بعد وليمة عامرة بالمفطح والمنسوف والمشوي والمقلي وأجواء صاخبة من الثرثرة في المشهد السياسي العراقي تمدد المسئول الضرورة على سريرة الوثيرة وأشاح بوجهه المتجهم عن زوجته ذات الوجه السريالي من ألوان الماكياج والتراجيدي من تجاعيد الزمن والنضال والتشرد في ديار الغربة قبل إن تحل رياح التغيير فيسكنوا المناطق الخضراء والملونة .
ليغط في نوم عميق ويحلم أن موكبه المهيب مر في شوارع المدينة المملؤة بالبسطيات والجنابر ومرقت سيارته المصفحة في زقاق أغلق بالصبات الكونكرتيه (لدواعي أمنية). توقف الركب ليستدير وسط عشرات المتجمهرين ليروا المسئول الضرورة .
هنا أمر إفراد حمايته إن يفرقوا هؤلاء المخلوقات الآدمية البائسة وطردهم شر طردة وان اقتضى الأمر افتعال انفجار قنبلة صوتيه يتهمون فيها بان شخصه المهيب قد تعرض إلى محاولة اغتيال وان قوى خارجية وأيادي محلية وراء العملية إلا إن مستشارة الإعلامي وهو خريج ( التجاذبات والاصطفافات والاتفاقات)همس في إذنيه قائلا أنها فرصه ذهبية يا( أستاذ ) للاتقاء بالجماهير والاستماع لشكواهم وهي صفقة بل ضربةاخبارية ناجحة لاتسنح لنا دائما ؟
تنحنح القائد مرتين وامر إن يضرب له منبرا من اعواد ( الجنابر والعرابين ) التي امتلئ بت الزقاق واعتلى برميلا من براميل الكاز الفارغة لاحد المولدات الاهلية .
فيما هتف احد اتباعه (بالملابس المدنية طبعا ) : 000 هلة بيك هلة وبجيتك هلة ..وفي لحظة درامية ارتفعت عشرات الأيادي محملة بملفات واضابير الشكاوى والمطالب والترحمات والتعينات ورددت افواهها ( هله بيك هله وبجيتك هلة ) .ناوله احدهم مكبر صوت لأحد الباعة المتجولين وساد صمت رهيب وهم يرون القائد الضرورامامهم بشحمه ولحمه ولأول مرة يروا قائدا سياسيا يتصبب عرقا ويلهث من شدة الحر .
إخواني أخواتي أبناء مدينتي
اليوم جئتكم لأراكم وجها لوجه ،قريبا منكم، تسمعوني وأسمعكم ،ورغم قوى الاستعمار والاستكبار والشيطان الأكبر والصهيونية والامبريالية العالمية إلا إنني أقف إمامكم شامخا منتصرا بعزتكم وبتضحياتكم .
شق السكون صوتا( تخريبا عميلا )منا ديا 000: كهرباء كهرباء نريد هسة كهرباء .لاغذاء ولا دواء نريد هسه الكهرباء .00000
هنا جحظت عيني القائد وانتفخت أوداجه لتغيير سحنته ويتحول من ملاكا يفيض رحما نية ونورانيه إلى وجه جلاد متجهم وزبادة غضب امتلئ بها شدقية وأرعد قائلا :
لقد صبرنا عليكم كثيرا مابالكم تضجون بالشكوى والمطالب اين خطابات التأييد وشعارات المعركة والنصر والتحرير .تُرى ما بالكم أيها الرعاع تقضون علينا مضاجعنا، وتنوحون حسداً لمن عمل واستحق المكافأة، ألا يكفيكم الأمن الذي لطالما سهرنا وعملنا علية إما كنتم امنين وانتم تمرون تحت لذة المراقبة والتفتيش والاستمتاع بطوابير السيطرات الجميلة ، ألا تكفيكم حرية التمتع بمشاهدة القنوات الإباحية على القمر العزيز( ألهوت بيرد) ومشاهدة فضائح الدول الأخرى على الشاشات الفضية والالكترونية، كيف لا تحمدون ربكم على نعمة المسير إلى أي من بقاع البلد المعمورة مشيا وزحفا ، وتوفير سيارات لنوابكم من النوع المصفح والاستغناء تماما عن الخطوط الجوية العراقية التي ابتلعتها قرارات الكويت الشقيقة وحكومتها الجربوعية الرشيدة ، على الأقل هذا أفضل من تلكؤ المطارات وطائراتنا المشغولة والمحجوزة مدى الحياة لنوابنا الكرام لحجهم المبروك سلفا ولتعزيز العلاقة مع الجيران لما هذا النعيق الشعبي اليومي، ولما هذا الكره للمسئولين الذين لطالما ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل أن يحكموا الشعب وفقاً لديمقراطية الدين والمذهب والعرق أيا كان. أعطيناكم من القنوات مالم تحصل عليه الدولة العربية ، كلها (سيحا )،توصوصون وتشتمون وتشتركون بمسابقات ماجينة ياماجينة والعب واربح . كلها ببركة الديمقراطية، ومن الجرائد ما يفوق سكان الصين يجعلكم تقضون اليوم كله تقرؤون وتمسحون بها وتلفون بها ألفلافل والكباب ومأرب اخرى .