اقام سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) صلاة عيد الاضحى المبارك بمكتبه في النجف الاشرف.
و القى سماحته (دام ظله) خطبتي صلاة العيد في جموع المؤمنين المصلين .
وبين سماحته في الخطبة الاولى تفاصيل الآية الشريفة في قوله تعالى : هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) وان الله عز وجل لم يعمل العبد بمقتضى العدل والمجازات بالمثل بل كافأهم على اساس الاحسان والفضل مع انه هو المنعم والهادي والممكّن لعبده في فعل الاحسان كما بين سماحته الروايات التي تصورّ لنا إحسان الله تبارك وتعالى ومنها ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن إلا هالك، يهم العبد بالحسنة فيعملها فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته، وإن هو عملها كتب الله له عشرا. ويهم بالسيئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء وإن هو عملها اجل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإن الله عز وجل يقول: * (إن الحسنات يذهبن السيئات) * أو الاستغفار فإن هو قال: ” أستغفر الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه ” لم يكتب عليه شيء، وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: اكتب على الشقي المحروم ) ومع ذلك فأنه يمنح عدة فرص:
كما اوضح سماحته في عدة نقاط الفرص التي يمنحها الله لعباده:
– وذكر منها فتح باب التوبة للعباد في هذه الدنيا،
– ومنها فعل الحسنات فانها تكفر السيئات بل تبدّلها الى حسنات (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ) هود114،
– ومنها البلايا والصعوبات والالام التي يمر بها الانسان كفارة لذنوبه ،
– ومنها العفو والصفح ابتداءاً تكرماً من الله تعالى وفضلاً من غير تسبيب العبد قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) الشورى30.
كما ذكر سماحته في ان هذه الآية غير مختصة بقوله : والآية عامة لا تختص بالمؤمنين فكل من يصدر منه فعل الاحسان يكافئه الله تعالى بالإحسان مؤمنا كان او غير مؤمن على اختلاف درجاتهم في الكفر و الشرك او الجهل بالخالق .
كما دعا سماحته القادة وبالأخص السياسيين الى رد الإحسان الى الذين أحسنوا اليهم وهم الشعب بان يتخلّوا عن الخلافات والصراعات الشخصية التي راح ضحيتها المئات من أبناء هذه الأمة العظيمة
وان يعملوا على رص وحدة الصف في ظل هذه الظروف التي يمر بها عراقنا الحبيب.
اما في الخطبة الثانية :
فقد بين سماحته في هذه الخطبة الموسومة بـ (فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي) الطرق التي اتبعها اصحاب الائمة الواعون ليصونوا أنفسهم من الوقوع في تلك الفتن ومن الفشل في الامتحان الذي يحصل لكثير من عامة الناس وكيف كانوا يسألون الأئمةَ (عليهم السلام) عن تكليفهم وعما ينجّيهم من الجهالة ويخلصهم من حيرة الضلالة.
واوضح سماحته مستويات الحيرة والضلال التي ممكن ان تقع بها الامة :
وذكر منها على نحو إنكار أصل الغيبة لاستبعاد أن يبقى إنسان هذه المدة الطويلة أو لأي شبهة أخرى.
ومنها الاعتراض على طول الغيبة لعدم الصبر على تأخير الانتقام من الظالمين او للعجز عن إدامة حالة الاستعداد والتمهيد للظهور بأشكال التمهيد الذي يتطلب أحياناً تضحيةً بالنفس ومواجهةً مع الظالمين واصطداماً بالمجتمع، ولذا ستكون فترة الغيبة صعبة وشاقة.
و(ومنها) كثرة أصحاب الدعاوى الباطلة الذين يدّعون الارتباط بالإمام (عليه السلام) ومشروعه فيخدعون بها السذّج والجهلة ليتأمّروا عليهم.
ووضح سماحته في معرض كلامه من ان طريق النجاة يتطلب معرفة الإمام (عليه السلام) معرفة صحيحة والسير على نهجه .
و الأصل هي معرفة الله تبارك وتعالى ومنها تنفتح المعرفة على النبي (صلى الله عليه وآله) ومن ثم معرفة الإمام (عليه السلام) وفي ذلك روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اعرفوا الله بالله، والرسول بالرسالة، وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان)،
فالبداية تكون من معرفة الله تبارك وتعالى فإذا عرفنا الله تعالى وأن من صفاته أنه لطيف بعباده رحيم كريم بهم وأنه حكيم لم يخلق الخلق عبثاً بلا غاية وهدف فإنه لا يتركهم سدى وفي فوضى فيحصل نقيض الغرض بل ولا بد أن يبعث إليهم رسلاً يعلّمونهم ما يصلح شأنهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة ويضعون لهم القوانين والأحكام التي تنظّم حياتهم، وهذه القوانين والأحكام تكون مبنية على أساس التوحيد ومنسجمة مع الصفات الإلهية وبهذا المحتوى للرسالة تعرف من هو الرسول الصادق في دعواه وتميّزه عن المدعين المخادعين
ومن معرفة الرسول يُعرَف الإمام؛ لأن النبي (صلى الله عليه وآله) معروف بأنه حكيم عاقل لا يمكن أن يترك الأمة بعده بلا راع، وأنه (صلى الله عليه وآله) رحيم بأمته شفيق عليهم.
ومن بعد الرسول يعرف الإمام وأولو الأمر أي القيادة الدينية الحقة بإقامتهم لأحكام هذه الشريعة ومبادئها وتنفيذها على ارض الواقع (واعرفوا أولو الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان).
فبهذه العلامات يُعرف الأئمة (عليهم السلام) وقادة المسلمين وأولياء أمورهم وليس بالادعاءات والعناوين المصطنعة.
وذكر سماحته في نهاية خطبته بان تحصيل هذا العمل الذي يوصلنا لمعرفة الله تبارك وتعالى ومنه الى معرفة الرسول (صلى الله عليه واله) ومنه الى معرفة اهل البيت عليهم السلام ضروري وبالغ في الاهمية .
كما وذكر سماحته العلامات لأولياء الأمور الذين يقودون الأمة ويأخذون بأيدي الناس نحو الهداية والصلاح.