اولا:: نعتقد، ان التوازن والاتزان في العلاقات الدبلوماسية الدولية بين قادة الدول يعد امراً ضرورياً يصب لصالح امن واستقرار شعوب العالم المحبة للسلام والتواقة للتعايش السلمي، اما التهور واللاتوازن في العلاقات الدبلوماسية الدولية يضع شعوب العالم على مخاطر كبيرة ونتائج قد تكون وخيمة على الجميع، وخاصة اذا تم ذلك بين قادة الدول العظمى. ان الاتزان في التصريحات من قبل بعض قادة الدول العظمى اتجاه قادة دول عظمى اخرى امراً مهماً في العلاقات الدبلوماسية الدولية، اما اللاتوازن والتهور والخروج عن قواعد العرف الدبلوماسي في اتهام قادة دول عظمى باوصاف غير لائقة وغير صحيحة، فهو امر غير لائق ومرفوض في العرف الدبلوماسي وخاصة بين قادة الدول العظمى. ان اتباع هذا السلوك اللامتوازن ان دل على شيء فأنما يدل على غياب التوازن والتهور اللاعقلاني في العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وخاصة اذا كانت الاتهامات ليس لها ارضية صحيحة من حيث المبدأ، لا تتهم الاخرين باتهامات وهذه الاتهامات، الصفات هي صفات ملازمة لكم، وهنا نذكركم بالمثل الشعبي المعروف والقائل (( اذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجر)).
ثانياً :: ان ممارسة الارهاب المنظم والممنهج من قبل دولة عظمي ضد شعوب دول اخرى، يتعارض مع ماتدعي به من شعارات ومنها على سبيل المثال (( الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية….))؟!. وبهذا الخصوص يقول شولتز وزير خارجية الولايات المتحدة (( ان ما تعلمناه من الارهاب، قبل كل شيء، هو عنف غير عشوائي، وانه موجه وله هدف)). يقول المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي (( ان الشعب الامريكي يكاد يكون الشعب الوحيد الذي قفز من مرحلة التخلف الى مرحلة الانحطاط دون ان يمر بمرحلة الحضارة))، وتعبير الانحطاط هنا يدل على انحطاط الاخلاق واتسام المجتمع بالنزعات الفردية وشيوع اعمال العنف وسلوكات الانحراف وفقدان التوازن. ان المجتمع الاميركي يعد في حقيقة الأمر خليطا من شعوب عديدة توافدت الى القارة الاميركية بحثاً عن الغنى او هروبا من الاضطهاد السياسي والديني في اوربا… ان المغامرة والانعزال صفتان تميزيان المجتمع الاميركي حتى القرن الحالي، وبخصوص ذلك اشار الكاتب الفرنسي اندري مالرو ان اسباب ذلك الى كون (( الانسان بنظرهم هو وسيلة وليس غاية…. فهم يتكلمون عن الحرية في ايام الانتخابات، لكنهم لا يهتمون بالسياسة الا لحماية اعمالهم)). ان قضية الولايات المتحدة الأمريكية مع العنف والارهاب ليست قضية حديثة انها متاصلة في الضمير الاميركي ومعشعشة في المجتمع الاميركي السياسي والاقتصادي والفكري. فمنذ قدوم المغامرين الى هذه الارض للبحث عن الذهب بدا الارهاب الداخلي في اميركا بالنمو، حتى اصبح ظاهرة طبيعة مالوفة)).( 1).
ثالثاً :: يشير البروفيسور اوليغ بلاتونوف، ان اميركا قد تأسست على جماجم ودم ونظام وارض الهنود الحمر وتم ابادة اكثر من 100 مليون شخص،ناهيك عن تجارة العبيد للفترة 1726-1774 فتاجر العبيد الاميركي ارون لوبتسكان يتاجر بنسبة 50 بالمئة من تجارة العبيد. (2). لا يختلف الكثير من المحللين الغربيين والشرقيين منهم على ان (( الارهاب صناعة اميركية بامتياز، وهو في الواقع جزء من حيل وكالة الأمن القومي لضرب الخصوم بطريقة غير مباشرة وزعزعة الاستقرار وتنفيذ المؤامرات لقلب نظم الحكم وتقسيم الدول بهدف اعادة رسم الخريطة الاقليمية بشكل يضمن هيمنة حليفها الاقليمي وتصفية اي قوة اقليمية صاعدة، او فرض اجندة سياسية خاصة او التاثير على موقف الدولة المستهدفة….. يؤكد المحامي العالمي فرانسيس بويل استاذ القانون الدولي،(( ان واشنطن صنعت تنظيم (( داعش)) وفق مواصفات تخدم اهدافها الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، كما خلقت من قبل القاعدة)).( 3). يشير الدكتور جون كوليمان ان عملية (( اذلال نيكسون كانت درساً وتحذيرا لكل رؤساء الولايات المتحدة المستقبليين ان لا يتخلوا انهم يستطيعون عصيان اوامر او مواجهة لجنة الثلاثمائة ثم يمكنهم الفوز. فقد اغتيل كينيدي بشكل وحشي امام مرائ ومسمع الشعب الاميركي من اجل نفس السبب، ولكن لم يكن نيكسون بالجدارة الكافية لكي يلقي نفس مصير جون كينيدي)).( 4).
