للمرجعية الدينة؛ عمق روحي لدى اغلبية الشعب العراق. عمقها هذا؛ نابع من نهجها الديني، المتمثل بالسيرة الحسنة، للاولياء الصالحين، فهي -المرجعية- تعيش البساطة، وتعايش الناس بمختلف طبقاتهم، وللفقراء النصيب الأكبر في هذه المعايشة.
ما يميز المرجعية الدينيه الشيعية، وعلى مدى تاريخها، هو عدم انخراطها في سلك الحكومات، ولم تتجلبب بعباءة الحاكم، بل كانت مستقلة، بعيدة عن اضواء السلطة، والحكومات، على أنها لا تغض الطرف، عن متابعة مايدور من أحداث، وتشخيص الواقع بعين الفاحص الخبير.
كانت المرجعية ومازالت، تشكل خط الممانعة، المتمثل في محاربة الحكومات الدكتاتورية، والتصدي للفساد الحكومي، وتشخيص نقاط الوهن في اداء تلك الحكومات.
دور بارز؛ اضطلعت به المرجعية الدينية، بعد احداث 2003 في العراق، فنتيجة للضبابية التي إكتنفت الواقع الجديد، بعد الانتقال من الديكتاتورية الى الانفتاح، والحرية، في ظل الاحتلال، كان لابد من وجود مشخص محايد، وثقة عارف بما يدور، لتوجيه الامور بشكلها الذي يحقق، أعلى مصالح الشعب العراقي، ضمن رؤية وطنية شاملة.
من هنا تدخلت المرجعية، بالتوجيه والضغط، لإجراء إنتخابات، يشترك فيها الطيف العراقي بكل ألوانه، وبعد الإنتخابات، بقيت المرجعية تراقب وتشخص، مكامن الخلل في الأداء الحكومي، وتوجيه النصح لتلك الحكومات، وكذلك توجيه الشعب، للتصرف بما يضمن الحصول على حقوقه.
من الإمور المهمة التي حاربتها المرجعية، هي مسألة الفساد المالي والإداري، المستشري في دوائر الدولة، بشكل أدى إلى تردي الواقع التنموي في البلد.
كانت خطاباتها -أي المرجعية- في 2006 و2009و 2010 و2011 كلها واضحة، في الدعوة لمحاربة الفساد، وترسخ هذا الامر اكثر، بدعوتها لانتخاب الأصلح، والمشهود له بالكفاءة والنزاهة، في انتخابات 2014، وقالت المجرب لا يجرب، لكن يبدو إن هذه الدعوات، لم تجد صداها عند بعضهم، ممن يمجدون القائد الضرورة، وحاولوا الطعن بالمرجعية نكاية بها لموقفها الواضح.
بعد أن أحس العراقييون، بمرارة الأذى الذي لحقهم، من جراء الفساد، خرجوا بتظاهرات كبيرة، لتغيير الواقع المعاش، ومحاسبة الفاسدين، مع هذا الحال؛ فإن المرجعية التي لم تقصر ابدا في مكافحة الفساد، فإنها أيدت التظاهرات، بشرط أن تكون المطالب معقولة، ومحددة الأهداف، وتكون ضمن نطاق إمكانية التطبيق، كما دعت -من جانب آخر- الحكومة، للتعامل بجدية، مع مطالب المتظاهرين، والعمل على تلبيتها بالسرعة الممكنة.
ركب ما يسمى بالتيار المدني، موجة التظاهرات، وأدعى قيادته لها، رغم أن هذا التيار، لم نجد له حضورحضور، في العمل على رفعة العراق، بلدا وشعبا، ولم نجد له بصمات في الدفاع عن العراق، وخصوصا في التحدي الاخير المتمثل بداعش.
هذا التيار فجأة! وجدناه يُنَظِّر، على أنه التيار الوحيد، غير الملوث بفساد الحكومات، وإن من يتحمل الفساد هم الإسلاميون وحدهم، ولعمري هذه مغالطة كبيرة، فالعلمانيون لمدة قرن كامل حكموا العراق، فلم نرَ منهم إلا الويلات والحروب والدمار.
التظاهرات؛ -رغم إن العلمانيون أرادوا أن يظهروا أنهم أحرص الناس على الوطن وتطبيق الحريات من خلالها- إلا إن الواقع أثبت عكس ذلك، وهو إن التظاهرات ومن خلال ما رفعه المدنيون من شعارات، أثبتت أنهم بعيدون كل البعد عن إصول الحرية، والديموقراطية، وقبول الآخر، فشعاراتهم كلها تدعوا إلى إبعاد الإسلاميون عن الساحة، وهذا الأمر بعيد كل البعد عن إصول الديموقراطيات التي يتبجح بها العلمانيون.
كلمة أخيرة؛ أوجهها لمن يطعن بالمرجعية من المتظاهرين، إنه لولا المرجعية وفتواها المباركة، لم تكن أنت وأقرانك، قادرين على التظاهر، ولكنتم أنتم ونساءكم، سبايا بيد داعش ومن لف لفها