23 ديسمبر، 2024 4:43 ص

خطأ تجاه المسيحية له إيجابياته وقع فيه الإسلام

خطأ تجاه المسيحية له إيجابياته وقع فيه الإسلام

إذا ما سلّمنا بما أذهب إليه يقينا من أن الإسلام ليس إلهي الإيحاء، بل محمدي التأسيس – سواء ابتكارا أو اقتباسا وتحويرا أو تتلمذا -، يمكن القول إن مؤسس الإسلام قد ضيّع به على نفسه فرصة كسب الكثير من مسيحيي العالم لدينه الجديد آنذاك. فلو كان الإسلام أقرّ مقولتين مركزيتين للمسيحية، مع تعديل طفيف، يجعلهما أكثر انسجاما مع أسس الإسلام وفهم مؤسسه لأصلي التوحيد والنبوة، فلربما كان قد انضم إليه إما نصف أو ثلاثة أرباع أو على أقل التقديرات ثلث المسيحيين. إحداهما تتعلق بالأصل الأهم من أصول العقيدة المسيحية، والثانية تمثل حدثا تاريخيا حقيقياً، أو مدّعىً، أو متوهَّماً. ما كان على الدين الجديد فيما يتعلق بالحدث التاريخي، إلا أن يقرّ بصلب المسيح، ربما مع إضافة قوله برفع الله للمسيح إليه، ولكن بما يلتقي بقدر ما مع قيامه بعد صلبه الذي يؤمن به المسيحيون. ثم لو كان، فيما يتعلق بالأصل العقائدي، قد أقرّ وصف المسيح بصفة (ابن الله)، مع منح هذه الصفة معنى مجازيا عرفانيا، ينفي به علاقة الأبوة والبنوة بين الله والمسيح بمعنييهما الحقيقيين، ويقرهما بمعنييهما المجازيين العرفانيين، ولو كان قد خفف من هجومه في القرآن ضد المسيحيين واليهود وعقائدهما، بل دحض بموضوعية وبلغة تتسم بالاحترام من تلك العقائد، مما يعتبره غير مطابق للحقيقة، لكان قد كسب الكثيرين منهم، ولو على مدى المستقبل الممتد على طول الزمن، وليس بالضرورة عبر تحقيق النجاح العاجل والكسب السريع. لكني أقول حسنا فعل الإسلام إذ لم يفعل ذلك، مما كان سببا للحدّ من انتشاره، لأن الإفرازات السلبية على البشرية كانت ستكون أشد وأدوم. [وكما كنت قد قلت حسنا فعل المسلمون، إذ لم تتقبل الأكثرية منهم الاتجاه العقلي للمعتزلة وإخوان الصفا وابن رشد، كي يصلنا الإسلام الأكثر تزمتا، والأبعد عن العقلية والعقلانية وروح التسامح، فهذا كله مدعاة للتعجيل بإعادة النظر في إمكانية التفكيك بين الدين والإيمان، ولو بعد قرن من الآن.]