23 ديسمبر، 2024 3:52 م

تتجلى خطورة العمامة اي اهمية رجل الدين المرتدي للعمامة في خطورة الفكر الذي يحمله ومدى قوة تأثيره بعامة الناس وخاصة البسطاء منهم لاكثر من سبب اولها : ان الغالب الشاءع من العامة تتبع اسلوب الانخراط بالسلوك الجمعي الاجتماعي والتفكير بأسلوب العقل الشمولي اي الاستسلام لما يسود من افكار وتقاليد ومعتقدات ولسان حالها يقول (حشر مع الناس عيد) ثانيها : ان عوام الناس اكثرية في جميع المجتمعات ومن ينتفض ويهدف الى التغيير والانتقاد يعتبر اقلية مهما كان ونتيجة للسبب الاول ستكون مهمة هذه الاقلية عسيرة جدا اذا افتقدت وسائل التغيير الناجحة واهمها ان تكون القاعدة الاساسية للمجتمع قاعدة متقبلة للنقد وللطرح المغاير او الهادف للتطوير والتغيير. اما ثالث الاسباب فهو ان رجل الدين يحمل معه اسلحة خطيرة سواء فكرية او روحانية مسندة او مستندة الى جانبي الترغيب والترهيب الديني والذي يحمل الصفة الالهية غالبا. سبب رابع هو ان عالم الدين يستطيع ان يبحث وينظر ويناقش في اكثر من مجال اخر كالاجتماع واقسامه والاخلاق والتاريخ الخ بينما العلماء الاخرين قلما نرى منهم من يتجرأ ويتدخل بأبحاث دينية او اخلاقية.

لذلك والمشهور اننا نلاحظ ورورد توصيات شريفة بأهمية ان تلتصق صفة المخافة من الله والورع الشديد لدى الباحث ورجل الدين لما له الدور الخطر المؤثر في عوام الناس. وهنا تجدر الاشارة الى ان اغلب ابحاث رجال الدين غير المرتبطين واللامتحلين بهذه الصفة نراهم يؤججون الخلافات ويعولون ويكرسون للطائفية المقيتة والتي تنتهي الى قتل التعايش السلمي الاجتماعي والامن المجتمعي . على العكس من العالم والباحث في الاجتماع فانه يبحث عن الاسباب للظواهر فيعالجها …. اما الباحث في الدين فاغلبهم يبحث عن الاسباب فيؤججها من غير علاج فقط لاسقاط الاخر. ومثال ذلك مانراه اليوم في منطقة الشرق الاوسط خاصة في العراق وسوريا فانها تأن من وطئة القتل وسفك الدماء لاسباب طائفية . اضف الى ذلك مشكلة الفساد في المؤسسة الدينية حيث يؤشر الى فساد مالي واداري تاريخي وحالي لافراد وجماعات ومثال ذلك مانراه بعد عام2003 حيث تولى مجموعة من المعممين او احزاب اسلامية المسؤولية في الحكم وفي المقابل هناك كثير من المؤشرات والاحداث التي تنجلي عن فساد مالي واداري من قبيل اختلاس او رشاوي او سوء استخدام السلطة ومحاصصة ومحسوبية وواسطة بين اروقة المسؤولين الحكوميين وفي المقابل تفشي حالات التخلف والفقر والبطالة والمرض الخ بين صفوف الشعب . بغض النظر عن ان كان الفساد مشرعن وبالقانون ام غير ذلك فانه يفضي الى نتيجة واحدة وهي افلاس الناس وخيبة امل في العمامة ومن يرتديها .

