18 ديسمبر، 2024 9:35 م

خفافيش ليلية ، على هيئة درّاجات !

خفافيش ليلية ، على هيئة درّاجات !

نحن نعيش في بلد لا تنقصه الخفافيش المنغصة للحياة ، تلك التي أعادتنا إلى العصور المظلمة ، فجعلت نهارنا ليلا ، لكن نوعا آخرا من الخفافيش صارت تظهر وتزدهر عند غروب الشمس ، كيف لا والخفافيش تزدهر في ظلام الليل ، وهي تتخذه ساترا لكل ما هو غير مشروع ، إنها الدراجات النارية ، بمختلف أنواعها وأحجامها ، وراكبوها عادة من فئة الشباب والمراهقين أو من تحت سن المراهقة ، بل شاهدت منهم ما هو دون سن الثمان سنوات ، وهم يجهلون جهلا تاما بقوانين القيادة والأجتياز ولا يعرفون للطريق حرمة !.

يبدو من الوهلة الأولى أنه حق مشروع ، ولكن ماذا إذا كانت بقيادة رعناء وغير مسؤولة على الإطلاق وبدراجات تفتقر لأبسط شروط الأمان ، كأفتقارها حتى لمجرد مصباح واحد ، وإذا كان سائق الدراجة على درجة عالية من الطيش والرعونة وقلة التربية المنزلية ، بحيث يبدو وكأنه إنتحاريا وهو منغمس بمغامرات جنونية خطرة للغاية فهذا شأنه وشأن ذويه ، ولكن المشكلة سائق السيارة المبتلى به والذي لا ذنب له بسبب تجاوزات هؤلاء ، السائق الذي يجب أن يدفع الثمن ويكون الضحية في كل الأحوال وإن كان بريئا (وهذه هي العادة) ، في ظل أعراف عشائرية قرقوشية عجيبة وغريبة تعمل بمبدأ (الحرامي يحلّف المبيوگ) ! ، فأحد معارفي كان راكنا لسيارته قرب أحد المطاعم ، ففوجئ بدراجة مع سائقها تصطدم بسيارته وتهشمها ، وعلى أثر ذلك أصيب سائق الدراجة بكسور ، وبعد (عطوة) وسين وجيم ، و(گعدة) ، أجبروه على دفع المقسوم بدعوى (إن السيارة كانت واقفة في طريق إبننا) ! ، إنها رعونة وتسرّع ولامسؤولية يقف وراءها شيوخ ! .

لا أبالغ القول ، أن حوادث الدراجات التي يبتلي بها أي سائق هي مسألة وقت فقط لأنها مستفحلة ، فالسائق يكون عادة مركّزا على الطريق الذي أمامه ، وأنه يتوقع إجتياز المركبة من اليسار ، هذا هو نظام السيارات ذات المقود الأيسر كنظام سياراتنا ، وفي السابق ، كانت هنالك عدة لافتات كُتب عليها (الإجتياز من اليسار فقط) ، ولكن أن تجتازك دراجة من اليمين بسرعة الصاروخ وأنت تهم بالإستدارة يمينا ، ومتجاهلا للإشارة اليمنى للسيارة ، بدراجة  يقودها أرعن ، خالية من أي بصيص ضوء ، وبلا منبه (هورن) فهذا يفاجئك بما يشبه السكتة القلبية ! ، ويصل الأمر باللامسؤولية والأستهتار ، أن تجد هنالك أربعة راكبين على دراجة واحدة بينهم أطفال لا يتجاوزون عمر السنة الواحدة ! ، فهل ينقصنا نزيف الدم ؟ فمن لم يمت بمفخخة ، مات بسبب دراجة ! .

تكثر هذه الظاهرة داخل الأحياء السكنية الشعبية ، أي مع غياب مفارز المرور ، ولكن ولحجم خطورة هذه الظاهرة ، فالأمر منوط بمفارز الشرطة المحلية المرابطة ، والتي يجب إعطائها توجيهات وصلاحيات بمصادرة أي من هذه الدراجات ومعاقبة الدرّاج عند مشاهدتها لأي من هذه التجاوزات ، والعمل على إستلام شكاوى المواطنين بهذا الخصوص .

لا يقتصر هذا الأمر على الأحياء السكنية ، فلطالما شاهدت بأم عيني ، درّاجون يقفون على (سرج الدراجة) ، أو يقود دراجته وهي تسير على عجلتها الخلفية فقط في خط القناة السريع ، أو شارع (محمد القاسم) ، وهو يأخذ الجانب الأيسر المخصص للسرعة العالية ، مضايقا بقية السيارات ، وأنت تسمع أنواع التزمير (الهورنات) من السيارات ، دون علم منه أنه سيكون بخبر كان لمجرد دخول حصاة طائشة تحت الإطار ! ، ، علما أن أحد أساليب السطو على حقائب السيدات في الشارع يتم بواسطة الدراجات ، وهذه التصرفات ترقى للجريمة والإخلال بالأمن لما ينتج عنها من ضحايا ، إنها لا تقل جرما عن سائق لشاحنة بقاطرة ومقطورة طالما تفاجأت بها في طريقي ليلا ، لأنها بلا أضوية خلفية (بگ لايت) !.

البعض من أصحاب الدراجات الضخمة ، يقوم بخرم مسكتة (صالنصة) الدراجة لتضخيم صوت المحرك ، فيخترق نوافذ منزلك ويجفلك ويقض عليك مضجعك ، إنه أشبه بخوار فحل جاموس لكسب الإناث ! ، هو تصرف تافه وزائف للشعور بالقوة ، إنها ثقافة الصوت العالي كأحد أمراض مجتمعنا ، كإطلاق الرصاص في الهواء ، بمناسبة أم بدون مناسبة .

أعلم جيدا أن فن ركوب الدراجة من الرياضات ، ولكن يجب أن تكون لها ضوابط وأماكن مخصصة وبرعاية جهة مختصة من الدولة ، وأن تكون هذه الدراجات مرقمة ومسجلة ، عندها يمارسون هوايتهم تحت ضوء الشمس .