رابعاً:: ادناه جدول يبين الحروب والانقلابات والجرائم التي تم تنفيذها من قبل الرؤساء الاميركيين، بعد الحرب العالمية الثانية ولغاية اليوم وهي الاتي :؛
1- الرئيس ترومان :: اليونان عام1947،الفلبين عام 1948، البيرو عام1948، الصين عام 1949،كوريا عام1950،بورتاريكا عام1950.
2-الرئيس ايزنهاور :: ايران عام 1953، غواتيمالا عام 1954، لبنان عام 1958، الصين عام 1958، اندونيسيا عام 1958، هايتي عام 1959، غواتيمالا عام 1960، الاكوادور عام1960،سلفادور عام 1960.
3- الرئيس كندي :: كوبا عام1961،
4– الرئيس جونسن :: لاوس عام 1964-1973، فيتنام عام 1964-1973، جمهورية الدومنيكان عام 1965، كومبوجيا عام 1965، غواتيمالا عام 1966.
5- الرئيس نيكسون :: كومبوجيا عام1970-1963، نيكاراغوا عام1971، شيلي عام 1973، السلفادور 6- الرئيس كارتر :: السلفادور عام 1980، نيكاراغوا عام 1980-1990، افغانستان عام 1980.
7- الرئيس ريغان :: افغانستان عام 1981، لبنان عام 1981-1984، ليبيا عام 1986، ايران كونتراس، نيكاراغوا عام 1980.
8- بوش الأب :: بنما عام1989، العراق عام 1991، الصومال عام1992.
9: – بيل كلينتون :: هايتي عام 1994، يوغسلافيا 1999.
10:: بوش الابن :: افغانستان عام2001، العراق عام 2003، هايتي عام 2004، الصومال 2004، 2010.
11:: باراك أوباما :: ليبيا عام 2011،اليمن عام 2014، افغانستان عام 2009، 2017.
12- ترامب :: سوريا عام 2018.
13- بايدن – الناتو:: حرب بشكل غير مباشر بالضد من الشعب الاوكرايني. (5).
خامساً :: يلاحظ ان الادارة الامريكية وعبر جميع رؤسائها اقاموا باعمال مخالفة للقانون الدولي اذ اقدموا على الانقلابات الفاشية والاغتيالات السياسية في عدد من الدول ومنها على سبيل المثال الانقلاب الفاشي في ايران عام 1953 الانقلاب الفاشي في العراق عام 1963، الانقلاب الفاشي في اندونيسيا عام 1965، الانقلاب الفاشي في شيلي عام 1973……. الانقلاب الفاشي في اوكرانيا عام 2014، ناهيك عن محاولات الاغتيالات للرئيس جمال عبد الناصر، محاولات الاغتيال ضد الرئيس الكوبي كاسترو والتي تجاوزت 664 محاولة اغتيال اول رئيس لجمهورية بنغلاديش الشعبية الشيخ مجيب الرحمن في عام 1975، محاولات تصفية معمر القذافي، واخيراً تمت تصفيته عبر سيناريو ما يسمى بالربيع العربي وغيرها من الانقلابات الفاشية والاغتيالات السياسية لرؤساء الدول وقادة حركة التحرير الوطني في بلدان اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ومع ذلك يدعون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعلنية وحرية التعبير وغيرها من الخزعبلات الاخرى ولغاية اليوم بعض الدراويش في السياسة والليبراليون المتطرفون والاصلاحيون المتوحشون يصدقون بهذه الشعارات الوهمية والكاذبة والخادعة.
سادساً :: المصادر :
1- مجلة الوحدة، العدد 67، ابريل، السنة، 1990، ص،70-72.
2- اوليغ بلاتونوف، لماذا ستفنى اميركا،دار الطباعة كرسندار، ( روسيا الاتحادية)، السنة، 2001،ص،5-6 باللغة الروسية.
3- رمزي المنياوي، سي.اي.ايه، ذراع الشيطان، دمشق – القاهرة، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، السنة، 2015، ص،302.
4- دكتور جون كوليمان، التسلسل الهرمي للمتامرين لجنة الثلاثمائة من يدير العالم، ترجمة مصطفى احمد الشخب دمشق – القاهرة، السنة، 2015، ص،199.
5- انظر،الولايات المتحدة: الصقور الكاسرة في وجه العدالة والديمقراطية نعوم شومسكي وآخرون،تحرير: برند هام،لبنان، ترجمة نور الاسعد، الطبعة الأولى، السنة، 2006،تحرير: برند هام،لبنان، ترجمة نور الاسعد، الطبعة الأولى، السنة، 2006،