يعد الخطاب الأخير للسيد الصدر بخصوص الأزمة السياسية الراكدة في العراق والموجه الى أخوانه في المكون وخصومه السياسيين في الأطار التنسيقي بنفس الوقت ، والذي حظي بأهتمام كبير من قبل كل المراقبين السياسيين للشأن العراقي محليا وأقليميا وحتى دوليا ، هذا أذا ما قلت أنه أهم خطاب في التاريخ السياسي للسيد الصدر نفسه! ، لأنه وكما يقال سمى الأشياء بمسمياتها ووضع النقاط على الحروف كما أنه أمتلك الجرأة والشجاعة وكان واضحا جدا وبعيدا عن أية دبلوماسية أعتدناها لدى السياسيين في خطاباتهم السياسية!. فالخطاب السياسي تحديدا وفي وقت الأزمات السياسية الخانقة كما في صورة المشهد السياسي في العراق كلما كان واضحا وشفافا ومباشرا كلما كان أقرب الى عقول الناس وتفكيرهم وتطلعاتهم وكلما حظي بالقبول والرضا ، وهكذا كان هو خطاب السيد الصدر!. ومع كل تلك الحدة الواضحة في الخطاب ألا أن السيد الصدر أبقى على شعرة معاوية! بينه وبين خصومه من الأطار التنسيقي ، وذلك بأعطائهم مهلة 30 يوم أخرى لتشكيل الحكومة وأن يكون هو بالمعارضة!. من جانب آخر أن مطلب تشكيل حكومة الأغلبية السياسية التي طرحها السيد الصدر منذ فوزه بالأنتخابات الأخيرة التي جرت في (10/10/2021 ) ، لم يعد مطلب التيار فحسب بل أصبح مطلب ورغبة الشارع العراقي عموما وبلا أستثناء!، بالمقابل أن أصرار الأخوة في الأطار التنسيقي على تشكيل حكومة توافقية لم يعد طرحا مقبولا لدى عموم العراقيين لأن خراب العراق ودماره وضياعه وكل هذا الفساد الذي ينهش فيه ووصوله الى حالة من المجهول هو بسبب الحكومات التي تشكلت على أساس التوافقات السياسية وهذا ما يقره الأطار التنسيقي نفسه! ، فالحكومة التوافقية هي الوجه القبيح لما يسمى بالمحاصصة السياسية والطائفية والقومية المقيتة المرفوضة جملة وتفصيلا والتي جلبت كل الشر والشرور والفساد على العراق ، وهذا ما يقره كل قادة وزعامات الأحزاب والكتل السياسية بما فيهم الأطار التنسيقي نفسه!. من جانب آخر نحن نريد أن يقتنع الأخوة في الأطار التنسيقي أن تشكيل حكومة الأغلبية السياسية لا تعني أضعاف المكون الشيعي وعدم المحافظة عليه كما يعتقدون! ، فالمكون الشيعي هو قوي أصلا وباق بسبب التركيبة الأجتماعية والمذهبية للعراق! ،لأنه يشكل النسبة الأكبرفي تلك التركيبة وهذه مسألة معروفة ولا نقاش فيها!، كما أن السيد الصدر هو بالمقابل حريص على الحفاظ على المكون وهذا ما نلمسه من خلال تغريداته وخطاباته. نحن لا نشك في كل ما يطرحه الأخوة في الأطار التنسيقي من طروحات وطنية تصب في خدمة العراق وشعبه بخصوص رؤيتهم للأزمة السياسية في العراق ومحاولة أيجاد الحلول لها ، ولكن العرف السياسي في العالم أجمع ولدى كل الدول التي تنتهج نظاما ديمقراطيا ، يسير وفق مبدأ أن الذي يفوز في الأنتخابات هو الذي يشكل الحكومة والخاسر يكون في المعارضة، ولا أدري لماذا لا يقبل الأخوة في الأطار التنسيقي أن يكونوا قطب المعارضة داخل قبة البرلمان بأعتبارهم خسروا في الأنتخابات الأخيرة التي جرت؟ ، كما ان قيادتهم للمعارضة داخل قبة البرلمان ستترجم وطنيتهم وحبهم وحرصهم على العراق أكثروبشكل واضح، وسيكونوا الأقرب الى قلوب وعقول العراقيين ، وأتمنى أن يجربوا ذلك؟. أخيرا نقول : أن الشارع العراقي هو مع تشكيل حكومة الأغلبية السياسية لا لشيء! ، بل لأنه يرى فيها بصيص وبارقة أمل يمكن أن تخرج العراق من النفق المظلم الذي هو فيه منذ 19 عام ولحد الان ، بسبب حكومات التوافق السياسي التي دمرت العراق!، والله من وراء القصد.