15 أبريل، 2024 3:30 ص
Search
Close this search box.

خطباء الفضائيات بين الواقع والطموح

Facebook
Twitter
LinkedIn

تعود الشيعة في مثل هذه الايام من كل عام ان يكثر عقد المجالس الحسينية بمناسبة ذكرى المعركة التاريخية بين الحق والباطل ,وكان المستوى العام للخطباء في زمن النظام السابق هو الضبط ؛لان النظام السابق كان قاسيا جدا مع خطباء المنبر ,وكان اكثر ضحايا التشيع من طلاب العلم من الخطباء ؛لانهم يمثلون واجهة المذهب على مستوى الدعوة الى الله عز وجل..
ورايت بام عيني وفي نهاية حقبة الثمانينات كيف قامت السلطات البعثية بحملة قاسية ضد الخطباء في كل المدن العراقية وقام بتصفية الكثيرين منهم خلال اشهر معدودة …

وهكذا الحال كان في فترة التسعينات ؛حتى ظهور الانفتاح الجزئي في تعامل الدولة مع الحوزة العلمية , ومنذ ذلك الوقت تبدلت شيئا فشيئا طريقة تعامل الدولة مع الخطباء ,وصار التاكيد اكثر على نشر ثقافة الدولة عن طريق الدس والتزوير ,وكان هناك بلا شك عدد من الاشخاص الذين صعدوا المنبر بمباركة الدولة الظالمة , الا ان هؤلاء بطبيعة الحال صعدوا المنبر لاغراض ارادتها الدولة البعثية ولم يكونوا يوما طلابا في حوزة النجف …
وعند سقوط النظام البعثي ذاب هؤلاء الخطباء ؛لان وجودهم كان مرتبطا بالحكومة الظالمة , وصعد المنبر اشخاص اخرون بعضهم كان في الحوزة فعلا ,والبعض الاخر كان خطيبا منذ زمن النظام السابق وليس عنده ارتباط درسي بالنجف …

      ولعل ابتعاد امل عودة النظام البعثي ابعد المنبر عن السقوط في حضن السلطة من جديد , وكان المؤمل ان تزداد قيمة المنبر بعد ان صار المجال مفتوحا امام الخطباء للتزود بالمعارف وطرحها على الناس في المناسبات الدينية المختلفة.

وصار الامر كما توقع الكثيرون بالفعل , وحصل تطور كبير في مستوى الخطباء على جميع المستويات , وقد ابدع عدد كبير من الخطباء في كل الجوانب , وهذا امر طبيعي لتغير الاحوال.

ولابد ان نشير الى ان عميد المنبر الحسيني ,وكذلك عدد قليل من خطباء المنبر الذين سلموا من بطش النظام البعثي وصلوا الى تلك الحالة الايجابية من التطور في الاداء الدعوي .

وزاد في خطورة عمل الخطيب من ناحية الدعوة الى الله ؛ ان المحاضرات صارت تنقل عبر القنوات الفضائية بصورة مباشرة ,وهذا اخطر حال يواجهه الخطيب في الوقت الراهن ,وزاد في الخطورة ان البعض من المخالفين صاروا يتصيدون كل اخطاء الخطباء وبثها عبر القنوات المعادية ؛من اجل التشهير بالتشيع عن طريق تصوير تلك الاخطاء وكانها الاصل في المذهب الشيعي .

ومما زاد الامر سوءاً ان هناك عددا من الخطباء احتكروا الظهور على القنوات الفضائية , بالاضافة الى ان الخطباء المستحقين للظهور فعلا لم يمنحوا الفرصة للظهور بصورة مناسبة مع مستواهم العلمي .

 وكان المؤمل ان يكون الحجم المعطى لخطباء الفضائيات متناسبا مع مستوى الطرح العلمي الذي يمتازون به ؛ الا ان الامر لم يكن كذلك بالفعل ؛فقد زهدت الكثير من الفضائيات بعلماء ومجتهدين يصعدون المنبر , وجاءوا بخطباء اقل ما يقال على بعضهم انه لا يحسن حتى قراءة الايات القرانية بصورة صحيحة , يضاف الى ان الكثير منهم لم يكن بصدد اتعاب نفسه , وطرح موضوع نافع للناس ؛وانما كان هدفه احتراف الصعود على المنبر لانه يدر اموالا عليه وعلى غيره من المنتفعين من هذا الظهور حتى وان كان على حساب المذهب …

 وكان احد الاساتذة – الذي جاء من الخارج للزيارة بعد التغيير – قد صادف عبارة مكتوبة على صدر احد المتطوعين وقد وضع اية نصبت كلمة فيها مع انها مرفوعة في القران وعندما ساله عن السبب اشار الى انه تابع وان الامر بيد احد المعممين وقد اشار اليه بيده.

