18 ديسمبر، 2024 6:19 م

خطاب نصر الله… والاصوات المبغضة..

خطاب نصر الله… والاصوات المبغضة..

في واحدة من اكثر الخطابات المقلقة للعدو، اطل سيد المقاومة بخطاب لا تتعدى مدته 90 دقيقة… قدم خلاله شرحا وافيا ومفصلا عن “طوفان الاقصى” منذ فجر السابع من تشرين الاول (اكتوبر) مرورا بالايام التي سجلت خلالها المقاومة الفلسطينية اكبر الانتصارات حتى مشاركة حزبه من الطرف الشمالي والتحاق اليمن بصواريخها ومسيرات الحوثي العابرة للدول والبحار.. وانضمام المقاومة العراقية بدك القواعد الامريكية وبعض الاهداف على البحر الميت قرب ايلات.. ولم يحاول السيد حسن نصر الله مصادرة جهد المقاومة الفلسطينة وتمسك بمنحها شرف المبادرة واتخاذ قرار الهجوم والعملية بدون تدخلات من بقية دول المحور وخاصة ايران بعد 26 يوما من مفاجاة الكيان الغاصب بالعدة والعدد التي تمتلكها حماس.
وضع نصر الله النقاط على الحروف في رده على التساؤلات التي كانت تطرح منذ انطلاق المواجهة وعن غياب دور (حزب الله)، ليخبرنا بثقة عالية بانه “يشارك بالمعارك منذ ثاني يوم ولا ينتظر توصيات او توجيهات من احد”، ومن يسعى للتأكد او الرد على المشككين يكفيه مشاهدة عوائل 45 شهيدا قدمتهم المقاومة اللبنانية.. وليبحث بعدها عن عمليات مصورة تظهر الصواريخ وهي تستهدف دبابات العدو وابراج الاتصالات ومواقع جنود الكيان المحاذية للجنوب اللبنانية، وهي مبادرة وواجب عقائدي تخلت عنه حكومتي مصر والاردن، الدول المجاورة لفلسطين واختارت اللعب بطريقة “جر الحبل” مرة تدين وتستنكر واخر تستقبل وزير الخارجية الامريكي وممثلين عن الكيان الغاصب.
لكن.. الملفت في خطاب سيد المقاومة توجيه كلماته بشكل مباشر للولايات المتحدة الامريكية باعتبارها “الراعي الرسمي” لاسرائيل والمذنب الاول في التغطية على جرائمها والمجازر التي ترتكب بحق الفلسطينين، ليؤكد لهم بان، خيارات الحرب المفتوحة لازالت قائمة وتتوقف على التطورات في قادم الايام، الامر الذي جعل قادة امريكا واسرائيل يردون على خطاب السيد نصر الله، يتقدمهم المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، حينما قال..”نحن وشركاؤنا كنا واضحين، على حزب الله وأطراف آخرى سواء كانوا دولا أو لا، عدم محاولة استغلال النزاع القائم”، ليكمل بعدها.. “خطاب ن صر الله، قد يحول الأمر لحرب بين إسرائيل ولبنان تكون أكثر دموية من حرب 2006″، ليأتي الدور على رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، في تصريح يدل على ارباك شديد و”هستيريا” بالمواقف، حينما خاطب سيد المقاومة بالقول…”أي خطأ على الحدود الشمالية سيكلفك ثمنا لا يمكنك حتى تخيله، ونرفض وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار لا يشمل إعادة المختطفين”، وهذا اثبات اخر على قوة خطاب السيد حسن نصر الله، وقدرته في التأثير على الكيان الاسرائيلي والداعمين له سواء دول او منظمات، وهو يعاكس الاجواء التي حاولت العديد من الاطراف اشاعتها بان خطاب امين عام حزب الله، لم يكن بمستوى الطموح واصاب المواطن العربي والفلسطيني بخيبة الامل.
الغريب في الامر.. تصدر شخصيات من المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي وبينهم مقدمي برامج (التوك شو) حفلة “للاستهزاء” او التندر على خطاب السيد ن صر الله، ومحاولتهم اظهاره بموقف الضعيف امام اسرائيل وداعمتها واشنطن… وتناسوا حرب تموز في 2006، وكيف استطاع لوحده تدمير سمعة جيش الكيان ومن يقف معه، وصموا اذانهم عن نص الخطاب ومضمونه، وكأن ادوات الهجوم معدة مسبقا، فهم ابتعدوا عن جميع المواقف المتخاذلة واصبحوا يبحثون عن مواقف تتناسب مع “امزجتهم” وحتى لو كان الخطاب اعلن الحرب المباشرة، فتراهم يتباكون على بيروت وماذا سيحدث لها ويتهمون السيد نصر الله، بتوريط المنطقة في المواجهة، فهم مستعدون لانتقاد ومهاجمة جميع الاحتمالات، لكن مصيبتنا لم تقتصر على مدعي المدنية والابتعاد عن السلاح، انما شمل جنود التيار الصدري وجيوشه الالكترونية الذين التحقوا بجبهة المنتقدين و “المضللين” بعد محاولتهم عكس صورة مغايرة عن مضمون الخطاب واهدافه… وجميع هذا يرتبط بمقطع صغير من الخطاب اشاد فيه امين حزب الله بالمقاومة العراقية واساليبه في الدخول للمعركة، فهم يعتقدون بانه تجاهل دورهم، الذي لا وجود له من الاساس، لانهم مجرد شعارات ومطالب فارغة تجاهلها الجميع.
الخلاصة:.. ان خطاب ال90 دقيقة كان تعبويا وتمهيدا للمرحلة المقبلة، فالرجل حدد العدو الاول والمباشر والذي يجب عليه الاستعداد للمواجهة، وهي امريكا التي خاطبها بعبارات، “اعددنا العدة لحاملاتكم”، لتكون كفيلة بدخول جيش الكيان حالة التأهب القصوى بعد انتهاء الخطاب الذي اوقف جميع الداعمين لاسرائيل على قدم واحدة، واجبرهم على متابعة شاشات التلفاز لانتظاره وتحليل عباراته، وهي حالة نادرة جدا لم نشاهدها مع زعيم او قائد عربي… اخيرا… السؤال الذي لابد منه… متى يستفيق المرجفون ويتراجعوا عن مواقفهم المبغضة؟…