كانت السنوات السابقة على التغيير مليئة بالمشاكل التي تقف امام الخطيب الحسيني عندما يصعد المنبر وكان الهم الاول هو ان يحافظ عل نفسه من القتل والتصفية الجسدية كما حصل ذلك لكثير من خيار الخطباء الشباب وغيرهم .
لكن التغيير الذي حصل في البلاد ايضا افرز مشاكل جديدة في وجه الخطيب وهي كثيرة منها :
1-الكم الهائل من الافتاح الثقافي الذي عصف بالبلاد وجعل مسؤولية الخطيب تكبر بمستوى وحجم التحديات الثقافية الجديدة وهذا امر لمسه جميع الاشخاص الممارسين للخطابة حتى تبين واضحا انه مشكلة جديدة تضاف الى مشاكل الخطباء .
2- تغير الذوق الانساني عند المستمعين حتى ان الخطباء الجيدين لم يجدوا لانفسهم مكانا في الاعلام المرئي نتيجة هذا الانخفاظ الغريب في الذوق العام يضاف الى ذلك صعود نماذج غير واعية على المنبر افسدت القيمة الحقيقية للثورة الحسينية في الاذهان .
3- دخول الاعلام على المنبر الحسيني اسهم بصورة كبيرة في تقليل الاهتمام بالجانب العلمي وبيان الحقائق وصار المهم عند البعض ممن يملكون قيادة هذه المنابر الاعلامية ان يكون الخطيب موافقا لهم في التوجهات وهذا ما جعل الكثير من الخطباء الى الابتعاد عن الاعلام او الخروج دون اداء مقبول بسبب الضغوطات التي تواجه الخطيب في تلك الاماكن .
4-حرص الكثير من الخطباء على الحصول على فرصة للخروج من البلد مما اثمر ضياع الكثير من الجهود التي وضعت في غير محلها كما في المجالس التي عقدت في بض البلدان الاسلامية والتي لم يحضر فيها سوى عدد قليل من الاشخاص مع ان الخطيب له محبوه في بلده الاصلي ولو انه جاء فسوف يلقى ترحابا كبيرا من قبل المحبين وغيرذلك من الامور .
الا ان صعوبة المهمة التي اشرنا الى بعض جوانبها باختصار يمكن ان تواجه بطرق مختلفة من اجل التطوير فان الجانب العلمي في شخصية الخطيب صار امرا مهما جدا ولا يكاد يلتفت في الاعلام الى شيء اكثر من ضحالة مستوى بعض الخطباء .
وفي مقام الحصول على تطور في هذا المجال يشعر الكثير من الخطباء بعدم الرغبة في الصعود سنويا حتى لا يتهم بالاعتياش وهذه من الظواهر الجيدة عند عدد غير قليل من الخطباء وهم في الاغلب طلاب الدرس المشتغلين فعلا .
وبالرغم من كل حالات الصعوبة التي طرات على مهمة الخطيب يوجد عدد من الخطباء كان واعيا لهذه المهمة وطور اوضاعه العلمية لتناسب الوضع الجديد .
يضاف الى ذلك ان الاعلام المخالف لمنهج اهل لاالبيت لم يكن منصفا في التعامل مع الخطباء وصار منهجهم فيه الكثير من التشهير في طرح الافكار حتى صار الخطباء هم الضحية الاولى لهذا الخلاف .
ومن اللازم ان يقلل الخطباء من حالة الترهل العلمي في طرح المعلومات فقد كانت معلومات الخطباء دائما محلا للنقد ولا زالت هذه الحالة مستمرة الى الان .
وعندما ينظر الانسان يجد ان هذه الحالة لها وقع كبير على كثير من شرائح المجتمع خصوصا الشباب الذين صارت لديهم رغبة كبيرة في سماع المحاضرات بعيدا عن الافراط في الجانب الانساني في طرح قضية كربلاء .
وقد عملت العديد من الجهات على تذليل عمل الخطيب من خلال التوجيهات الخاصة او من خلال فتح الدورات التطويرية او من خلال تسهيل عملية الحصول على مكان للخطابة وهكذا وهذه الافكار كانت محل اهتمام عدد غير قليل من اساتذة البحث الخارج وبعض مكاتب المرجعية من اجل تجاوز هذه الامور وقد ظهرت بعض النتائج الايجابية في هذا المجال الا ان المستوى المطلوب في هذا الامر ليس بالمستوى المامول لان حجم تاثير الخطيب في المجتمع يحتاج الى جهود مكثفة من اجل انجاح هذه العملية والمهمة المقدسة .
ولعل هناك استغلال في الجانب المادي في بعض الاماكن على حساب مكانة الخطيب العلمية فيما يوجد اسراف في اعطاء البعض الاخر بالرغم من عدم اهليتهم العلمية بل ان البعض منهم ربما لا يستحق حتى ان يكون من الخطباء لعدم تاهله لمثل هذه المهمة الخطيرة .
ويعد الخطيب في المجتمع عنصرا مؤثرا جدا ومن المهم الاهتمام بشانه من كل الجهات المعنية لان بقاء وضعه مع تطور مستلزمات العصر ينذر بحالة فشل متوقعة على مستوى التاثير الايماني في النفوس ويحتاج الامر حتى الى مساعدة الجهات غير الدينية يمكن ان تزود الخطيب ببعض الظواهر الاجتماعية يجب ان يجد لها حلا شرعيا يطرحه خلال اعتلائه للمنبر وهذه العملية تعد من اصعب الامور التي يكلف بها الخطيب.
كما ان الطرح السياسي في الشان له تاثير سلبي على الخطيب فقد اصبح البعض يخشى على نفسه من الاذى او التشهير نتيجة لبعض الاخطاء في ادارة بعض فاصل الحكومة المحلية والمركزية حتى صار لزاما على البعض ان يراعي هؤلاء حتى يستطيع الحصول على مكان للخطابة وهذا امر مؤسف جدا الا ان الكثير من الخطباء لا يهتمون بهذا التخويف ويقومون بالمهمة على اكمل وجه .
ولعل وضع خطة مستقبلية للخطباء امر لازم حتى يكون العمل على تجاوز تلك الصعاب قبل ان يحين موعد طرح الحلول لها على المنبر وهذا ما يعمل عليه البعض الان ويحتاج الى وقت طويل حتى تظهر نتائج هذا العمل .