 وعندما جاء هذا العالم يسال المعمم عن السبب في وقوع مثل هذا الخطا الواضح ؛ اجاب المعمم ان السبب هو عدم سماح النظام السابق لطلاب الحوزة بتطوير امكاناتهم العلمية وظلمه للشعب.

 ولكن هذا العذر الان صار اثرا بعد عين فليس هناك شخص يمكن ان يقنع بهذا العذر بعد اكثر من عقد من الزمان وهذا هو المؤلم في قضية الخطباء الذين لم يطوروا امكاناتهم الشخصية وبقيت حدودهم هي المصيبة فقط فان كان البعض معذورا لكبر سنه فالبعض الاكبر وهم الحصة المنظورة لا زالوا في ريعان الشباب .

وكان المنبر الحسيني قد حافظ على منهج واضح في اسلوب المحاضرات يبدا الخطيب فيه بالاية القرانية ثم يعرج على تفسيرها ثم ينتهي بربطها بالمصيبة خصوصا في شهر رمضان ,وهذا الاسلوب الرائع كان ولا زال موضع قبول واضح من جميع فئات المجتمع بجميع اصنافه سواء كان الاصل هو الاية او حديث لمعصوم ؛فان الامر لا يختلف كثيرا ؛ الا ان البعض من الخطباء صار يستخدم نفس الاسلوب بطريقة غريبة ؛حتى ان البعض منهم يذكر الاية محل الكلام ثم يذهب في حديثه بعيدا فلا هو يختار موضوعا جديدا ولا هو يعود لتفسير الاية او الحديث ان كان وهذه الظاهرة جعلت المنبر محطة لاستعراض الاصوات تارة ومحطة لاستعراض المفردات الخاوية وغير المناسبة تارة اخرى بل وصل الامر الى ان صرح البعض ان المبدا البعثي سيء الصيت مبدا (نفذ ثم ناقش) مبدأ اسلامي وان القائد للامة يجوز له ان يعاملها بالغلظة مفسرا الاية القرانية (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) بانه خطاب للنبي (ص) بالتعامل بقسوة وغلظة مع الاتباع!!!! الى اخر كلامه الذي يضحك الثكلى …

هذا بالاضافة الى التصريح بعدد غير قليل من الروايات التي لا يوجد لها اثر ولا عين في كتب الحديث ؛يحتال البعض لنشرها ؛لانه بحاجة الى رواية في المقام فيصنع لنفسه رواية , او يفسر الروايات بتفسير غريب جدا لا يقول به حتى السذج من الناس , او يتدخلون في امور لا يعرفونها لانها قضايا تخصصية فيحدثون فتنا بين المؤمنين ؛ تبعا لجهات لا تمثل المذهب وهمها ان تعيش على اشلاء ابناء التشيع  …وووووو…

ومن اجل هذه الاوضاع  صار من المهم جدا ان تكون المنابر خاضعة لذوق يتناسب مع مستوى التحدي الذي يواجهه المذهب في هذه الايام وعلى الخطباء ان يلتفتوا الى ان مهمتهم في الصعود على المنبر اكثر خطورة مما سبق فقد يقول الانسان كلاما ثم يعود عنه الا ان هذا الامر صار صعبا بعد وجود البث المباشر للمحاضرات وصار الخطيب مسؤولا اكثر امام الناس عن كل ما يصدر منه ولهذا الامر اهمية لابد ان تكون معلومة عند الجميع وهي ان المنبر لا يقصر مع احد ابدا حتى الذين قضوا على يد النظام السابق لانه اوصلهم الى الشهادة في سبيل الله تعالى ولم يقصر بالفعل مع الخطباء الموجودين الان فهم يحظون بمكانة تفوق مكانة المراجع في الاعلام بكثير ولهذا الامر وغيره يجب ان يعلموا كيف يعطون ضريبة هذه الشهرة والمكانة التي حصلوا عليها .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب