23 نوفمبر، 2024 7:38 ص
Search
Close this search box.

خطاب التغيير بين ائتلاف دولة القانون وخصومهم

خطاب التغيير بين ائتلاف دولة القانون وخصومهم

قد يتّفق الجميع أنّ العملية السياسية القائمة في العراق اصبحت بحاجة ماسّة للتغيير , وضرورة لا مناص من التهّرب منها , فتجربة السنوات الماضية قد أفرزت واقعا مشوّها وصورة قاتمة لهذه العملية المتّعثرة , وقد آن الأوان لإحداث هذا التغيير , وهذا التغيير يجب أن ينصبّ على جوهر العملية السياسية , وليس على شكلها الخارجي , ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية العامة , اصبحت كل الأحزاب والقوى السياسية تدغدغ مشاعر الناس وتلعب على وتر التغيير الذي يطالب به عامة أبناء الشعب العراقي .
فأي تغيير يحتاجه المواطن العراقي ؟ فهل هو التغيير الذي ترّوج له الدّعية قناة البغدادية الفضائية وبعض القنوات الفضائية العربية الصفراء ؟ أم التغيير في بنية العملية السياسية القائمة على الديمقراطية التوافقية ؟ هذه الديمقراطية التي أرست قواعد حكم المكوّنات في العراق .
فخصوم ائتلاف دولة القانون يعتبرون إنّ التغيير المطلوب , هو في عدم تمكين رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي من تشكيل الحكومة القادمة , ويحاولوا أن يخدعوا الناس بأن مطالبة المرجعية الدينية العليا للتغيير نحو الأفضل هو بعدم إعادة انتخاب نوري المالكي , بينما يرى ائتلاف رئيس الوزراء أنّ التغيير يجب أن يبدأ من خلال رفض مبدأ التوافق في الحكم , وإنهاء حكومات التوافق والمحاصصات الطائفية والقومية , من خلال إقامة حكومة الأغلبية السياسية .
فما يعاني منه البلد من مشكلات سياسية وأمنية وتنموية وخدماتية , مرّدها طبيعة النظام القائم والدستور الذي كتب بعجالة وبنوايا مسّبقة لا تنمّ عن أي شعور بالمسؤولية الوطنية , وليس الاشخاص الذين أفرزتهم هذه العملية السياسية , فالأشخاص هم نتاج هذه العملية , والدعوة لتغييرهم من دون تغيير هذه العملية السياسية برّمتها , لن يغيّر من هذا الواقع المأساوي , ولن يغيّر من السلوك الانتهازي والمصلحي لهذه القوى الداعية لهذا التغيير .
فالخطوة الأولى لهذا التغيير تبدأ من حكومة الأغلبية السياسية القوية والمنسجمة , فمثل هذه الحكومة هي التي يعوّل عليها في إجراء كافة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , والنهوض بالأعباء الجسام التي تسببت بها حكومات التوافق والمحاصصة , فمحاربة الفساد والقضاء على الإرهاب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وإيقاف زحف الفاسدين والانتهازيين والوصوليين , لا يتحقق إلا من خلال حكومة الأغلبية السياسية .
أمّا من يريد أن يصوّر للناس أنّ هذه المشكلات التي يعاني منها البلد , سببها نوري المالكي وانفراده في اتخاذ القرار وديكتاتوريته وطائفيته , فهو مخادع وكاذب ولا يريد الخير لبلده وشعبه , فالجميع قد ساهم في بناء هذه العملية السياسية الفاشلة والجميع قد ساهم في كتابة هذا الدستور الكسيح , فلماذا يحمّل المالكي دون غيره مسؤولية هذه العملية السياسية الفاشلة ؟ ألم يكن المالكي من أوائل السياسيين الذين شّخصوا الألغام التي وضعت في الدستور العراقي وقال إننا زرعنا ألغاما كنّا نتصورها حقوقا ؟ ألم يدعوا المالكي ومنذ الدورة الانتخابية الماضبة إلى حكومة الأغلبية السياسية ؟ ألم يقف المالكي بقوة ومبدئية بوجه أطماع مسعود البارزاني وسرقاته لنفط الشعب العراقي ؟ لماذا نتغافل عن كل هذه الحقائق ونخدع الناس بأنه دكتاتور ومتسلط وطائفي ؟ ألم يدعو الآخرين للجلوس إلى طاولة المفاوضات والتحاور حول المشكلات التي يعاني منها البلد ؟ وهل الفشل الذي اصاب عمل الحكومة مرّده المالكي ولا دخل للشركاء فيه ؟ ألم تكن مقاطعة الشركاء وترشيحهم لوزراء فاسدين وفاشلين هو أحد أهم اسباب فشلها ؟ لماذا ندّس برؤوسنا كالنعّام في الرمال ولا ننظر للواقع كما هو ؟ .
فالذي يريد التغيير عليه أن يعمل من أجله , والتغيير الحقيقي مرهون بتغيير العملية السياسية برّمتها , وليس بمجرد تغيير الأسماء أو تبادل الأدوار .

أحدث المقالات

أحدث المقالات