23 ديسمبر، 2024 12:32 ص

خطة  المالكي لأسقاط العبادي

خطة  المالكي لأسقاط العبادي

لا يخفى على أحد ان العبادي اصبح غريما للمالكي، بالرغم من ان الاول هو امين عام حزب الدعوة والثاني ما زال من قادة الحزب، الا ان الصراع الذي كان خفيا بين الاثنين عقب تكليف العبادي بتشكيل وزارته في اواسط عام 2014، بأيعاز من المرجعية الدينية وبتوافق بين معظم الكتل الشيعية وربما بتوافق اقليمي ودولي، بذلك اصبح عمليا خصما للمالكي اذ يعتبره المالكي، انه تسبب في افشال الطبخة التي كانت على وشك الاستواء، في تبوءه للولاية الثالثة.
فمنذ ذلك التاريخ والمالكي يخطط لأفشال العبادي، مستغلا ضعف وتردد العبادي في اتخاذ القررات الجريئة في الوقوف بوجه الفساد وتقديم كبار الفاسدين الى القضاء مهما كانت مراتبهم ومواقعهم في الدولة، كما كان يردد دائما في خطاباته ومؤتمراته الصحفية التي كثرت، لكن كل تلك الوعود والتهديدات بضرب رؤوس الفساد ذهبت ادراج الرياح، وقد فوت العبادي على نفسه فرصة تاريخية ربما من الصعب ان تتكرر، حينما خرجت تظاهرات جماهيرية كبرى تعلن عن تأييدها لما هو عازم عليه فعلا في مكافحة الفساد كما ان المرجعية الدينية دعمته بقوة، واعضاء مجلس النواب بمختلف كتلهم اجمعوا تحت ضغط الجماهير المنتفضة وخوفا من غضبها على تأييده ومساندته. الا ان الرجل لم يكن رجل دولة حقيقي ولم يخطوا ولو خطوة صغيرة لتنفيذ وعوده للشعب، بل زاد ترددا وبدأ يتراجع في خطواته أمام رؤوس الفساد الذين معظمهم من حزبه وكتلته، وهذا ما يجمع عليه معظم المحللين وحتى ابناء الشعب البسطاء، لأن الكتلة والحزب الذي يتمسك بهما، هما يقودان عمليا دفة الحكم منذ اكثر من عقد، وهم بالتالي مسؤولين عما حدث للعراق وللعراقيين من دمار وخراب ودماء تسيل بشكل يومي على يد الارهاب الاسود، وهدر كبير لا يوصف في الاموال، وهذه الكتلة التي يتزعمها امين عام حزبه هي التي فشلت في بناء بنية تحتية حقيقية للبلاد، وهي المسؤولة عن انتكاسة ضياع ثلث الاراضي العراقية على يد عصابات داعش الارهابية الظلامية، ويجب عليها دفع ثمن اخطائها وفشلها امام القضاء. ان العبادي اضاع فرصة تاريخية على نفسه واصبح الآن معزولا من لدن جماهير واسعة بل اقول من اغلبية الشعب العراقي التي كانت تعول عليه كثيرا، الا ان ضعف ادارته وحتى شخصيته هي سبب عزوف الجماهير عن تأييده لأنها لم تلمس منه شيئا على ارض الواقع.
اما السيد المالكي فعمل طيلة هذه الفترة من خلف الستار، على تجميع الانصار في مجلس النواب، وتمكن بدهاء دق أسفين قوي في اتحاد القوى السنية ونجح في جذب عدد لا يستهان به من تلك الكتلة الى صفه، ملوحا لهم بالمناصب والامتيازات حال عودته الى دست الحكم، والا بماذا نفسر ذلك الاصطفاف الغريب بين المتخاصمين بالامس، والاصدقاء الاحباء اليوم؟