اتى خطاب البعث على لسان عزة الدوري الامين العام للحزب ليعلن ان البعث قد مات! لقد نم الخطاب عن انفصال وعزلة بينين عن الواقع العراقي وجاء عاجزا عن أن يقدم رؤية حقيقة ومقنعة للواقع الخطير الذي آل اليه حال العراق كوطن اذ كان كل ماقدمة هو نظرية التأمر الرثة. لقد اتى الخطاب ركيكا ومتقلبا في المواقف والاساليب باحثا للبعث عن مكان بين القوى السياسية العراقية أكثر منه قادرا على أن يقدم أو يقود فعلا سياسيا. ورغم كل هذه الهنات في الخطاب التي شخصها المواطن العراقي البسيط بالحس الفطري والتي عبر عنها برد الفعل الشعبي الفاتر, الا أن ظهور الدوري (لاخطابة ) , وهذا امر ملفت للنظر, قد حظى بأهتمام كبير من قبل أطراف ( العملية السياسية) و القوى السياسية والحركات الطائفية في العراق فقامت لتنسج حولة قصصا و اوهاما لترعب المواطنين من( حرب اهلية!!!؟) و(من تهاوي مصداقية الانتفاضة!!!؟ ) وغير ذلك من الدعاية التهويلية التي لاأساس لها. ولم تعرض هذه الدعاية لما في الخطاب نفسة وما احتواه من ارتباك وانغلاق وعزلة واشعار بأنتهاء البعث من العراق , على الجانب الاخر كان اهتمام قوى شباب الثورة القلب النابض للاحتجاجات في الخطاب فاترا كعموم الشعب العراقي غير ابهين به باكثر من بيان بسيط و مضى الثوار بخطواتهم الواثقة في طريق التغيير الثوري للمجتمع .
في استعراض المحاور الرئيسة التي مر عليها الخطاب نحاول ان نجد اجابة لهذا الاستقبال المرعوب من القوى الطائفية وقوى والفساد وهذا الاسقبال البارد من قوى الحراك العراقي وعموم العراقيين .
في الجزء الاول من الخطاب كشف لنا الدوري عن السر الخطير في أن القيادة التي يرئسها ـ(تدرس) اليوم (البدء) بالاقتصاص من (المشروع الصفوي) …صح النوم اخ عزة لك وللقيادة التي تقود .الحقيقة أن الشعب العراقي الذي حرق ورقة الطائفية في احتجاجاته منذ اسبوعين قد حرق هذا المشروع معها فاعكف انت والقيادة التي ترأسها على الدراسة . لقد جاء البعث متأخرا حاله كحال السلطة الحاكمة وبقية الاحزاب والقوى السياسية العراقة المتأخرين عن حراك المواطنين العراقيين وبعيدين عن نبض الشارع العراقي . لقد دلف العراقيون بهذه الاحتجاجات الى القرن الواحد والعشرون في تأسيس دولة المواطنة لا الرعية والبعث وبقية القوى السياسية قابعة خارج قيم العصر وحدود العصر وعلوم العصر.
ثم قام الدوري بأرسال التحذيرات يمينا ويسارا واستعراض عضلات (المقاومة الوطنية) وانبرى الدوري ليعين نفسة قائدا يقود العراقيين في عملية انهاء ( المشروع الصفوي) في ذات الوقت الذي كان هو فيه محاطا باربعة حراس يتكدسون حوله في مساحة متر مربع واحد وهو يلقي خطابه ذلك انه لايأمن على نفسة بين افراد القيادة التي يقود وفي موضع اختبائه . لسان حال العراقيين يقول أن من يحتاج الى هذا العدد من الحرس المدججين ليخاطب شعبا توجة بصدوره العارية ليواجة القوات (الذهبية) وقوات دجلة وقوات مكافحة الشغب وغيرها من فرق القمع المدججة بالسلاح, أن الشعب الذي يتظاهر غير عابئ بملف 4 أرهاب السئ الصيت والمسلط على رقابهم بما يشرعنة من التعذيب والاغتصاب للرجال والنساء في معتقلات السرية للسلطة الطائفية لايكمن أن يقودة سياسي لايأمن على امنةالشخصي بهذا الشكل المهين . فالاولى بك ان تأمن على نفسك والقيادة التي تقود قبل أن تتوعد بحماية اوقيادة شعب كالعراقيين, بذلك اتى الخطاب ركيكا غير مقنعا للعراقيين.
