18 ديسمبر، 2024 9:05 م

خفض القوات الامريكية ومسمار جحا والكاتيوشا

خفض القوات الامريكية ومسمار جحا والكاتيوشا

سبق وأن قدمت بحثا للندوة العلمية السنوية للجيش العربي السوري قبل عقد من الزمن تقريبا ، وكان بعنوان (( الالوية الامريكية الستة ، والأمن القومي العربي)) أثبت فيه خرافة انها باقية لأغراض تدريب الجيش العراقي ، وقللت من اهمية بقائها او انسحابها حيث ان الاستعمار غالبا ما يترك مسمارا كمسمار جحا للعودة اليه ، ومسمار الامريكان الذي يجعلهم يعودوا هو نظام سياسي صنعه بريمر بالطريقة التي يشاء هو واعوانه من اهل البد ، ودمر الجيش ومؤسسات الدولة ، وفعلا حصل ذلك حيث انهارت القوات المسلحة العراقية في اول مواجهة بسيطة فلجأنا الى الاستعمار مرة اخرى .

ما اوضحته في تلك الندوة ولا ازل مصر عليه هو ان الولايات المتحدة هي اخطبوط ضخم لديه مئات القواعد والاساطيل ومئات الآلاف من الجنود المنتشرين في العالم ، ولو لاحظنا خارطة تلك القوات لرأينا انها عبارة عن شبكة عنكبوتية تسهل لها التدخل في الزمان والمكان المطلوبين مستندة الى امرين اولهما قابلية الحركة العالية والقدرة الهائلة على جمع المعلومات واستخدام الازرار عن بعد بل وحتى القيام بعمليات جراحية فائقة الدقة . هذا فضلا عن وجود حلفاء جاهزين للدعم

عليه ينبغي لنا ان نعرف ان وجود قوات من عدمه داخل البلد الفلاني كان مهما قبل التطور الهائل في الترسانات العسكرية وطريقة اعداد الجيوش وتدريبها أيام ما اضطرت الولايات المتحدة للقتال الشرس مع الفيتناميين ، فالأمر بات اكثر سهولة في ظل المعطيات الجديدة والدليل قدرة الولايات المتحدة على عزل ايران واضعاف اقتصادها بشكل مؤلم دون ان تمتلك جنديا واحدا داخل ايران . بل هي تمكنت من منع دولا كثيرة من التعاطي مع ايران دون ان تمتلك جنديا واحدا في تلك الدول

هنا يمكن القول انه ان بقى جندي امريكي واحد فهو ليس لوحده كما يتخيل البعض بل قد تبحر كل الاساطيل الامريكية لدعمه ونجدته وبوقت قياسي قد لا يصدقه البعض ليس خوفا على الجندي بل على ضياع الهدف الذي لأجله تم وضع هذا الجندي في ذلك البلد ، وإن قتل فسيقتل بدله الكثيرون ،

كيف يكون الأمر اذا وما هو الفرق بين بقاء 3000 جندي او 2500 جندي ، وهل يمكن ان نتوقع ان صواريخ الكاتيوشا التي نطلقها على المنطقة الخضراء مجدية على وفق هذا التحليل خصوصا وإنها لم تصب جنديا امريكيا واحدا بل غالبا ما تقتل عائلة عراقية او طفلة كما حصل مع رشقة الكاتيوشا امس حيث يسقط احد الصواريخ قرب متنزه الزوراء؟؟

حقيقة اريد ان افهم هذه المعادلة … من هي الدولة ؟؟ ومن هي الفصائل المسلحة التي تطلق الكاتيوشا ؟؟ الدولة (بطبقتها السياسية) هي التي جاءت بأمريكا ولست انا فأنا قاتلتها عندما جاءوا بها وبكل مهنية ووطنية بعيدا عن الدهاليز السياسية والحزبية ، ولذلك اجتثني بريمر وحل جيشي ، والكثيرون من الطبقة السياسية هللوا لهذا الأمر وصاروا قادة وزعماء ان كانوا زعماء رسميين او زعماء فصائل مسلحة ولائية او غير ولائية بل ان قسما من زعماء الفصائل المسلحة هم في محور الممانعة وفي البرلمان ولديهم حصة من الوزارات اي هم باتوا من الطبقة السياسية (الدولة) والدولة هي التي استنجدت بالأمريكان كي يخلصونا من داعش والآن يختلفون مع الدولة الى حد استخدام السلاح فكل صاروخ يطلق على المنطقة الخضراء برأيي المتواضع هو يطلق عمليا على الدولة وخططها وتوجهاتها وبرامجها بالاستعاضة .. اليست معادلة عجيبة غريبة ؟؟ طيب اذا افترضنا ان مطلقي الكاتيوشا يفعلون ذلك لنصرة ايران ؟؟ فالدولة هي مع ايران بحلف فوق الاستراتيجي ،او لنبدل التعبير الى (حلف استراتيجي حميم) وهذه الدولة هي الرئة التي تنفست منها ايران وما زالت في ظل ازمة لم تمر بها ايران في تأريخها والسؤال هو : الا تريد ايران ان يبقى العراق رئتها ؟؟ الا تريد لها ان تبقى وقادرة على ان تقدم لها الدعم في صراعها مع الولايات المتحدة ؟؟ ان كانت الاجابة ان ايران قد احرقت سفنها كما فعل طارق بن زياد فإيران حرة في خياراتها .. فنحن لا نريد قتال امريكا بل نريد انقاذ شعبنا منها وأولوياتنا تكمن في قتال الفقر الذي قال عنه الامام علي (ع) (( لوكان رجلا لقاتلته) وليس لقتلته كما يتردد خطأ فالأمام مقاتل وليس بقاتل ونريد ان نقاتل الكافر (الجوع) وحيتان الفساد ونريد تعليم وصحة وغير ذلك الكثير فمعركتنا الحقيقية ستجري في مجالات الاقتصاد واعادة بناء القيم المهدمة نريد ان نقاتل الطائفية بالوطنية .. نريد حروبا ناعمة كالحرب بين الصين والولايات المتحدة ، فبناء ميناء الفاو الواعد يعادل مليار صاروخ يوجه الى امريكا وابنتها المدللة ولن نخسر بها جنديا واحدا وبنفس الوقت سنضعف امريكا وابنتها ..
الإيراني يقاتل لأجل ايران والتركي لأجل تركيا فلنقاتل لأجل العراق .. فهو بلدنا ولا نملك غيره وهو قاربنا الوحيد المهترئ فلنتمسك به ونبنيه ونبحر به صوب المستقبل . اما الشيطان الاكبر فهناك من هو قادر ومتحمس لذلك كالصين وروسيا .. اما نحن فلم يأذن الله لنا بقتال الاقوياء ونحن في اضعف حالاتنا ، والدليل انه جل جلاله لم يأذن لنبيه محمد (ص) بقتال الكفار الا بعد اكثر من عقد من الزمن بعد اقتدار المسلمين وانزل ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)) والحكمة من انه سينصرهم في ذلك الوقت وهو جل جلاله كان قادرا على نصرهم قبل ذلك هو عدم رغبته ان يتوكل عليه عباده توكلا سلبيا كما نفعل كونه القائل ((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ ….)) اذا هناك قوة شاملة اقتصاد – اجتماع- سياسة – ومنها رباط الخيل التي تعني الجيش والسلاح ونحن لا نملك هذه ولا تلك فلنمتلكها ليأذن الله لنا بالقتال وندعوه مخلصين ان يكتب لنا البناء بدل القتال