لماذا هو نزيه إلى هذه الدرجة ! هل من المعقول والمنطقي لغاية اليوم ان لا نستطيع أن نلزم عليه حتى ولو ملف فساد واحد بسيط لغرض المساومة معه على العقود والتوظيف … يعني معقولة حتى لو ملف فساد بالغلط !؟ بعض ما تسرب من احاديث لأشخاص من مكتب رئيس الوزراء السابق (نوري المالكي) قبل ان يقدم السيد علاوي استقالته من منصب وزير الاتصالات لغرض الايقاع به ومساومته !!؟(1)
يوم السبت الأول من شباط 2020 تم تكليف السيد علاوي الشخصية الاكاديمية بتشكيل حكومة جديدة بعد اشهر من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومن خلال انتفاضة الشارع العراقي بوجه حكومة (عادل عبد المهدي) نتيجة انقسام وتشتت واتهامات متبادلة بالعجز الحكومي عن اداء عملها بالوجه الصحيح بين الكتل والأحزاب والتيارات المشاركة بالعملية السياسية !!؟
فرقاء العملية السياسية بدورهم انقسموا فيما بينهم حول تأيد او عدم تأيد حكومة السيد علاوي ,وهذا مفهوم بالنسبة للرأي العام العراقي في وجه الخصوص , نتيجة المساومات على الحقائب الوزارية , وعدم ذهاب الامتيازات المالية والأموال المنهوبة من قبل هؤلاء الى خزينة الدولة , والرفض الاخر اتى مع الاسف من المتظاهرين في ساحات التحرير!؟ لأنهم كانوا يعتقدون انه امتداد لحكومة (عبد المهدي) لذا ارادوا التغير ان يكون شامل بدون أي اثر رجعي له وبمعنى اخر وباللهجة العراقية (شلع قلع ) وليس أن يكون تغير تدريجي ومتسلسل ليكون مفهوم ومنطقي , وهذا هو الاهم في اعتقادنا ,على الاقل كانت حكومة السيد علاوي ستكون دون شك افضل من حكومة (عدنان الزرفي) المكلف الاخر والذي يدور حاليآ في حلقة مفرغة ورحلات مكوكية لغرض ارضاء جميع الكتل والتيارات والأحزاب السياسية ,وحتى وصل به الامر لدرجة ــ التملق إلى الحكومة الايرانية من خلال تصريحه برفع الحصار الاقتصادي نتيجة تفشي فايروس كورنا ــ بدعم ترشيحه وتقديم لهم كافة الامتيازات المادية ,ولغرض فقط حصوله على منصب رئيس الوزراء !!؟ حتى انه مستعد ان يكون مجرد فقط واجهة وصورة حقيقية لمختلف الاحزاب والكتل السياسية وتنفيذ ما يطلبونه منه حرفيآ !!؟ لان عمر تكليف حكومته قصير جدآ!؟ لذا لديه طموح شخصي أن يسجل أسمه في تاريخ الدولة العراقية بأنه شغل منصب رئيس وزراء العراق , وهذا بالنسبة له كافي جدآ وممتاز بل ويفوق خياله ,وهو طموحه السياسي حاليآ لا أكثر ولا أقل !!؟.
لقد ناشد السيد علاوي من خلال تصريحه المتلفز جميع المتظاهرين في ساحات التحرير! بأن يصبروا على تشكيل حكومته وطالبهم في الوقت نفسه ,ومن خلال حديثه التلفزيون متوجهاً إلى الشعب والمتظاهرين المحتجين باللهجة العامية : “الآن أنا موظف عندكم ، وأحمل أمانة كبيرة تجاهكم ,وإذا لم أحقق مطالبكم ، فأنا لا أستحق هذا التكليف” وأضاف كذلك في حديثه بأنه يتعهد لهم :” ببناء دولة المواطنة والمؤسسات دولة العدل والحرية, وبالعمل من أجل تلبية مطالب المحتجين فيما يتعلق بالوظائف والخدمات ومحاربة الفساد المتفشي , وأتعهد بحماية المتظاهرين السلميين وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء وأتعهد بالعمل الحثيث من أجل التهيئة لإجراء انتخابات مبكرة حسب الآليات الدستورية وأتعهد بحماية العراق من أي تدخل خارجي , وإن الانتخابات ستجرى بإشراف مراقبين دوليين”. نحن نتقد بصورة جازمة بأن مثل تلك البيانات المتلفزة والموجهة للشعب العراقي بصورة مباشرة … كان لها التأثير السلبي جدآ على جميع الكتل السياسية المشاركة بالحكومة لأنها تعتبر بان مثل تلك الحكومة ستكون بداية النهاية لنفوذهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الفاسد ونهاية كذلك لعهد سرقت اموال العراقيين عن طريق العقود والصفقات والمناقصات الوهمية في جميع المشاريع الوزارية وبقية مؤسسات الدولة!!؟ لذا رأينا أن السيد علاوي كتب على حسابه في موقع تويتر يوم 25 شباط 2020 بعد أن سربت أليه بعض المؤامرات التي حاكت ضده خلف الابواب المغلقة ما نصه :” وصل إلى مسامعي أن هناك مخططآ لإفشال تمرير الحكومة بسبب عدم القدرة على الاستمرار في السرقات , لان الوزارات ستدار من قبل وزراء مستقلين ونزيهين”.
