تظاهرات الأنبار بحسب وجهة نظري الخاصّة تظاهرات بائسة وغير مجدية سوى لذووا الأغراض الّذين جعلوا منها تظاهرات تراوح في مكانها من الّذين دفعوا بها ويقفون خلفها وهم من دول بعينها .. ووجهة نظري هذه لم تأت من فراغ بل من خلال عدم وضوح برنامج لمطالب شاملة سياسيّة وخدميّة وعلميّة واجتماعيّة معاً وبحزمة واحدة من المطالب غير قابلة للتجزئة إطلاقاً يُفترض أنّها تكون جامعة لجميع العراقيين معدّة ومتّفق عليها بين جميع العراقيين الراغبون بالانتفاض ضدّ الحكومة الأفسد عالميّاً .. يدفع هذا البرنامج المفقود من “كابينة القيادة” بالمتظاهرين لأن ينتظموا في تعاطيهم مع قراءة المشهد السياسي العام داخليّاً وعالميّاً بشكل جماعي ومتناغم ..
لست ضدّ التظاهرات .. وبنفس الوقت لست مع هذه الحكومة الطائفيّة الّتي يصارح رأسها “السيّد المالكي” ويجاهر بطائفيّتها ويوصي “ويتعجّب” من انحراف خصومه نحو الطائفيّة ! في كلّ مناسبة .. بينما تكون وقع كلماته باتّهام الآخرون بما مصاب بمرضه هو .. هي في حقيقتها من أعطت الشرعيّة .. رغم أنّ حكومة طائفيّة عادةً ما تفقد شرعيّتها وفق معايير الخلق الإنساني القويم ووفق القوانين الدوليّة , لكلّ من تفوّه من خطباء التظاهرات الّتي يشهدها العراق اليوم لأن يُعلن عن طائفيّته هو الآخر .. البعض منهم .. ولم تنفع هذا البعض لم تنفعه “الأخوّة” الّتي يدعو لها لمساندة هذه التظاهرات بينما يحاول جاهداً لإخفاء نواياه “الرامقة” تجاه أولئك “الأخوة” ! .. فمثلاً .. ما معنى أنّ “صلاح الدين حرّر مصر من الدولة الفاطميّة” كما ساق هذا المشهد التاريخي فضيلة خطيب الجمعة الفائتة من مدينة الرمادي غير أنّها لا تقبل التفسير سوى تفسير واحد ينطق بدعوة الخطيب للطائفيّة ؟ .. إذ ليس هناك تفسير آخر للّذي دفع الخطيب لإطلاق هذا المقطع المشوّش من التأريخ .. في حين كان الأجدى من كلّ العراقيين وليس المعمّمون فقط .. لأن يبرهن أحدهم للآخر بأن ليس لهم شغل شاغل أو “مطالب خدمات” وما إلى ذلك سوى تنظيم صفوفهم لتحرير العراق تحريراً حقيقيّاً لطرد “الظلّ” المحتلّ .. أو البقايا الّذين تركهم المحتلّ خلفه يديرون شؤونه الاستراتيجيّة في نهب البلد , بما فيها العمليّة السياسيّة المخابراتيّة وبما فيها حكومة السيّد المالكي الطائفيّة نفسها وجميع الكتل السياسيّة الأخرى الّتي تكتّلت في لندن في صلاح الدين .. عند ذلك فقط ستترى الخدمات وباقي الشؤون الحياتيّة تلقائيّاً من دون إجهاد نفسي كما يحصل الآن .. وفي مقدّمة مطالب المنتظمون لتحرير العراق الّتي يجب أن تكون هي إبعاد هؤلاء المعمّمون عن قيادة التظاهرات .. إذ أنّ أيّ تكتّل متظاهر يقاد من قبل “رجل” دين لا يعني للآخر سوى عمليّة “انزواء” .. أي تكتّل طائفي وسط تظاهرة يفترض أنّها عامّة .. ممّا يعني أنّ التظاهرات بمجملها ستكون “محزّزة” طائفيّاً بمشهدها العام حتّى وإن بدت للأنظار من علوّ أنّها تظاهرة واحدة .. ممّا سيضعف من عزيمة المجموع المتكوّن من عدّة طوائف لا تنكشف انتماءاتهم إلاّ بالمعمّمون لذلك فإن مثل هذه التظاهرات ستكون فاشلة في نهاية الأمر إن لم تكن سبباً رئيسيّاً لاندلاع حرب طائفيّة ..
