23 ديسمبر، 2024 8:59 م

خطاب التظاهرات … وكل حليم بالإشارة يغني

خطاب التظاهرات … وكل حليم بالإشارة يغني

نعتذر –مقدمة- الى قرائنا الكرام عن ورود اسم الاستاذ “عبد الحليم الرهيمي” سهوا في مقال يوم امس الاول، الموسوم “طارق نجم الى الواجهة مجددا”، والمقصود هو الشيخ “عبد الحليم الزهيري”، مع العرض ان كلا السيدين حليم والحليم بالاشارة يفهم، سواء كان عبد الحليم الزهيري او عبد الحليم الرهيمي او حتى عبد الحليم حافظ رحم الله الجميع.

وعلى طاري الحليم، اعتقد ان التلويح بالشيء انما يعكس المخبوء وراء القول، اما التصريح فهو دون شك موقف صريح وظاهر، يمكن التأسيس على ضوءه وحساب الامور بمقتضيات ما يرد فيه سلبا وايجابا.

ففي بيان صدر قبل يومين عن لجنة تنسيق المظاهرات في الانبار، جاء ما نصه “…ان الجيش اللاوطني اقتحم مسجد الإمام الأعظم بطريقة لم يفعلها حتى الجنود الصهاينة في القدس الشريف، ما يدل على حقد هؤلاء الصفويين على أهل السنة والجماعة في العراق”.

واردف البيان مضيفا في موقع اخر ” نحن نحذر رئيس الحكومة من انفراط العقد وانفلات الأمور، وعند ذلك لا ينفعك الندم”. مطالبين أهالي بغداد بـ”الصبر والثبات، ونعاهدكم بأننا لن نتخلى عنكم، وستبقى بغداد حاضرة الخلافة الإسلامية وحاضنة آل بيت رسول الله، على رغم أنوف أعداء العراق من الصفويين”.

وبعد عشرات الخطابات المفعمة بالطائفية التي زخرت بها فضائيات عديدة ليلة البارحة، وجاءت بمفارقة عجيبة حيث حملت القليل من التلويح باتهام الحكومة والكثير من النقد الى ما اسمتهم بـ”الصفوينن، بت اتساءل: ما الذي اعاد خطاب كهذا الى الواجهة بعد اكثر من ثلاث سنوات لغيابه، ماذا يعني عودة التلويح بالصفوية وسواها من العبارات النتنة التي ان دلت انما تدل على وجود تحامل واضح على مكون معين بات يفهم انه المقصود سواء قصد ام لم يقصد المقابل، مادمنا نتحدث هنا عن الحليم!!

لسنا بالتأكيد مع المالكي…  ومع العديد من مكونات الشعب، اقول ان المياه الراكدة لابد ان تفسد، وان التغيير سمة وضرورة حياتية، وان اي مالكي من شأنه ان يفكر بالعودة الى السلطة سوف لن يفكر بمنطق المالكي ابن الامس… للكلمة وللموقف اثرا يمكن ان يصطف كثيرون وراء غاياته التي ان استهدفت فأنما تستهدف الدكتاتورية كأصل ومفهوم دون الركون الى مصاديقها والتقييم على ضوء ما يترشح منها فتكون المعادلة “اذا سرق الشريف تركوه واذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد”.

نبرة الحديث بالصفوية، نبرة لم يعتد عليها الجميع، ولم يألفها الشيعة من قبل، وان كثر الطرق بالنحو الذي جرى خلال الاعوام السابقة لصولات المالكي، انما يؤكد ان تعزيز المفهوم جاء تكريسا لمبدأ اعم قبل الشيعة فيه التخندق خشية ان يحذفهم السيل الجارف من الاستهدافات والجثث مجهولة الهوية وسواها، فرحب الكثيرون بجيوش طائفية رغم مرارة ما اذاقوا منها سلوكا وتنظيرا وفي طليعتها جيش المهدي.

الضرورة لا تبيح المحظور، وان ارادت الانبار فعلا ان تجد العون من مناطق اخرى قد تشاطرها خشية عودة الحاكم الظالم فعليها بالتأكيد ان تعي ان خطابها قد يمثل مكسبا لتخندق الكثيرين وعودة لا محالة فيها للوجوه التي اصطفت اليوم لتقول لها كلا، وقتئذ سيكون اسوء الخيارات احلاها والقادم قد لا يحمد عقباه.

الامر المثير الاخر في الموضوع، ان الجيش لمن يقرأ التاريخ يمثل العنصر الاهم في كل معادلات التغيير، نموذج ثورة ايران عام 1979 اثبت ذلك، ونموذج ثورة تونس ومصر اثبت ذات الامر بعد نحو ثلاثين عاما، وعلى المصداق الاخر فنموذج انتفاضة 1991 شاهد ان تدخل الجيش حسم الامر لصالح النظام السابق، ومثله انسحاب الجيش كان عاملا لوصول الامريكان الى سدة السلطة في البلاد، ولا ادل ايضا من اصطفاف الجيش مع حكومة الاسد لازال عنصر القوة في المعادلة السورية. وما يمكن ان يترشح عن ذلك ان الجيش في كل المعادلات يمثل العامل الاول في انجاح اي مشروع للتغيير الوطني والقفز عليه يعني تدويل الموضوع ومزيدا من التدخل الاجنبي.

اذن لماذا يزج الجيش في الموضوع؟ ما فائدة التجريح والانتقاد للجيش؟ ماذا يعني ان يدخل الجيش عاملا مساعدا لسلطة يتمرس حولها كثيرون خشية استهدافهم بكونهم “صفويون”؟؟!

ان كانت ثمة اجندات خارجية تتحكم بالموضوع باتجاه زج التظاهرات في مسار الاحتراب الطائفي فان المصير –كما سلفت الاشارة- ستكون اسوء الخيارات فيه احلاها!! واعتقد ان التصريح باللغة انفة الذكر سوف لن يحتاج الى عبد الحليم الزهيري او الرهيمي ليفهم معناه ويترجمه باتجاه الموقف من الثورة، بل قد يتحاج الى عبد الحليم حافظ ليقول بعبارة واضحة يرددها معه مئات ممن اتهموا بالصفوية “توبه.. توبه..”.