23 نوفمبر، 2024 5:43 ص
Search
Close this search box.

خطوات مطلوبة للانتقال الى اقتصاد السوق

خطوات مطلوبة للانتقال الى اقتصاد السوق

من أهم الأهداف الرئيسية التي تم وضعها في استراتيجية الأمن الوطني التي تم مصادقتها مؤخراً من قبل مجلس الوزراء وتحديداً في المجال الاقتصادي هو (حسم توجه الاقتصاد العراقي نحو اقتصاد السوق وتنويعه وتخلي الدولة تدريجياً عن النشاطات الاقتصادية) ووددت الوقوف عند هذا الهدف الهام وهو لايتجاوز السطر الواحد ولكن تطبيقه يحتاج الى إجراءات كثيرة وعلى كافة المستويات لتحقيق هذا الهدف بشكل سليم, فكما معروف بأن اقتصاد السوق أوالاقتصاد الحر ويسمى كذلك بالاقتصاد الرأسمالي هو النظام الاقتصادي لليبرالية الكلاسيكية  وفكرة الاقتصاد الحر هو عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية وترك السوق يضبط نفسه بنفسه  ويعبر عنه بعض الخبراء الاقتصاديين بأنه اقتصاد العرض والطلب والمنافسة الحرة وتحرير الأسعار من أي قيد عدا ما تفرضه المنافسة الحرة غير الاحتكارية. ويعتمد بشكل أساسي على الملكية الخاصة للافراد والمؤسسات ورأس المال.
على حكومتنا أن تأخذ بنظر الاعتبار عند تبنيها لاستراتيجية الانتقال الى اقتصاد السوق عدم تقليد التجارب العالمية حرفياً لأن كل بلد تختلف ظروفه عن البلد الآخر فيجب وضع قالب جديد يلائم أوضاع البلد من جميع النواحي,فمثلاً على سبيل المثال ان إحدى مباديء اقتصاد السوق هو حرية الأسعار وعدم التحكم بها وهذا المبدأ يجب عدم تطبيقه حرفياً خاصة في المراحل الأولى من عملية الانتقال لأن ظروف البلد الاقتصادية الحرجة وحالة المواطن العراقي بشكل عام وانخفاض قدرته الشرائية تتطلب أن تقوم الحكومة بوضع رقابة على الأسعار خاصة للسلع والمواد الضرورية في حياة المواطن مثل المواد الغذائية والطبية حتى لايتحمل المواطن الانفلات الذي قد يحدث في الاسعار وارتفاعها بشكل كبير ما يحمله أعباء إضافية تضاف الى أعبائه الكبيرة التي يعاني منها, والأمر الآخر والذي يعتبر بمثابة الحجر الأساس لنجاح اقتصاد السوق هو دعم القطاع الخاص المحلي واعتباره شريكاً حقيقياً وليس ندّاً للقطاع العام وهذا لن يحصل الا باتخاذ إجراءات حقيقية لدعمه وذلك بتقديم كل أنواع التسهيلات له ليمارس عمله بشكل سليم ويأخذ دوره في تنمية الاقتصاد المحلي وزيادة موارد الدولة, وهذه التسهيلات كثيرة فمنها تسهيل الإجراءات الادارية وكسر الروتين الكبير الذي يوجد في مؤسسات الدولة التي لها تماس مباشر مع عمل شركات القطاع الخاص ومنها دائرة مسجل الشركات والهيئة العامة للضرائب ووزارة التخطيط ودوائر الكمارك وغرف التجارة في بغداد والمحافظات ومجالس المحافظات لأن الذي يطلع على الإجراءات المتبعة حالياً في هذه المؤسسات يجد عراقيل كبيرة ومعقدة توضع أمام شركات القطاع الخاص تؤخر أعمالها بشكل كبير علاوة على الرسوم التي تستوفى من الشركات والتي تتصاعد كل فترة الى أرقام كبيرة بالرغم من الركود الذي يعمّ السوق بشكل عام مما أجبر أصحاب الشركات الى تقليص أعداد كبيرة من منتسبيها لعدم تمكنهم من تأمين رواتبهم, لذا يتوجب إصدار التوجيهات لتلك المؤسسات بإعادة النظر بتلك الإجراءات الروتينية المعقدة وتسهيل انجاز معاملات شركات القطاع الخاص واعادة النظر بالرسوم الكبيرة المفروضة عليها, وكذلك يجب دعم القطاع الخاص بمنحه القروض المالية الميسرة من قبل المصارف الحكومية والأهلية وتشديد الرقابة على عملية منح تلك القروض لمنع حالات الفساد والوسطاء والضرب بيد من حديد على من يمارس تلك الحالات, وهناك أمر آخر لايقل أهمية عن ماتقدم وهو تفعيل قانون الضمان الاجتماعي للقطاع الخاص حيث أن هذا القانون موجود على أرض الواقع ولم يُلغى ولكنه يُطبق بشكل روتيني وفيه تحايل كبير والسبب ان أصحاب الشركات والمشاريع يتهربون من تسجيل منتسبيهم في الضمان الاجتماعي لأن القانون يفرض عليهم دفع نسبة 12% من راتب كل منتسب شهرياً تضاف الى نسبة ال5% التي تستقطع من راتب الموظف نفسه فتصبح النسبة 17% تودع في صندوق الضمان الاجتماعي ويرى أصحاب الشركات بأن هذه النسبة كبيرة وتثقل كاهلهم لذا يتحايلون على القانون بشكلين الأول عدم تسجيل منتسبيهم في الضمان ويكتفون بعدد قليل جداً لايتجاوز الثلاثة أو الأربعة وحسب الحد الأدنى المسموح به ويحرمون الباقي من الضمان والشكل الثاني بأنهم يقومون بتثبيت رواتب هؤلاء الذين يتم تسجيلهم بأرقام رمزية وغير حقيقية وحسب الحد الأدنى المسموح به وهي لاتتجاوز 300 ألف دينار وبالنتيجة سيحرم معظم العاملين في القطاع الخاص من الضمان والتقاعد وبالتالي ستبقى أنظارهم موجهة صوب القطاع العام الذي يجدون فيه ملاذهم في الضمان والتقاعد لهم ولعوائلهم, لذا يجب أن تنتبه الحكومة وتعيد النظر بشكل كامل بقانون الضمان الاجتماعي للقطاع الخاص وتقلل النسب المفروضة على أصحاب الشركات وبنفس الوقت تضع ضوابط صارمة تلزم صاحب الشركة وصاحب المشروع أن يقوم بتسجيل جميع العاملين لديه في دائرة الضمان الاجتماعي وبرواتبهم الحقيقية ,واذا ماتحقق ذلك بشكل صحيح على أرض الواقع فان أنظار شبابنا ستتوجه بشكل كامل الى القطاع الخاص وسنخفف الضغط على القطاع العام وبالتالي سنقلل من حجم معدلات البطالة المرتفعة والانفاق الحكومي بشكل كبير.

أحدث المقالات

أحدث المقالات