[email protected]
قبل ايام قلائل ظهر النائب السيد عامر عبدالجبار على احدى الشاشات الفضائية وقال ان العراق باع اراضي لأيران لأنشاء جسر لخطوط سكك عليها ، وأردف ان ذلك يعني ان القطارات العراقية التي ستعبر سوف تدفع لأيران اجور العبور رغم ان الجسر يقع في الاراضي العراقية، ثم قال ان وزارة النقل العراقية قامت بتثمين مساحات الركائز فقط التي يستند عليها الجسر لأستحصال مبالغها من قيمة البيع هذه ،
ان طريقة الطرح هذه اثارت وتثير حماس الكثير من الناس وتزيد الاحتقان الاجتماعي كما انها ستجد اذان صاغية ووسطا للتفاعل معها ، ولأني اعرف هذا الرجل ومستوى مهنيته في قطاع النقل، أثرت أن أطلع على النص الذي استلهم منه حديثه ومن ثم الرد بعين مهنية ، الذي تبين انه محضر مشترك موقع بين الطرفين العراقي والايراني في شهر نيسان من هذا العام ، واود ان ادرج الملاحظات التالية عنه:-
1- ان المحضر بصيغته الحالية يبدو ركيكا ، ويحتوي على اخطاء في التعبير الأنشائي تمثلت في ما يلي (محضر اجتماع التعاون المشترك بين وزارتي جمهورية العراق والنقل وبناء المدن للجمهورية الاسلامية الايرانية لأنشاء المشروع السككي خط شلامجة – بصرة ) وعلى ما أعتقد ان هذه الصيغة هي نتيجة ترجمة كوكل لمحضر مكتوب في ايران كما يؤكد ذلك الفقرة ثانيا منه ، والسؤال كيف تم تمرير مثل هكذا مسودة على مكتب السيد الوزير والذي يجب ان يمر على مرشحات متخصصة في اللغة وكتابة المحاضر من دوائر الوزارة المعنية ومكتب السيد الوزير ومن ثم السيد الوزير شخصيا قبل قبل التوقيع.
2- ان محاضر بمثل هذه ألأهمية ولموضوع حساس اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ، يجب ان تخضع لعناية فائقة تستند على القوانين النافذة والدستور و الاشارة اليها ان تطلب الامر لكي لا يكون عرضة لأثارة اية شكوك الان أومستقبلا لموضوع يهم مصلحة البلد كما سنأتي على ذلك لاحقا. وان يعد من قبل لجنة من ذوي الاختصاص من وزارتي النقل والتخطيط .
3- اما ورد في الفقرة الاولى من هذا المحضر والتي تنص على القيام بتسليم ألأراضي التي طولها ١٦ كيلومتر الى الجانب الايراني خلال فترة اقصاها 25 ابريل عام 2023 للبدء في عملية كسح الالغام وتنظيفها ، وهذا أجراء روتيني مهني يعتبر من المستلزمات قبل البدء بالمشروع وليس فيه مساس بأية ثوابت وطنية او الى فرضية التملك التي اشار اليها السيد عامر، لكون المنطقة كانت فيما مضى ساحة من ساحات العمليات الحربية مع ايران، فقط مرة اخرى نشير الى صيغة التعابير اللغوية (خلال الفترة اقصاها 25 من ابريل …)
4- اما الفقرة 3 المثيرة للجدل والتي استند اليها السيد عامر عبدالجبار في تفسيره للبيع والذي يحمل ارجحيتين لا ثالث لهما ، اما انه ينطلق من موقف شخصي وان منصب الوزارة هي استحقاقه الشخصي شأنه شأن كل المسؤولين الذين تسنموا مناصب حكومية بعد سقوط النظام السابق و يعتبرون المناصب التي تقلدوها استحقاقا حياتيا لهم ، او أنه لم يحالفه الحظ في فهم سياق ما ورد فيها ، رغم انها واضحة وضوح الشمس مع القصور البلاغي الذي اشرنا اليه مقدما ، حيث تشير الفقرة 3 الى قيام الجانب العراقي بتسليم الاراضي التي سيتم أنشاء الجسر عليها للقطاع السككي الايراني المسؤول عن دفع نفقات كلفة الجسر فقط كما ينص المحضر ، ومن ضمن هذه النفقات تأمين نفقات أستملاك ألأراضي التي ستقام عليها ركائز الجسر (وليس الواقعه في ركائز الجسر كما ورد في المحضر المترجم ترجمة غير حرفية) ويبرر ذلك (للتسريع في تنفيذ المشروع أذا اقتضت الحاجة ) اي انه يفترض وجود اراضي لا تحتاج الى استملاكات لكون عائديتها للحكومة العراقية وان الامر مقصورا على الاراضي التي تعود ملكيتها الى مواطنين وهي في الاغلب زراعية ، أما التفسير الذي ادلى به السيد عامر فللاسف تفسير ليس في محله وبعيد عن الخبرة الهندسية وهو محق بذلك على خلفية دراسته وعمله في المجال البحري .ومع ذلك ان هذه العبارة التي وردت في المحضر ايضا تنتمي لعائلة البخل ، فمرور مقتربات الجسر من جانبي سواحل شط العرب سوف لن يتم استثمارها لأغراض السكن او منشآت أنتاجية ، ربما يتم استخدامها وفق نطاق ضيق للأغراض الزراعية ، لذلك كان الاجدر ان يكون الاستملاك لكامل مسار مقتربات الجسر على الارض وهي مسافات لن تتعدى بضع كيلومترات وليس لمناطق اقامة الركائزفقط ، وما يدحض تفسير السيد عامر من ان بقية منشآت المشروع سوف يتبناها الجانب العراقي من اقامة السدة الترابية التي سيتم مد خطوط السكة عليها مع متطلباتها كالمعابر تحت خط السكة وانشاء محطات التبادل السككي او قاعات انتظار المسافرين والبضائع ، والمحطات هذه تتباعد عن بعضها عدة كيلومترات مما يعني ان الجانب العراقي سيتحمل جزءا كبيرا من الكلفة لكنه قادر على تنفيذها لتوفر متطلباتها محليا غير تلك المطلوبة لأقامة الجسر ، وبذلك لن يكون ما ذهب اليه السيد عامر ممكنا في ان يكون عبور القطارات العراقية سيكون لقاء تعريفة تدفع الى الجانب الايراني الذي سيكون المستفيد الاكبر من اقامة هذا المشروع نتيجة قصور خدمات السكك العراقية التي انكفأت على نفسها منذ فرض الحصار ثم زادت سوءا بعد الاحتلال نتيجة ارادات سياسية تريد ابقاء السكك متخلفة لغاية في نفس يعقوب ، والتبرع الايراني بدفع كلفة انشاء الجسر هو امر عادي في العلاقات الدولية وقد سبق لأيران ان تبرعت بمحطة توليد للطاقة الكهربائية لمدينة الصدر ، كما انه ليس صحيحا وجود فقرة في الدستور لها علاقة بالاستثمار في الخارج او الداخل او طريقة التعامل ، لأن الدستور وثيقة تنظم شؤون البلاد فقط ،
لكن من الضرورات الحتمية لأقرار هكذا مشروع يجب ان تسبقه دراسة جدوى ، لكي تبنى عليها فقرات المحضر ذاته ومن ثم عقد المشروع والى بقية التفاصيل لكي يكون مشروعا مجديا ، لست بصدد الدفاع عن ايران او غيرها بقدر ان نعي ما نقول ولا نصنع صورة مشوشة للجمهور لأغراض شخصية
مقالنا القادم عن كذب عدم جدوى الربط السككي الداخلي والاقليمي