9 أبريل، 2024 10:54 م
Search
Close this search box.

خطيب المرجعية يدعو للجدال في الحج!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

مرة أخرى وجمعة جديدة تطل على هذا المنبر المنهوب من أهله ليعلن فيه الخطيب المرجعي ثمرة من ثمار الحج في خطبته الثانية بعد أن أخذ سياحة جلد فيها ظهور السامعين الحاضرين والمشاهدين بما يعرفه من فساد دولة صنعوها بأيديهم وفتاواهم ثم عادوا يشيرون إلى سرقات مسؤوليها للمال العام ، أولئك المسؤولين الذين بذلت المرجعية ماء وجهها في الترويج لهم حتى يرفع مطبلوها ومزمروها شعارات غريبة عجيبة من مثل (انتخبوا من تأمنوه على دينكم ودنياكم) ، وهاهم اليوم يقولون بألسنتهم التي دعت الناس إلى انتخاب أولئك : إن أولئك نهبوا الدنيا ولا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بالدين!!!
        الاعجب أن الحاضرين للخطبة بدلا من أن يبكوا على هذا الاستغفال وهذه الخديعة المرة التي صنعتها المرجعية ويتمزمز بها الخطيب راحوا يرفعون أصواتهم بالصلاة على محمد وآل محمد(ص) ، تماما كما كان يفعل الناس في زمن الطاغية ـ الذي يأكلون ويشربون بلعنه صباحا ومساء ـ فالناس مع ذاك الطاغية كانوا يصفقون عندما يتنحنح ، وإذا شتمهم وسبهم يصفقون ، واليوم يفعلون نفس الشيء ولكن بدلا من التصفيق بأيديهم راحوا يصفقون بألسنتهم ، وللناس فيما يعشقون مذاهب!!!
        ولكن ما يستوقفنا اليوم في خطبة جمعة المرجعية هو دعوة الخطيب للمسؤولين الذين ذهبوا إلى الحج (بأموالهم وكسبهم الشرعي) ولمح الخطيب البارع في بلع اللسان وتلوين الخطاب إلى أنه ليس بصدد النظر إلى الأموال التي ذهبوا بها إلى الحج ـ وتلك مصيبة ـ ولكنه يرجو من أولئك المسؤولين أن يستثمروا فرصة الحج للقاء بالناس ـ (وبطريقهم يعملون دعاية انتخابية لان الانتخاب قرب وقتها) ـ وعمل حوارات معهم وسماع شكاواهم ، فإذا كان العذر في عدم لقاء الناس هنا في العراق ـ بحسب قول الخطيب اللامع ـ هو الوضع الأمني وانشغال المسؤول ، فالوضع هناك في الحج يرفع هذين العذرين ومن ثم فاللقاء متيسر لسماع الناس ومشاكلهم والنظر فيها!!!!!!
        يبدو أن انشغال الخطيب بالجولات في المشاريع المسروقة وانهماكه في صياغة انتقاد للفساد لا يزعج المسؤول ولا يثور لتغييره المنهوب ، جعلته يغفل عن أن للحج مناسك لابد من تطبيقها ومن أعظم تلك المناسك التي مخالفتها تحبط الشعيرة الإلهية هو قول الله سبحانه{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}(البقرة/197) ولنسأل آل محمد(ص) عن بيانهم لهذه الآية الكريمة ولنزن قول الخطيب المرجعي ووصاياه للناس وهم يقيمون شعيرة الحج ليتبين للناس حال تلك المرجعية التي تدعي أن تمثل منهج أهل البيت(ص) كيف أنها تضرب بعرض الحائط بيانهم لقول الله سبحانه ، وكذلك تضرب بعرض الحائط قول الله جل وعلا ، فالله سبحانه يأمر الناس بعدم الجدال والمرجعية على لسان خطيبها تأمرهم بالجدال ، ولنلحظ بماذا يفسر الصادق(ص) الجدال ونطبق تفسير الإمام الصادق(ص) على قول خطيب المرجعية؟؟
