عندما تكثر الصراعات والفتن، وتواجه البلاد التحديات والتهديدات من كل حدب وصوب، مستهدفة أمنها واستقرارها، ففي خضم كل ذلك، ثمة خطر قد يداهم، وقد يستهان به ولا يؤخذ بالحسبان، أو ربما يغفل عنه، حتى يعظم ذلك الخطر، ويصل حداً يكون عنده الأوان قد فات لإيقافه. في كتب التاريخ، وفي النصوص السماوية. الكثير من القصص، والكثير من العِبر، ولعل من يعتبر.
الحروب أنواع، وأسلحتها ووسائلها كثيرة. فالرجال، وعُدد السلاح، والمال…ووسائل التأثير في الخصوم والأعداء مختلفة. هنالك الحروبالبايولوجية، حيث تنشر الأمراض والأوبئة، لإضعاف قوة الخصوم، والنيل منهم دون قتال، أو لتمهد لقتاله، والقضاء عليه دون عناء،ودون بذل جهد يذكر. وهنالك الحروب النفسية بكل أشكالها ووسائلها،وأهمها الإعلام المسموع والمرئي، الذي يسخر الكلمة والصورة في نشر الأفكار الهدامة، وبث الشائعات والأخبار المضللة… للنيل من الخصم قبل خوض المعركة أو الحرب الميدانية القتالية، وقد تحسم حتى دون خوضها، عندما تحقق الحرب النفسية أهدافها في تثبيط همم الشعوب، وزعزعة ثقتها بقاداتها ورموزها، وإحباط الجيوش،واستسلامها دون قتال. وللعواهر دور خطير في هذا النوع من الحروب.
كثير من الحروب والخسائر، كان سببها دور خطير لعبته عواهر. كثيرمن الانتكاسات استعملت وسخرت فيها الغانيات، والغاوياتالطامحات… أدوارهن كانت أكبر وأخطر. هن أخطر الأدوات للتخريبوالتحريض، وشن الحروب، هن أخطر من الجيوش التي لا تُقهر، وأفتكمن أي سلاح في أي زمان ومكان يمكن أن يستعمل للإطاحةبالأشراف الأطهار، هن الأدوات التي تستعمل لقهر الجيوش العظيمة،وإسقاط البلدان الحصينة. كم من نبي وولي قُتل بسبب غوايةإحداهن لتابع ذليل دفعته إحداهن مقابل رغبة دونية ينالها !!… بسببإحداهن ذُبح النبي يحيى عليه السلام، قطعوا رأسه ببساطة لإسكاتهعن الدعوة إلى الله، استنكروا دعوته إلى الفضيلة وترك الرذيلة. وبسببكيدهن…، سُجن النبي يوسف الصديق عليه السلام وهو الحفيظالعليم. وكم من صِدِّيقة، وتقية طاهرة، أوذيت بسبب مكرهن وغدرهن،وغيرتهن من عفتها وشرفها… وكم من عروش أُسقطت بسبب تآمرهن. حروب وثورات وانتفاضات باطلة، ما قامت ولا نجحت إلا بعد تسخيرهن ليفعلن ما يفعلن، حتى بأشد وأعتى الرجال، والقادة منهم، مستغلين نقاط ضعفهم… فيسقط أحدهم ذليلاً مهاناً، بعد أن يوعدنبسلطة، أو ملك وجاه، أو حتى مقابل حفنة من المال،… إنهن لا يتوانينعن فعل أي شيء لتحقيق أحلامهن وطموحاتهن، وتحت عناوين لا تليقبهن، ولا يعرفن معانيها، فتُطلق عليهن المسميات الرنانة باطلاً، وغيرهن الحقيقيات الفاضلات، أحق بها وأجدر. مسميات، كالبطلة، والمجاهدة، والمناضلة، والثائرة الحرة...وغيرها كثير، بينما هن الفاقدات للشرف،ولأي معنى وطني، أو إنساني… واليوم تُسخر وسائل الإعلام التيأصبحت متاحة لكل من هب ودب، وسائل التواصلالاجتماعي…وقنوات البث بكل أشكالها تعج وتضج بأشكالهن، صرنجيوشاً مدعومة لا حصر لها، ولا سيطرة عليها، ليقمن بذلك الدورالخطير الهدام، وقد خرجن من دائرة العهر المحدودة… إلى المجالالأوسع، يظهرن بكل مظهر سافر مخزٍ، وقبيح وتافه، ومشينوفاضح…، يتكلمن بالحقوق، والمطالب، والحريات…، وهن الضالاتالمنحرفات…، يفعلن أي شيء، وكل شيء ليقمن بذلك الدور الخبيث،للتقسيط، والإطاحة بالصروح العظيمة للشرف والوطنية، وكل القيموالمعان السامية التي يحملها الشرفاء من الرجال والنساء. ومثلماتُسخَّر العاهرات، فمن الذكور أيضاً من يفعل فعلهن، أولئك الذيننشأوا في حجورهن. فالحذر الحذر.