، اضافة لبعض النواب المنفردين الاخرين من بعض الكتل الاخرى، ربما هم ايضا يتطلعون الى مكسب ما يجود به عليهم المالكي، جمع هؤلاء في جبهة سميت (بجبهة الاصلاح ) والغريب في الامر ان معظم اعضاء هذه الجبهة هم من كتلة المالكي (دولة القانون ) ورئيس كتلة حزب الدعوة السيد خلف عبد الصمد هو من قادة هذه الجبهة!! اضافة لنواب معروفين بطائفيتهم وعنصريتهم ومنهم من اراد ان يجعل أيام حكومة المالكي من بغداد قندهار عراقي! ونائبات بعثيات سابقات، ونواب عليهم ملفات فساد كبيرة كان المالكي نفسه أبان حكومته يلوح بملفات فسادهم! فأصبحوا بقدرة قادر روادا للاصلاح!! ان الاستجوابات الاخيرة لوزيري الدفاع والمالية ربما ستعقبها استجوابات لوزراء آخرين، تعقبها سحب الثقة عنهم.ان الوزراء المستجوبين لم يكونوا هم ايضا على قدر المسؤولية، فلماذا اخفوا طيلة تلك الفترة ملفات الفساد التي بحوزتهم ولم يدفعوا بها الى هيئة النزاهة والقضاء ليبرئوا ذمتهم؟ ولم يتحسبوا ليوم كان مخططا للايقاع بهم، فتم التغذي بهم قبل ان يتعشوا بالفاسدين. ان ما يجري في مجلس النواب، يضع العبادي في زاوية حادة، ربما ينتهي به الامر الى سحبه للاستجواب هو ايضا وسحب الثقة عنه، وان حدث ذلك ستكون بالتأكيد نهاية الحياة السياسية للسيد العبادي، لأن خصومه في حزبه وعلى رأسهم المالكي لن يغفروا له طعنته للمالكي من خلف ظهره حسب اعتقادهم، بذلك تخلو الساحة للسيد المالكي للعودة الى الحكم، بأعتباره يتزعم أكبر كتلة برلمانية.في تقديري ان هذا السيناريو يجري بتخطيط متقن من قبل السيد المالكي، وساعده في ذلك فشل العبادي في ادارة دفة الحكم، وعدم استغلاله للفرص الكثيرة التي اتيحت له، ليعلن استقلاله عن حزبه وكتلته، لو فعل ذلك لكان قد اصبح بطلا وطنيا، الا ان الرجل اختار غير الطريق الصحيح بملئ ارٍادته، اما يقال عن انتصارات القوات المسلحة ومن يساندها تصب في خانة العبادي فهذا خطأ، لأن الشعب العراقي والقوى السياسية تعلم علم اليقين ان لا دور حقيقي في الانتصارات التي تتحقق على عصابات داعش وتتم تحرير وقضم الاراضي المغتصبة من تلك العصابات، لا تتم بتخطيط من العبادي لأن الرجل انسان مدني ولا يفقه بالامور العسكرية، وان منصب القائد العام للقوات المسلحة هو منصب شرفي لا أكثر، فمن يخطط وينفذ على ارض المعركة هم القادة العسكريون المهنيون ذوي التجارب في الحروب وخريجوا كليات الاركان ومنهم من تدرب على يد القوات الدولية، وان للمستشارين العسكريين الاجانب لهم دورهم في التخطيط وأدارة دفة المعركة، مسنودين من الشعب بجماهيره الواسعة، التي بدأت بوعي ان تفصل بين السياسيين الفاسدين والفاشلين وقواتهم المسلحة والامنية الباسلة.
اتمنى ان اكون مخطأ في استنتاجاتي هذه، كي  نقلل من هول ما يتعرض له الشعب العراقي من جرائم الفساد والفشل في ادارة الدولة، وحفاظا على السلم الاهلي من ارتدادات هذه العملية السياسية البائسة، لأن الذين يديرونها، لا يخطر ببالهم مصير الشعب والوطن قدر اهتماهم بمصالحهم ومصالح احزابهم.