في بلد حديث العهد بالديمقراطية ، تبقى السلطات الامنية غير مدركة لواجباتها ومسؤولياتها ، ولا تعّي مفهوم #الاستقلالية او مفهوم #الحيادية ، التي رسمتها له مبادئ الديمقراطية العامة المدونة والمثبتة في الدساتير ، يبقى #الخطاب_السياسي ، طبيعته ونوعه ، حدته ولهجته ، هو المؤثر المباشر ، والدليل لقوى الامن الذي يشرعن لهم استخدام نوع القوة وحدودها ودرجة مقبوليتها القانونية والسياسية .
ما نُشر مؤخرا” حول قضية التعنيف والاذلال والاهانة لصبي في ساحة التحرير في بغداد هو نموذج بسيط من عدد الانتهاكات الامنية التي حدثت طيلة ١٧ سنة ، على اختلافها والتباين في درجة حدتها وفقا” للمناطقية ، او الطبيعة الديموغرافية التركيبية للسكان ، الطائفية او العرقية ، او حتى تباين بين تلك المناطق التي تغلب صفة السلمية على سكانها وبين مناطق اخرى معروفة باحتوائها على عناصر مليشاوية ، التي تخشى السلطات الامنية الاحتكاك معها وتتعامل معها بحذر وليونة عالية !!
يتفق الكثير من المحللين السياسيين والاجتماعيين على ان واحدة من ابرز واهم الاسباب التي تسببت في سقوط ثلاثة محافظات عراقية ومنها مدينة الموصل في ٢٠١٤ ، هي سلوكيات قوى الامن المهينة والمذلة مع سكان تلك المدن ، والتي قد شَكلت فجوة كبيرة وعداء حاد بين السكان والقوى الامنية ، الذي بدوره سمح لعصابات الارهاب والظلام من التسلل الى تلك المنظومة الاجتماعية وكسب مؤيدين .
مع العودة الى #خطاب الكراهية والحقد والتحشيد المنتهج من الكثير من السياسيين ورجال دين واعلاميين احيانا” وحتى من بعض ما يطلق عليهم بالمدونيين ، تجاه العديد من الفئات الاجتماعية ، خطابات طائفية كانت ذروتها في السنوات الماضية ، او خطابات ضد مناهضين ومعارضين لسياسات البلد ، كما حدث مع متظاهري تشرين ، الذين تعرضوا الى احملات تشويه وشيطنة واسعة وممنهجة وتعرضوا الى اتهامات كبيرة وخطيرة ، كل هذا ، قد منحت هذه الخطابات الضوء الاخضر مجددا” لقوى الامن لتجاوز حدود مسؤولياتهم الامنية والعسكرية والتجرأ على تنفيذ جرائم وممارسات ضد الانسانية .