ثم عرج على حركة الاحتجاجات و ذكر( دعمة) لها بذات المفردات المعتجرفة والاقصائية التي يستعملها غلاة الطائفيين من السنة فذكر مايجري في الانبار والموصل وقام باقصاء مساندة ذي قار والبصرة والناصرية للحراك ولم ياتي حتى على ذكر بابل المحافظة التي تستضيفة ساعة قراءة الخطاب ,وتبدت عنصرية واقصائية الخطاب حين ذكر كركوك باهلها من( العرب) و استقصى سكانها من الاغلبية التركمانية واهلها من الكورد .صح النوم ثانية, اذ باندلاع الاحتجاجات ومشاركات العراقيين وتأيديهم للحراك بمختلف خلفياتهم لم تحترق ورقة الطائفية حسب بل احترق معها خطاب الغلو الطائفي سنيا كان ام شيعيا والغلو العرقي بكل اشكاله. رغم ذلك جاء الخطاب طائفيا منغلقا وبائسا لايقل طائفيتا عن خطابات رئيس الوزراء وافراد السلطة, وكما اعمى الدوري غله الطائفي عن ذكر مشاركة ابن ذي قار والبصرة بالاحتجاجات, اعمت طائفية السلطة رؤوية حجم الأتنفاضة وشعاراتها فوصوفتها بالنتنة فاجابهم شاعر الانتفاضة احمد الهندي ( شلون نتنة وبيها اسم الحسين) ,. كان لسان حال العراقيون الذين استمعوا لخطابات السياسين منذ اندلاع الحراك يقول ” لن تستطيعوا أن تكونوا قادة لشعب لا تعرفون كيف تخاطبوه مجتمعا الا اذا امرضتموه بداء الطائفية” فكان خطاب الدوري كخطاب بقية الساسة ليس متأخرا من الناحية الزمنية بل من الناحية الفكرية ومتخلفا في استيعابة للمرحلة التأريخية التي يمر بها الوطن العراقي .
أبتدأ الخطاب بعد هذا يأخذ منحى الانبطاح الرخيص فحاول أن يركب الموجة الربيعية العربية أذ ذكر أنه “لا مكان بعد اليوم في عراق الجهاد والكفاح للحكم الشمولي، ولا مكان للتفرد والإقصاء والاستئثار” كان في هذا يحاول أن يغازل اميريكا ليذكرها بان البعث كان العميل الاكثر كفاءة في انهاء الحركة السياسية الوطنية في العراق وفي تمزيق النسيج الاجتماعي لبلد عريق بعد ان افلسة بحروب دونكي شوتية وهو الذي استقدم القوات الامريكية في حربي الخليج الاولى والثانية للمنطقة ليصبح و شرعن وجودها دوليا من خلال اعمال بلجتة نظام البعث المنطقة فاصبحت متواجدة بمباركة دولية بعد ان كانت تتورى بقواعد في السعودية وتركيا واسرائيل. يطرح الدوري الان نفسة كديمقراطي بثوب الربيع العربي ليبحث لنفسة ولحزبة عن دور بعد أن قام بدوره في استقدام ودعم تنظيمات( القاعدة ) الى العراق وجعل من ابناء العراق قتلة يقتل بعضهم بعضا في خدمة اميركا التي استخدمتهم لتصفي حساباتها مع ابنائها العاقيين من التيارات الاسلامية (الجهاديه). يبدو أن عزة كان غائبا عن مدرسته عندما اعطي الدرس المعتاد لتلامذة المدارس في “أن حبل الكذب قصير” ذلك أن حبل كذبتة كان اقصر من المتوقع فبعد كل هذا البلاغة عن العراق الجديد اللاشمولي والااقصائي والاتفردي اتحفنا بأن وسيلة التغيير التي يريد أن يتوسلها هي الجيش ….وبعد كل الحديث عن الديمقرطيات الشعبية الذي ضج ويضج بها العالم من اكثر من عقد من الزمان جائنا الدوري بوسائل تغييرتصلح لمرحلة مابعد الحرب العالمي الثانية . هنا اصبنا بالذهول كيف يستطيع جيش ان يقود تغيرا لا اقصائيا لا شموليا أي لادكتاتوريا ؟!! واين ذهب الشعب الذي يغير ويصنع التأريخ في دول الربيع العربي واين ذهب الحراك الذي (تدعمة) . ربما سيخرج لاحقا ليفسر هذل التناقض على اسس التنظير السفسطائي البعثي من نوع( طريقنا الخاص في بناء الاشراكية) أو( نظرية العمل البعثية) . يبدو هذا التناقض مألوفا في تفكير الطائفيين اذ هنالك الكثير من المقاربات بين ديمقراطية السلطة الحاكمة والاصرار على ابقاء مادة 4 ارهاب السيئة الصيت والتي لاتصلح الا لدساتير عصر محاكم التفتيش وليس القرن 21. لقد فضح هذا كذب وتناقض الخطاب .
