23 ديسمبر، 2024 8:07 م

خطل نقد النص القراني بغير منهجيات علومه

خطل نقد النص القراني بغير منهجيات علومه

الحملة المسعورة التي يتعرض لها القران الكريم بشكل خاص،والدين الاسلامي بشكل عام هذه الأيام تندرج في اطار فوبيا مزعومة،مستولدة عن نظرة مستعلية،وسلوك متغطرس،ونهج مادي افرزته الحضارة الغربية المعاصرة،ازاء تعاملها التجريدي مع الحقائق الغيبية،ومنها بالطبع الوحي الالهي للنص القراني.ويأتي هذا الاستهجان المنفلت، استمرارا لمسلسل الاساءات السابقة، بدءا من الجاهلية الأولى،وانتهاء بنشاط معاصر تمارسه نخب حداثوية في الغرب،يؤازره هوس ملحوظ من بعض الدارسين العرب في الغرب،وانبهارهم بما ابدعته الحضارة الغربية من وسائل،وأدوات بحثية،حيث بدأ هذا المنحنى يأخذ مسلك دراسات نقدية هدامة غير منصفة،في محاولة بائسة لأنسنة النص القراني الكريم،بتوظيف منهجيات حداثوية معاصرة،لا تتفق اصلا مع منهجية البحث في العلوم الاسلامية، وإقحام العلم المعاصر بكل ادواتياته، وبشكل غير محايد في هذه العملية الاستهدافية،وهو امر غير مقبول أخلاقيا،ولا مستساغ حضاريا بتاتا، ويعتبر تعديا صارخا على اقدس مقدسات المسلمين الدينية،ناهيك عن كونه خروجا مقرفا على مبدأ الحياد الاخلاقي في البحث العلمي المنصف،حيث يفترض ان تتطابق اداة البحث ومنهجيته،مع غرض البحث،وصولا الى الحقيقة المنشودة  بسلامة قصد.

على ان من الضروري التصدي لهذا النهج المشبوه،بالتأكيد ابتداء،على ان الناقد هو قاريء نص،وان عليه عندما  يريد التنقيب في النص القراني أن يقترب من مراد الله في النص القرآني على حقيقته توخيا للموضوعية، وذلك بأن يتدبر النص القرآني بشيء من التأمل المتطلع،تمشيا مع اخلاقيات البحث القراني، حتى قبل أن يلجأ إلى ما بحوزته من ادوات،لا مندوحة له من الرجوع إليها إن كان لا بد له من ذلك، لاسيما إذا تعسر عليه التدبر،وشق عليه فهم مدلولات النص،بعد ان يكون قد قام بالإطلاع على ما تراكم  امامه من معرفة شاملة متاحة في هذا الجانب،لتوسيع دائرة الالمام اللازم للتطلع،والتدبر،والاستنتاج الرشيد،وزيادة القدرة على الترجيح اذا لزم الامر،من دون غرض يعطل طاقاته الذاتية في استكناه مدلولات النص قيد البحث،وما يزخر به من معاني،بالانسياق المتهافت إلى توظيف تكنيك التفكيك المجرد،التي قد تحول دون الوصول إلى الفهم اللغوي العربي الفصيح للنص القرآني بهدم قواعده،مما يفسد على الناقد ذائقة التأمل،ويختزل فيه قدرة التمكن من الفهم الصحيح للنص القرآني،واستكشاف الصور الزاخرة،والدلالات الكامنة في ثناياه،التي تنساب رؤى متجددة مع كل قراءة واعية، تتواصل مع تقاليد نهج التدبر المستمر للنص القرآني،المحكوم بضوابطه المعتمدة بشكل خلاق حتى تقوم الساعة،فيحرم نفسه عندئذ،ويحرم الاخرين من فيض العطاء الإلهي اللامحدود،الذي يختزنه النص المجيد،الذي يفترض أن المخاطب به مستخلف في الأرض ابتداء،لإدامة تفجير مكنوناته بالتدبر المتطلع،المؤطر بما هو متراكم امام الباحث من معرفة اسلامية كلية،تضمن تأمين تدفق النص بتجليات مستمرة من فيض المعاني الزاخرة،التي تقتضيها متطلبات التطور على الارض،ملامسة بذلك الأستكناه السليم،اقترابا متجسدا من مرادات النص القراني على اكمل وجه.

 ولمواجهة حملات كتابات الاساءة المعاصرة الى الاسلام ،سواء بالتعرض المتعمد للنص القراني بالنقد بغير منهجيات علومه،او بالإساءة الى الرموز الاسلامية مرة أخرى، فان المطلوب من الكتاب المختصين بالعلوم الإسلامية،وكل الناس الخيرين في العالم من النخب المهتمة بالمعرفة الاسلامية،التصدي الحازم لهذه الاساءة،وفضح مقاصد القائمين بها بالحجة العلمية المقابلة، ورفض اسلوب تناول النص القراني بأدوات غريبة عن علومه،ومنهجيات دراسته.