، وحولنا لكم الأرصفة والشوارع إلى بسطات وجنابر بل الى مخازن تجاريه عامرة ليطلع العالم على المدنية في التخطيط والعمران وتوظيب المدن وكفلنا حرية الناس وخصوصا الأطفال والأيتام ولهذا السبب تجدونهم يتجولون في الشوارع يبيعون الحب والسكائر ولا من معارض يعارضهم، بل على العكس، شرطتنا الوطنية تعاملهم بكل رقة وحنان وتسمح لهم بالتسيب متى واينما شاؤا، كل هذا الصنيع، والشعب لا يقنع، عجيب أمركم كم أنتم ناكرين للنعمة ، كان الأحرى بكم أن تتذكروا قوله تعالى( وأما بنعمة ربك فحدث) لكنكم، لا تتحدثون إلا في مساوئ الغير في غيرة هوجاء (بعثية وهابية عرعورية ) النفس، قاعدية المنشأ.طالما تتهموننا بالتقصير في توفير الكهرباء!!!!!! والحقيقة، هي أنها متوفرة، لكنكم لا تعرفون كيف ترونها، وأكبر شاهد هي شوارعنا المضاءة ليلا ونهارا ومساكن وقصور النخبة والساسة التي تتلئل أنوارها رغما عن أنوفكم فانتم من انتخبتموهم فذوا قوا ماكنتم منتخبين واسألوا المعتقلين، اسألوهم، عندما تزورونهم، وسوف يقولون لكم أنهم الشريحة الأولى المستفيدة من التيار الكهربائي، وطنياً كان أم متولداً.ـ وزينا لكم دوركم وشوارعكم بباقات من (الوايرات والضفائر) من خطوط الوطنية والمولدات والتي يعجز الرجل العنكبوت (سبا يدر مان )من تسلقها ويقف المرحوم نيوتن حائرا من حل شفرة خطوطها .إما سرقاتكم من خطوط السحب الأخرى. فلا داعي لذكرها لان مقامي لايتعامل مع السرقات التافهة والصغيرة.فانسوا الكهرباء وكونوا متقشفين رهبانين ولكم في السلف الصالح أسوة حسنة وتذكروا إن البركات ما رفعت عنكم.
إلا لأنكم نسيتم وتناسيتم رو حانية الظلام والهندس والتفكر ببلاء الساسه والمحاصصة والمشاركة والشفافية.نعم.
لا ننكر وجود بعض الإخفاقات الفردية هنا وهناك، لكن هذا لا يعني، اننا فرحون، صحيح إننا أضعنا أربعين مليار دولار قبل فترة ومثلها في ملف الكهرباء وتدريب القوى الامنية ، لكننا نعمل على توظيف اكبر الكشافين أمثال أبوعلي الشيباني وام شفيق وابو مراية وخبراء الختيلان للكشف عن أماكن تواجد هذا المبلغ الهارب من وجه العدالة وجيوب الشعب. ونحلف لكم بال…………، باننا سنجدهن في جيوب احد اقطاب ……….. فنطمئن عليهن ونحمد الله إنهن لم يذهبن الى جيوب قوى الاستكبار العالمي واعداء الوطن بل الى حصنا إيمانيا مباركا والمثل يقول (مركتنة على ازياكنا ). ولا ننكر البتة القصور الحاصل في الحصص التموينية على الرغم من هدفنا الستراتيجي في منحكم خلال رمضان ربع كيلو عدس و ترشيق الشعب كمحاولة منا لأستكشاف السبل الناجعة بهذا الخصوص بدلا من أدوية الرجيم والشاي الأخضر وأجهزة الرياضةوجنة الاعشاب واعلانات قناة الثريا .على أمل العمل – بعد نجاح التجربة – على ترشيق المناصب والوزارات وكروش بعضنا من الحيتان ومتكرشي الجيوب والبطون على السواء.
وأخيراً، ايها الشعب، ندعوكم بالصبر، فأن الله مع الصابرين، وأن الصبر، هو( سويج )الفرج، واوعدكم و(بشرفي المدني والعسكري )لكل صابر، لما تتحسن الظروف قطعة أرض سكنية بشرط توفر شهيد أو مهجر بعائلته، ومن حرم من نعمة إن يكون شهيد، فليدعو الله أستشهاد احد افراد عائلته الكريمة، او العائلة كلها،في مسلسل التفجيرات اليومية الدائم او مسلسل حوادث طرقاتنا بسيارات (سايبة) الكارتونية المباركة . لايهم!!!!!! مادام الثمن، قطعة ارض في بقاع الوطن المقفر والذي تحولت بساتينة وخضرته الى جدران كونكرتية صماء .
أفاق القائد الضرورة من كابوس احلامة ليجد نفسه في هوة سحيقة وفي زوايا النسيان يوم لايرحم شعب العراق من ظلمة ودلس على ثوابته وقيمة وأعرافه .