اما في المسألة الكوردية فقد استعمل الاسلوب البعثي القديم السئ الصيت في اللعب بين القوى والاطراف السياسية العراقية لاستمالة بعضها والتالف معة ثم ضربها بعضها ببعض. حاول عزت ان يتملق الشعب الكوردي العراقي لم يكن التملق فاشلا وسمجا فحسب بل جاء متعجرفا واسعلائيا مليئا بالشوفيية فبدل أن يوطء لنفسة بألاعتذار عن جرائم البعث بالكورد مثل ضربهم بالغاز السام او قصفهم بالمدفعية في انتفاضة 1991 ليلا ونهارا حين كان مسؤلا عن قمع انتفاضة القوى الكوردية انذاك أو عن نكث العهد لبيان آذار1971 أو عن قتل وتشريد مئات الالف من ابناء الكورد وتدمير الآف القرى. ظهر فجأه ليلعم الكورد كيف يدافعون عن حقوقهم وزاد الطين بلة بتعاملة الشوفيني مع موضوع كركوك .
وبنفس العنجهية خاطب الجيش العراقي الذي ما زال مكلوما من الهزيمة التي اصابتة بسبب توريطة بحرب غير متكافئة مع قوى الاحتلال والذي لازال يحتقر قادتة السياسيين الذين تركوا الجند يتصادمون مع اعتى القوى العسكرية في العالم وهربوا هم الى حفر او ملاذات خاصة بدون ان يخاطبوا جنودهم كعسكرين يحترمون شرف الجندية ومهنية العسكري . ذلك أن بامكان اي شخص أن يبناع نجوم (فافون) من (العلاوي) ليصبح (مهيب ركن) ولكن أن تكونوا عسكريين في الجيش العراقي فان الدوري وقيادات البعث يفتقدون الكثير من المؤهلات المطلوبة التي تمكن شخصا ما أن يخاطب العسكرية العراقية واولها الشرف العسكري.
اخفق عزة في أن يطرح نفسة وحزبة ليصل الى المعيار العصري للدولة التي وصفها في خطابة -لاشمولية لاتفردية لا أقصائية – فقد طرح نظاما شموليا دكتاتوريا عسكريا حين خاطب الجيش بدل الشعب كعامل للتغيير , وقد كان اقصايا حين تغافل عن ذكر أبناء الشيعة المشاركين بالاحتجاجات وحين ذكر المكون العربي لسكان كركوك دون بقية المكونات, وكان تفرديا وهو يصول ويجول يمينا ويسارا بالعروض مرة والتهديدات البلطجية مرة اخرى بدون أن يقدم اطارا سياسيا لكيف سيتعامل مع القوى والقيادات السياسية التي على الارض فهي اما أن تنصاع لمشيئته واما سيتبلطج عليها ب (المقاومة الوطنية) , مثلة كمثل بلاطجة تلاميذ المدارس حين يقدمون على مجموعة يريدون اللعب مهعا وهي ترفضهم فيقولون ( لو لاعب لو خارب). نعم ليس في العراق اليوم مكان للشمولية والاقصائية والتفردية و جاء مشروعك شموليا واقصائيا وتفرديا فلا مكان لك ولحزبك في العراق ولكل من شاكلكم.
كما يمر الاسد على جيفة غير عابئ بها ,مر الثوار على الخطاب واعطوة ما يستحق من الرد ستة كلمات ( بيان عزة الدوري لايمثلنا ولايمثل المظاهرات) ذلك أن لديهم عملا حقيقيا عملا تأريخيا ينتظرهم لينجزونه للوطن العراقي واهلة. وكما تتربص الضباع و بنات اوى بما يعاف الاسد من جيف لتنهشها وتقيم عليها ولائم واحتفالات , تلقفت اطراف العملية السياسية وغلاة الطائفية من السنة والشيعة الخطاب واقامت عليه الدنيا ولم تقعدها رغم تفاهته ذلك أن خلاصة القول في الخطاب هي أن الدوري يعرض نفسة وحزبة ليجد مكانا بينهم للفساد والسرقة فكان رد كل واحدا منهم معبرا عن مقدار الخطر الذي يمثلة عرض الدوري على مصالحهم حالهم في ذلك حال المثل العراقي القائل ( ما يعيش مكادي اثنين بفد دربونة- و للقارئ العربي: لايعيش شحاذين في حارة واحدة) . بالنسبة للعراقيين فان هذا الخطاب هو شهادة وفاة البعث في العراق كما كانت مساهمة الطيف العراقي في الاحتجاجات هي شهادة وفاة الطائفية واحزابها ودستورها فية.
وسيستمر الحراك الذي بدأ لنجز مهمتة الحقيقة وهي أعادة اكتشاف العراقيون لمواطنتهم وانسانيتهم من خلال نبذهم لكونهم رعايا يتبعون قائدا سياسيا يسوقهم للحروب دولية ام طائفية ويسرق ثرواتهم ويقامر بمستقبل ابنائهم ثم يقدسوه وسيمسك العراقيون على مواطنتهم باعتبارها حقوق على السلطة أن تؤديها وعليهم واجبات اولها واهمها هي مسائلة السلطة حين تتهاون بحقوقهم ومستقبل أبنائهم وسيادة وطنهم وحين ينتهون من القيام بواجباتهم مجتمعين يذهب كل منهم ليمارس شعائرة وعقائدة في دار عبادته كما يشاء .