اولاً : التعايش المجتمعي
لاتزال المرجعية الدينية تنتهج نفس خطابها ومواقفها ، التي ما انفكت تؤكد عليها منذ ضياع الـ ٢٠٠٧ ولغاية اليوم ، اذ يعتبر نهج التعايش المجتمعي وتقبل الاخر من ابرز سمات مرجعية الامام السيستاني ، الذي يعده منطلقاً اساسياً لأي بناء وإصلاح مجتمعي ، كون الإصلاحات بجميع اشكالها تنبع وتنطلق من المجتمع ، ولهذا نرى ان الامام السيستاني ركز جل اهتمامه على الاصلاح المجتمعي منذ اولى خطبه بعد سقوط النظام ولغاية اليوم ، فالسلطة بجميع مفاصلها التشريعية والتنفيذية والقضائية إنما تعتبر انعكاساً حقيقياً لواقع المجتمع ، ومالم يتم اصلاح الخلل في الجذور ، فان الثمر سيكون مختلاً !
الخطاب والنهج الطائفي الذي يمتلئ بالحقد لن يبني وطنا ً ، ولن يحرر شعباً ، ولن يجد مبتغاه يوماً ، فالحقد لا يولد الا الحقد ، والقتل لا ينتج غير الدماء والدمار ، سيتحمل التكلفة غير الملموسة للشحن الطائفي ، وهذا التكلفة اخطر بكثير مما استطعنا احتسابه واعتقدنا انه خسارتنا الوحيدة ، فخسارتنا المجتمعية لن تعوضها أموال ولا مؤتمرات ولا مصالحات ، وستكون مدخلاً للتدخلات الخارجية ، وسيعلن كل طرف انه المدافع الوحيد عن هذا الطرف أو ذاك لنكون توابع خارجين عن جادة الوطن !
حيث أكدت المرجعية في خطبتها الاخيرة بتاريخ ١٤/ تموز ، ان يعي الجميع ان استخدام العنف والقهر والشحن الطائفي وسيلة لتحقيق بعض المكاسب والمآرب لن يوصل الى نتيجة طيبة بل يؤدي الى مزيد من سفك الدماء وتدمير البلاد ويكون مدخلا واسعا لمزيد من التدخلات الاقليمية والدولية في الشان العراقي ولن يكون هناك طرف رابح عندئذ بل سيخسر الجميع ويخسر معهم العراق لا سمح الله
المجتمع الذي ينبذ الطائفية لا يمكن ان يتم التلاعب به بشعارات التحريض والتخويف والعصبية ، والمجتمع العراقي عانى ما عانى من هذه الخطابات من الكثير من الساسة الذين وصلوا وقادوا العراق بخطابهم المأزوم ، القائم على تأجيج الشارع وتخويفه ليقف مضطراً خلفه ، ومدوفعاً بدافع غريزة البقاء ، فالمجتمع الذي يتبع غرائزه يكون تابعاً ، والتابع سيتبع سيده ( الحاكم ) نحو الهاوية ، بينما المجتمع الذي يحكم عقله ، ويعرف مصلحته وبوصلته مرجعيته ، فهو لا يلدغ من جحر مرتين