بعد حالة اليأس والإحباط في تشكيل حكومته , ومحاربته من قبل هؤلاء قدم استقالته من منصب التكليف برئاسة الوزراء وجهها بدوره الى رئيس الجمهورية بقوله :” أثناء المفاوضات لتشكيل الكابينة الحكومة اصطدمت بأمور كثيرة لا تمت إلى قضية الوطن ومصلحته , ولم أتنازل ولم أقدم المصالح الخاصة على مصلحة البلد , لكن للأسف الشديد كانت بعض الجهات تتفاوض فقط من أجل الحصول على مصالح ضيقة دون أدنى احساس بالمسؤولية والقضية الوطنية “.
لدينا شخصيآ أحساس قوي بأن هناك ما تزال خفايا وأسرار لم يتم ذكرها من قبل السيد علاوي عن المسببات الحقيقية التي أدت إلى فشله في تشكيل كابينته الوزارية , وحتمآ وكرأي عام عراقي من حقنا أن يتفضل علينا السيد علاوي لكشف الحقيقة كاملة دون مجاملات على حساب الحقيقية الغائبة , وما كان يجري بالفعل ضده خلف الابواب المغلقة وما دبر له بليل مظلم خلال ثلاثون يومآ من المدة التي يسمح له قانونآ بتشكيل حكومته وموافقة مجلس النواب عليها … لذا وجب علينا كرأي عام أن نعرف منه شخصيآ خفايا وإسرار هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق وبالأسماء والشخصيات والأحزاب والكتل التي وقفت بوجه تشكيل حكومته , وماذا كانت مطالبهم الشخصية الدنيوية بعيدآ عن تحقيق مطالب الشعب العراقي … لذا نتمنى عليه أن يكشف لنا حقيقة ما جرى ليكون الشعب العراقي على دراية تامة وصورة واضحة حول كيفية المساومة على مستقبله ووضعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمعاشي , وكيفية سرقة اموال العراقيين ,وبالأخص لدينا انتخابات نيابية قريبة قادمة !.
[email protected]
(1)في مقابلة مع وكالة الانباء الفرنسية من العاصمة البريطانية لندن كشف السيد علاوي بعد استقالته من منصب وزير الاتصالات , حيث اتهم فيها صراحة رئيس الوزراء السابق (نوري المالكي) بغض الطرف بصورة متعمدة منه عن عمليات فساد كبرى يقوم بها مقربون منه , وأكد في الوقت نفسه بأنه يملك وثائق ومستندات رسمية تؤكد وجود عمليات فساد وكسب غير مشروع داخل حكومته ,وانه سيكشف عن هذه الوثائق التي يملكها في الوقت المناسب . وأكد بدوره للوكالة الفرنسية بقوله :”انا واثق جدآ من ان الاشخاص المحيطين بالمالكي فاسدون , وتحديدآ الاشخاص القريبين منه كثيرآ , وأنهم مجرد جماعة فاسدة جدآ ” وأضاف أن (المالكي) بدوره :” يعرف هؤلاء الفاسدون , ولكنه لا يتخذ أي أجراء ضدهم لأنهم مقربين منه , ويسمح لهم بأن يكونوا جماعة فاسدة جدآ , وبانه قد ابلغ المالكي في حينها مباشرة وبقوله له أن :هؤلاء الاشخاص اناس فاسدون وأنت لا تتخذ اي اجراء ضدهم “.
لذا نحن نقول بدورنا للسيد علاوي المحترم ! هل حان الوقت لكشف تلك الوثائق والمستندات الرسمية ! وهل يستطيع القضاء العراقي حاليآ مع هيئة النزاهة مواجهة هؤلاء ! أم أن الشلل التام وغض الطرف سوف يصيب الجهاز القضائي بكافة تخصصاته …