يجب أن ينزع رجال الدين عمائمهم في أيّة تظاهرة إن رغبوا الإصلاح ليذوبوا وسط المتظاهرون لا أن يتصدّروا المتظاهرين من منطلق تصوّر غير واقعي يتملّكهم على أساس “أنّ الإسلام قيادة سياسيّة بحدّ ذاتها تتحرّك للإصلاح من تلقاء نفسها” ! .. وتلك إشكاليّة “جدليّة” نوعاً ما من يظنّ أنّ تطبيق الشعائر “بشكل مضبوط وصحيح” كافية لتحقيق مطالب الدنيا والآخرة ! .. إذ أنّ مثل هذا الظنّ يعيش في قرار ضنّ كلّ “عالم” دين وفي ظنّ الكثير من الأتباع كذلك أنّ المسلم بمجرّد ما يُحسن الوضوء وبقيّة المستحبات من الصلاة وله دراية بنقائض الطهارة وبشروط الحجّ سينتصر في أيّ مضمار يخوضه .. من تدبّر مسيرة التاريخ الاسلامي الطويل أن يحدث .. والجميع معمّمون في تلك الأزمان .. إن كان بعض الأئمّة الأوّلون قد كانت لهم مناقب سياسيّة داخليّاً أو دوليّا ونجحوا في مساعيهم فليس لأنّهم على أساس من صيامهم وصلاتهم الخ .. فياما خسر المسلمون حروباً وهم يؤدّون جميع الفرائض وفي عهد الرسول حصل ذلك فكيف بنا الآن ! .. ؛ فلأنّ البعض من ألئك الأوّلون هم بطبيعتهم “الانتخابيّة” يمتلكون مقوّمات قياديّة بمعزل عن العلوم الدينيّة أو “الضرورة من الدين” .. إذ ليس شرطاً أن يكون كلّ عالم دين هو سياسي بالضرورة .. لأنّ الأصل في الدين ليس تعليم السياسة بل التوصية لممارسة الأخلاق وفق المنهج الإسلامي الّتي بعث جميع الرسل والأنبياء لأجلها .. فكلّما انحسرت الآثام والمعاصي في المجتمع وتوسّعت آداب التعامل بين أفراده برحاب واسعة .. كلّما اتّسعت دائرة الترشيح طرديّاً باحتماليّة فرصة أكبر بظهور قائد سياسي من ذلك الوسط الصحيح الجسد الاجتماعي تنعكس محاسن أخلاقه على تعاطيه السياسي سواء مع الخصوم من الداخل أو مع خصومه من خارج حصون المسلمين مع احتفاظه بالقدرة على المبادأة بالقرار ..
لم أستمع لجميع ما جاء في خطبة الجمعة اليوم والّتي ألقاها أحد خطباء مدينة الرمادي ولكنّني استمعت لجزء منها وما فاتني ألله أعلم ! .. ولكنّني أوجّه نقدي هذا من خلال ما سمعته منه فقط إلى السيّد الخطيب نفسه وأقول أنّ من يستنجد في عالم اليوم الخاضع لشروط الأمم المتّحدة والقوانين الدوليّة ومعاييرها السياسيّة والّتي بجزء منها تمّ ترسيم حدود العراق نفسه في العصر الحديث كما يُفترض رغم الإجحاف الكبير الّذي ألحقته اتّفاقيّة سايكس بيكو وأقرّته عصبة الأمم المتّحدة حينها بحصّة العراق الشرعيّة من الجغرافيا بما فيها “الأحواز” والكويت وبما فيها ديار بكر وغيرها .. أنّ من العيب عليه أن يستنجد سماحتكم وأنتم القائمون على الشرع الاسلامي برئيس حكومة دولة “أردوغان” خاضعة دولته منذ نهاية الحرب العالميّة الأولى لسياسات خارجيّة “غربيّة” وتحوي بلاده قواعد عسكريّة أميركيّة “كافرة” كما يُفترض شرعاً .. أي خاضعة لدول “كافرة” وفق معايير الشرع الإسلامي الّذي ينتمي إليه خطيب الجمعة الأنباريّ هو وزميله أردوغان .. هذه غابت لربّما عن بالهما ..
ومسعود البرزاني ؟ .. هل يعقل .. يا خطيب الجمعة .. أن تتجاهل أهداف البرزاني الّتي هي أهداف أبيه البرزاني الأبّ .. في مطالبه في فصل جزء كبير من شمال العراق تحت حجج واهية معروفة غير واقعيّة وغير حقيقيّة بالمرّة وهي مطالب صهيونيّة معلنة ليس لها أهداف في حقيقتها وفي حقيقة أهداف من يقف خلفها ويقوم بتسليح الكورد قديماً على أساسها والّتي راح ضحيّة تلك المخطّطات الخبيثة خيرة أبناء العراق من أفراد الجيش العراقي الباسل سمت أرواحهم من أعالي جبال العراق إلى بارئها وبعشرات الألاف منهم نتيجة “قنص” عصابات البرزاني الأبّ الّذين يطلق عليهم إعلام اليوم المزدرى “ثوّار” .. “لربّما يكون أحد أقربائك من أولئك الجنود الّذين استشهدوا دفاعاً عن أرض العراق يا شيخنا واحد منهم أو مجموعة منهم وخاصّة في فترات احتدام القتال على عهد اللواء “الشكرجي” ستينيّات القرن الماضي والّذي راح ضحيّة خططه المشكوك فيها الآلاف من الجنود العراقيين ” ..
فإخضاع شمال العراق يا شيخنا الخطيب للحكومة المركزيّة ببغداد يمثّل وحدة العراق الحقيقيّة بغضّ النظر عن هذه الحكومة العراقيّة الطائفيّة ممثّلةً برئيسها الموتور .. فيجب أن نسعى يا شيخنا أن تعود بغداد عاصمة لجميع العراقيين والعراق فعلاً وقولاً وبزيّاً موحّداً لا يثير الطرف الأخر لعلّ الاختلاف الخطر هذا يختفي تدريجيّاً مع مرور الزمن ومع وحدة العراقيين تحت ضلّ عراق مستقلّ القرار ومنيع بجيش وطني قويّ يصنّع سلاحه بأيدي علمائه وثرواته للجميع بالعدل وبالمساواة