19 ديسمبر، 2024 1:22 ص

كنت ومازلت مؤمنا بنهوض الامة من كبوتها وسباتها ، على الرغم من هذا الدمار والتشظي الذي اصابها .
غير اني .. وعندما اجد ان غياب الارادة الوطنية ما تزال بعيدة و على هذا النحو المريع ، ينتابني القلق والحسرة ..لان القادم يمضي بإعادة هيكلة المنطقة باكملها ، والتي أريد لها ان تحترق بنفطها ، وتظل اسيرة لنزاعاتها الداخلية ، مغلوبة على امرها ، جاهلة لمستقبلها .

لماذا سقط العراق قبل غيره بسنوات .. هل اريد له ان يكون بداية لسقوط غيره من الدول العربية ، مثل خرزات المسبحة .. دولة بعد دولة .

اليوم يجاهر البعض بضرورة ان يقاتل العراق في سبيل رفعة وسمو وانتصار عقيدة غيره ، على حساب أمنه وسلامة اراضيهً .. حتى اصبح موضوع ( العقيدة ) متداولا .. ونسوا انه وعندما اندلعت الحرب العراقية الايرانية ، لم يفكر احد بموضوع العقيدة الدينية .. كي تكون بديلا عن الشعور الوطني و العقيدة الوطنية .
ثم لماذا يصر البعض الاخر التمسك بالمحتل الامريكي ، ويجاهر بضرورة بقائه ، وهو الماكر القاتل للعراق وشعبه ومستقبله .
لقد غفل هؤلاء تاريخ وجود الاحتلال البريطاني في العراق .. وكيف كانت ( سفارة الصالحية ) تدير شؤون البلد على الضد من تطعات شعبه ، ولا احد يتعظ في هذا الوطن المبتلى بعقول سياسية خنوعة ومستسلمة .. وكأن هناك ايمان بضرورة وجود عقل سياسي لا يتفكر ، ولا يتدبر .

لماذا كتب على العراقيين .. ان يظل بلدهم ساحة صراع تاريخي ، بين دول تتكالب عليه من خارجه .. وبين احزاب تتناحر وتتقاتل بوحشية في داخله .
ولماذا يطلب منا ، ان ننظم الى محور ( المقاومة ) الذي اخشى عليه ان ينتهي الى ما انتهت اليه ( جبهة الصمود والتصدي ) التي تحولت بسرعة الى جبهة الانحلال والتردي .

لا داعي بالتذكير بمؤتمر القمة العربية في الخرطوم سنة 1967 ( قمة اللاءات الثلاث ) / لا صلح ، لا تفاوض ، و لا اعتراف باسرائيل ) .. و المطالبة بدخول سلاح النفط في المعركة .

يا لسخرية القدر .. اليوم الكل يريد التصالح ، والتفاوض ، والاعتراف باسرائيل .. !! لا بل ان نتنياهو صار بديلا عن جمال عبد الناصر ، واسرائيل بديلا عن مصر ، و ها هي اسرائيل تقود محور دول النفط والجليكان ، ضد محور المقاومة من احزاب ايران .. وعلى العراق ، ان ينظم الى هذا الطرف او ذاك .. او ان يظل بمنزلة الوسيط الذي لا احد يحترم وساطته.. و البلد المهمش الذي لا يثق احد بقدراته .

اتذكر .. موقف الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل ، الذي زار ايران بعد ثورتها والتقى بامامها السيد الخميني .. ثم في وقت متاخر ، سافر الى بيروت والتقى بالسيد حسن نصر الله ، وظل هيكل الى ان مات ، معجبا و مؤيدا ومطمئنا للتجربة السياسية ، والنظام الايراني ، الذي غير سياسة ايران .. من شرطي الخليج ، وصديق لاسرائيل في زمن الشاه .. الى راع للخليج ، وعدو لإسرائيل في زمن الامام الخميني .
ومثل هذا التحول السياسي لا بد وان يدغدغ مشاعر العرب الوطنيين ، كما دغدغ عقل الصحفي الناصري الذي ظل مخلصا ، و مدافعا عن الثورة الخمينية .
ولا ادري لماذا تغافل الاستاذ هيكل ..عن شعار ( تصدير الثورة الايرانية ) .. الذي جر المنطقة الى صراعات قومية ودينية .. كان للفرنسيين والامريكيين دور بارز في تأجيجها وتفاعلاتها .
كنت وقتها طالبا في باريس .. و كنت اتساءل عن سر وجود آلامام الخميني على الاراضي الفرنسية .. وهي التي كانت ساحة انطلاق للحروب الصليبية ضد دول اسلامية ، ثم ماهو سر قرار الحكومة الفرنسية بتخصيص طائرة مدنية لنقل الامام الخميني الى طهران .. ثم كيف نفسر و بعد اقل من سنة ، تزويد العراق بالاسلحة الفرنسية المتطورة .. وبافضل طائراتها لمقاتلة الجمهورية الاسلامية الفتية .

كل شيء معد بإتقان .. وها هي اللعبة تتكرر بامتهان وبشكل مفضوح ، وعلى مقربة و دراية العربان .. حيث تقف امريكا اليوم بشكل علني ، وراء هذا التأجيج السياسي والعسكري الخطير في المنطقة ، قبل وبعد ضرب مستودعات ( نفط أرامكو ) وشل قدرة السعودية في تصدير نفطها ، وهوسلاحها الاهم والوحيد ، الذي بنى لها مجدا اقتصاديا ، قابلا للاشتعال في اية لحظة .

هل هو خريف عربي ( خليجي ) لتدمير كل ما بناه الخليجيون .. يقابل الربيع العربي الذي اطاح بجمهوريات الممانعة القديمة ، وجعلها لاهي دولا .. ولا هي جمهوريات .

لقد بدا العدل التنازلي لتدمير دول خليجية بعينها .. من لحظة انزلاقها في الوحل اليمني ، وصعود الحركة الحوثية كلاعب سياسي جديد في الخارطة السياسية .
ان دول الخليج ، أغراها ارتفاع ناطحات السحاب في سمائها ، والطفرة المالية في بنوكها .. وظنت انها تستطيع ان تصل الى اي شيء يعزز وجودها .. بعد ان خدعت بمظاهر القوة الزائفة التي لا يقف من ورائها رجال .. بل براميل نفط قابلة للاشتعال .
كل شيء يسير نحو القوة ، والتمدد .. كل شي يمضي في طريق خفي نحو الداخل .. لإنهاء اي دور وطني لدولة عربية بذاتها .. وجعلها تائهة لا تجد سوى مرشدا ايرانيا يضللها .. او دليلا أمريكيا يخدعها .. انها لعبة امريكية – ايرانية ، وحربا بلغة التهديد والوعيد / والمهم ان تظل المنطقة في حالة شلل مستمر الى ان تجد الطاقة البديلة للنفط طريقها .

لا احد .. يظن ان السعودية قادرة على الثأر من ايران .. ولا حتى امريكا راغبة لشن حرب خاطفة تحد بها من سلوك طهران ، المهم في هذه المرحلة /كيفية الحفاظ على استمرارية المصالح الامريكية ، من دون تغيير النظام في ايران .. ومن دون ان تكون حماية عرب النفط بالمجان .ولا تنسوا ان رجل امريكا الاول ، شحاذ / بامتياز .

أحدث المقالات

أحدث المقالات