        يقول الإمام الصادق(ص) في بيان هذه الآية : [والرفث هو الجماع ، والفسوق الكذب والسباب ، والجدال قول الرجل لا والله ، بلى والله .](تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني : مج1/ج2/ص437) ، فالجدال بحسب بيان الإمام الصادق(ص) هو قول الرجل : لا والله ، بلى والله ، وهنا نسأل الخطيب المرجعي بتوصيته تلك للحجاج مسؤولين وغير مسؤولين ألا يقع عند الحوار بينهم مثل هذه العبارة بل وتتردد كثيراً؟؟!! بربك ايها الخطيب المرجعي عندما يقول الناس للمسؤول : إن فلان موظف عندك سارق ومرتشي ـ وهذا بحسب ما يقول الخطيب ـ ويجيب المسؤول : لا والله ، أو بلى والله!! ألا يكون قد دخل وأدخل من أجابهم في ساحة الجدال فيحبط بذلك عملهم وحجهم؟؟!! وهناك ملحظ آخر : هل ترى المرجعية في موسم الحج ما كانت تراه قريش قبل بعثة رسول الله(ص)؟؟!!
        ولعل القارئ الكريم التفت إلى أنني أعرضت عن مصيبة الوقوع في حد الفسوق أي الكذب والسباب ، فهل يأمن الخطيب المرجعي على الناس أن يكذبوا على المسؤول أو يقع بينهم وبين المسؤول سباب نتيجة لاحتدام النقاش بين لوعة الناس وتسطيح المسؤول لمشاكلهم؟؟!! لا أدري هل يعيش هذا الخطيب المرجعي فنتازيا الخيال وهو يتحدث على منبر الجمعة؟؟!! هل يتصور أن أناس هذا الزمان عندما يذهبون للحج بمجرد أن يدخلوا مكة أو المدينة ينقلبوا إلى ملائكة يسود بينهم الوئام والسلام؟؟!! ألم يسأل نفسه هذا الخطيب المرجعي : لماذا شرطة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف المنتشرة بين الحجاج سواء باللباس العسكري أو المدني؟؟!! هل صارت مكة والمدينة وهي تحت سلطة آل سعود اليوم لدى المرجعية واحة سلام وهدوء وأمان؟؟!!
        إذن ماذا تقول لنا المرجعية عبر خطبة الجمعة التي تمثلها من على منبر صحن الإمام الحسين(ص) ، وهي لسانهم الرسمي ـ بمعنى أن خطيب هذا المنبر خصوصا هو المعبر الرسمي عن لسان المرجعية ـ وماذا يسمع الناس منها؟؟ صار المنهج واضحا ولا يحتاج إلى أدلة للاستدلال ، فلسان حال المرجعية ومقالها يقول كما بين الرصافي في قصيدته :
يا قوم لا تتكلموا       إن الكلام محرم
ناموا ولا تستيقظوا       ما فاز إلا النوم
وتأخروا عن كل ما       يقضي بأن تتقدموا
ودعوا التفهم جانبا       فالخير أن لا تفهموا
أما السياسة فاتركوا       أبـداً ولا تتنـدموا
        ويبدو أن منبر جمعة المرجعية يخطو بخطوات واثقة في تنفيذه لسياسة التنويم الجماعي ، والسباحة في فضاءات الخيال الواسعة التي ـ بزعم المرجعية ـ كفيلة بحل كل المشاكل والمصائب والبلاءات ، وقد أحسن الجواهري وهو يصف الحال من ذاك الزمان بقوله :
نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي     حَرَسَتْكِ آلِهة الطَّعامِ
نامي فإنْ لم تشبَعِي  مِنْ يَقْظةٍ فمِنَ المنامِ
نامي على زُبَدِ الوعود        يُدَافُ في عَسَل الكلامِ
نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلامِ  في جُنْحِ الظلامِ
تَتَنَوَّري قُرْصَ الرغيفِ       كَدَوْرةِ البدرِ التمامِ
وَتَرَيْ زرائِبَكِ الفِساحَ        مُبَلَّطَاتٍ بالرُّخَامِ

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب