعة الحياة علينا معرفته جميعاً، فإن رغبت أن تسعد بعلاقاتك قلل خلافاتك، يقول أحد الحكماء: -((إذا أردت أن تصاحب شخصا فاغضِبْهُ فإن أنصفك فصاحبه وإلّا فدعه)) لكننا لو نطبق هذا الرأي اليوم لاختلت معظم علاقات الأخوة والأصحاب والشركاء، فالخلاف أمر طبيعي في أي صحبة أو عمل أو شراكة ولكن إن لم نعالجه فسيتفاقم ويؤدي إلى القطيعة والخصومة وقد يتطور إلى ما لا يتصوره أحد، ويمكن أن نوجز صعوبة الحل بالنقاط التالية: –
1- معظم الشركاء يبدأ عملهم باتفاق مبدئي دون عقد شراكة مفصل فيها كل جزئيات العمل وحتى كيفية حل أي نزاع وطرق إنهاء الشراكة، فالعقد شريعة المتعاقدين. ففي أي إشكال بسيط يبدأ التنافر والخصومة.
2- الثقة المطلقة قبل الشراكة والتخوين الكبير وقد يكون غير المبرر بعد العمل وخصوصا عند بروز أية مشكلة.
3- الكل يقرأ ويستشهد في المجالس ويحدث للأخرين بالآية الكريمة ((والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)) دون تطبيق؛ فلا نكظم غيظا ولا نعفي عن شريك، إما أن نكون من المحسنين فهذا ما لم نره ونسمعه.
4- كل طرف يفكر بحقوقه فقط رغم معرفته المسبقة بقول صاحب الخلق العظيم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). بل وفي أي مشكلة أو خصام يتحقق قوله عن آية المنافق (إذا خاصم فجر)، فلا يبقى للصلحٍ موضع.
5- لا يفكر أحدنا بالتنازل لصاحبه حتى ولو بشيء يسير لديمومة العلاقة والمودة وبذلك نحقق رضا الله وراحة البال وطمأنينة القلب.
6- كل طرف يريد أن يخرج من المشكلة منتصراً ولا يقبل أن تقول له أخطأت هنا أو هناك بحيث يعد نفسه دائما على الحق.
7- التشهير بالطرف الآخر وتأويل الأقوال والأفعال كل على هواه وننسى تلك العلاقة والأخوة السابقة. وقد يكون الحديث والتشهير في كل المجالس ولكل المعارف؛ فتَكْبَر المشكلة ويكثر الخصوم حتى عند من لم تَعنيهم هذه المشكلة.
8- استحالة أو ندرة أن يقوم طرف من أطراف المشكلة بالمبادرة للصلح والتنازل، لديمومة العلاقة واستمرار الشراكة والعمل وبقاء الود والتراحم.
9- إخفاق المحكمين لأنهم يفكروا بإرضاء الطرفين واعتقادهم بأن لا طرف يقبل أن يكون مخطأ.
10- هناك أطراف لا ترضى بالاتفاق ولا بالمحكمين ولا حتى بالقضاء. فتتعقد المشكلة ويصعب الحل.
يقول أحد التجار الأخيار عندما سُئل لماذا ليس لك خصوم مع شركائك على مدى سنين من العمل معهم فأجاب في أي مشكلة مع شريكي كنت أحدث نفسي وأجعلها مكان الطرف الآخر فأرى كم أخطأت بحقه وعندما نأتي للجلوس سوية أحسم أي خلاف بيننا، وهكذا عاش سنين دون خصومة والكل يتذكره بخير.