يجدر بالاشارة الى ان احد اهم اسباب نشوء علم الاجتماع كعلم اكاديمي هو التغيرات المتسارعة والمضطربة في اوربا والتي اعقبت الثورتين الفرنسية والصناعية مابين عامي 1789 و1848 .. والتي على اثرها ظهرت المدنية وهجرة الناس من القرى والارياف الى المدن لاسيما التي تشكلت على حدث وبشكل تجمعات سكانية حول المصانع والمعامل الجديدة. اضف اليها ما يطلق عليها حركة التنوير والتي هي عبارة عن افكار تبناها عدد من العلماء الغربيبن والتي هي اصلا جاءت كردة فعل وانتفاظة او ثورة على رجال الدين ومنهم القساوسة والرهبان انذاك. جاءت هذه الثورة ضد الدين بسبب ان تصرفات رجال الدين لاتوازي وتناسب مايدعون اليه واكثرهم دجالين ومنافقين وانهم مجرد وعاظ سلاطين ومن الامثلة على ذلك انهم كانوا يفتون بأن الملك والعاءلة المالكة هو امر الهي وان الله تعالى اختارهم لهذه المهمة . وظهر الالحاد حينها والذي هو انكار وجود الله . ومن ابرز المحاججات انهم وبعد الثورة رفضوا العاءلة المالكة ورجال الدين وقاطعوهم قاءلين ان الله اصلا غير موجود وانه غير مثبت الوجود علميا … ولذلك ظهرت الانظمة المسماة بالمدنية او العلمانية حيث يفصلون مابين الدين والسياسة. وحينها ظهرت الحداثة وارتبطت بها تطور العلوم والاختراعات الحديثة من خلال تبني منهج البحث العلمي. وهذا ما وجدته شخصيا في المقتبس التالي عن لسان جون دبليو بيست John W. Best احد ابرز الكتاب والمختصين في التربية والابحاث العلمية وهو مؤلف كتاب )RESEARCH. IN EDUCATION( حيث سأل عن ماهو السر في حضارة الغرب وتقدمهم في مجالات عدة واهمها الثقافة والاقتصاد والرفاهية الاجتماعية ؟؟؟؟ وقد جاء الجواب في معرض كلامه التالي : development has been research, pushing back the areas of ignorance by discovering The secret of our cultural ((.))new truths, which in turn, lead to better ways of doing things and better products وترجمته هي ((كان السر في التنمية الحضارية الثقافية هو الأبحاث “البحث العلمي”، حيث دحر مجالات الجهل من خلال اكتشاف الحقائق الجديدة، والتي بدورها (اي الابحاث العلمية) تؤدي إلى طرق أفضل للقيام بأمور ومخرجات (انجازات) أفضل)) .

الخلاصة هي اننا من ممكن ان نرث حالة غير محمودة في بلادنا الاسلامية العربية … الا وهي نفور الناس من الدين والتدين وربما الالحاد لاسامح الله. لاسيما صغار السن والاحداث على مدى جيل قادم او جيلين ممكن ان يكونوا ضحايا لهذه الفخاخ ذلك بسبب ممارسات رجال الدين ومن يحاول التخصص بهذا المجال فنراه يركن الى التشبث بالامساك بالسلبيات والاختلافات بين الاديان والمذاهب ويترك الايجابيات والمشتركات الانسانية ما يدعو لاثارة النعرات الطاءفية … وايضا ان الاقوال لاتتناسب والافعال والذي هو تجسيد للاية المباركة (ان تقولوا مالاتفعلون) . اضف الى ذلك اننا نستلخص تجربة مشتركة للدول التي حصل فيها تغيير وهي ان الدعوات التي كنا نشاهدها من الصاق صفة اولياء الامر لحكام هذه الدول قد بدأت في عالمنا العربي بالسقوط خاصة بعد سقوط انظمة دكتاتورية كما في العراق وليبيا وتونس ومصر واليمن . ..وهذا ايضا يمكن ان يسري على كل الرموز البديلة التي يحاول البعض ان يلصق بها صفة الالهية او الاختيار الالهي. واخيرا يمكننا ان نخلص الى ان مناهج البحث العلمي داءما ما تركز على الموضوعية والانصاف والتحلي بالطرح العلمي اي ان تقول ما لك وما عليك … لكن الطرح لدى اغلب رجال الدين ان تبرز ما لك وتخفي الذي عليك. وان تنحي المقابل او الطرف الاخر وتبحث عن مثالبه وسلبياته للاسف طالما عنصر وشرط مخافة الله والورع مفقود ومفتقر لديهم.