4 نوفمبر، 2024 9:37 م
Search
Close this search box.

خط الفقر الكافر في العراق

خط الفقر الكافر في العراق

المرجعية الدينية الإسلامية[1] في النجف الأشرف أذاعت أخيراً بياناً لها حول ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في العراق . إذ أشارت إلى أن وزارة التخطيط العراقية أصدرت مؤخراً تقريراً[2] يكشف عن أن 4،5 مليوناً من العراقيين تمت ازاحتهم الى ما دون خط الفقر ، بسبب جائحة كورونا ورفع سعر صرف الدولار .

‏ لترتفع معدلات الفقر في البلاد من 20% عام 2018 الى 31،7% ، حتى بعد انتهاء تداعيات جائحة كورونا وتعافي الحياة الطبيعية بنسبة كبيرة . وكذلك رغم ارتفاع سعر برميل النفط وتجاوزه 84 دولاراً، وزيادة كميات تصديره . لا سيما مع الانتهاء من حرب داعش التي كانت ترهق ميزانية الدولة ، وادعاء الدولة سيطرتها على المنافذ الحدودية وجباية الضرائب ومحاربتها الفساد ، وبالتالي ازدياد إيرادات الدولة كثيرا . فلا معنى علمي لازدياد نسبة الفقر والفقراء .

والغريب أن الدولة تدّعي أن عدد المستفيدين من رواتبها الشهرية من موظفين ومتقاعدين ورعاية اجتماعية وغيرهم يبلغ ثمانية ملايين وان معدل الراتب الشهري يكفي لإعالة خمسة أشخاص في المتوسط فالمفروض اكتفاء الشعب العراقي البالغ أربعين مليوناً بالرواتب الرسمية مع العلم بان عدداً كبيرا من الناس يعملون في القطاع الخاص.

إن هذا كله يعني أن هذه الكوارث سببها شيء آخر وهو ما اعترف به التقرير، أي القرار الجائر بخفض قيمة الدينار الذي لم يكن له مبررٌ إلاّ اقتطاع نسبة 23% من رواتب الموظفين وأدّى الى ركود السوق وارتفاع أسعار السلع الأساسية وكل ما قيل من تبرير ظهر أنه وهم.

والسبب الرئيسي الآخر هو الفساد المستشري الذي يستنزف ثروات البلد ويذهب بها في مهب الريح من دون اتخاذ إجراءات حقيقية رادعة مع افتضاح قضايا كثيرة للفساد يشيب منها الرضيع.

إن هذا الوضع يؤلم قلب كل إنسان غيور يحمل مشاعر الرحمة والإنسانية والغيرة الوطنية، ويتحمَّل كل من له نفوذ وتأثير في القرار السياسي من الجهات الدينية والسياسية والإعلامية والثقافية مسؤولية الإصلاح والمعالجة والا كان كل هؤلاء المحرومين خصمهم يوم القيامة بين يدي المنتقم الجبار.

إن معالجة ظاهرة الفقر والبطالة والركود الاقتصادي والفساد يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة المقبلة ويجب على الجهات الفنية المتخصصة إعداد الدراسات والخطط التي تتناول أسباب هذه الامراض الاجتماعية الفتاكة وكيفية استئصالها لتكون جاهزة بين يدي المسؤولين في الحكومة الجديدة بأذن الله تعالى.

إن العدالة الاجتماعية وتوفير أسباب الحياة الكريمة للإنسان أهم دعائم الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي ووحدة النسيج الاجتماعي، وان العراقيين يستحقون حياة مرفهة طيبة، فإن بلدهم غني وفي أرضه وسمائه ومياهه ما يفيض عن حاجته من الخيرات فلماذا يعيش الملايين منه تحت خط الفقر؟!

ونحن كباحثين في الحقول الاجتماعية والتاريخية نضم صوتنا إلى صوتها . مذكّرين بما تسير إليها هيكلية السلطة في العراق من ملامح ديكتاتورية وعبادة الأشخاص ، ومن رؤى لحكومة استبدادية ، بسبب طغيان المنافع الشخصية والحزبية ، وتفاقم سياسة المحاور الدولية في العراق . مشيرين باليد إلى ما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية في شمال العراق ، من فقر وفقدان للكرامة وذبول الحرية ، نتيجة لسيطرة الحكم العائلي القبلي على مركزي السلطة هناك ، في ظل تحالف دولي غربي مع الديكتاتوريات في الشرق الأوسط ، الأمر الذي دفع آلاف العراقيين الأكراد للهجرة الاضطرارية نحو أوروبا ، وإيجاد أزمة حدودية دولية بين بيلاروسيا وبولندا ، وبالتالي بين المحور السياسي الروسي والمحور السياسي الأوروبي ، بسبب ما تحدّثت عنه العجائز اللاجئة في خيام بسيطة لا تحمي من البرد القارس من تسبب الديكتاتورية العائلية والقبلية والحزبية هناك بالفقر المدقع للمواطن العراقي الكردي ، واثقال كاهله بالضرائب الباهظة ، ومنعه من الاعتراض بالكلام حتى .

وقد أثبتت التجارب المتكررة أن الحكومات العراقية هي المتسببة في زيادة الفقر في العراق ، لا عوامل أخرى . فقد منحت سابقاً نصف ثروة العراق النفطية لمجموعة شركات نفطية أمريكية وأوروبية وآسيوية وعربية ، من خلال جولات التراخيص غير المنضبطة ، دون وجود حاجة فعلية وعملية لإجراء هذه الجولات ، سوى الفساد السياسي والتبعية في العملية الذي ثبت من خلال بعض القضايا المعروضة في المحاكم البريطانية . وقد كانت نفس المرجعية الدينية – صاحبة البيان – هي المعترض الأكبر أو الوحيد على عقد هذه الجولات .

فيما كانت السياسة الحكومية الضعيفة في ملف الموارد المائية سبباً مهماً في مضاعفة الفقر ، كما عبّر وزير الزراعة العراقي محمد الخفاجي حين قال[3] ” المفاوض العراقي مع تركيا كان ضعيفا، حيث طرح فقط الجانب الفني ولم يتطرق الى الجانب الاقتصادي الذي يصل الى 17 مليار دولار مع انقرة .. يجب أن يبدأ المفاوض مع الجانب الفني بالجانب السياسي والفني والأمني .. وأن 90 في المئة من إيراداتنا المائية تعتمد على تركيا، وأي مشكلة مع تركيا تؤثر علينا وخصوصا المحافظات الجنوبية .. زرت ايران والجفاف لديهم ايضا – لكن منطقة بدرة وخانفين ومندلي تأتيها السيول في الشتاء وهذه السيول تغرق حتى محافظتي ميسان وواسط ، وأن الجانب الايراني اقترح علينا انشاء سدود داخل اراضيهم من اجل حجز السيول التي تأتي لصالحنا لكن هناك تقصير من قبل الجانب العراقي”. فانخفضت كمية الأراضي المزروعة في عام ٢٠٢١ – ٢٠٢٢ م بنسبة ٥٠٪ .
[1] متمثلة بمرجعية سماحة الشيخ محمد موسى اليعقوبي

[2] بحسب وثيقة (الاستجابة وخطة التعافي من تداعيات كورونا) التي كشف عنها مدير عام الاستراتيجية في وزارة التخطيط في لقائه مع الصحيفة الرسمية يوم 10/11/2021

[3] في لقاءات صحفية نقلها موقع ناس نيوز
الموقع الإلكتروني \ تاريخ الأديان

أحدث المقالات