كبله وألقاه في اليم، وقال له، إياك إياك ان تبتل بالماءِ، حكمة نتداولها، حينما يقوم شخص ما بفعل امر معين، ويطلب من الاخرين عدم الانصياع لذلك الامر، بعد ان قام بأغلاق جميع المنافذ، التي تُخرجك منه، وحين تكون مجبرا على الاختيار، تكون انت الملام، لفخ قد نصبه واجبرت على الولوج اليه.
كل بلد يرتقي بطاقاته الشبابية، ويولي لهم العناية الفائقة، والاهتمام التام، لانهم أدات تغيير المستقبل، والمفتاح الاساسي، لتغيير معالم الدولة، نحو الافضل، اذا ما تم صياغتهم بأساليب متقنة، او نحو الاسوء، اذا ما تم التعامل معهم بسوء اداء، اذ هم القوى المحركة، والعقول التي ستقود زمام الامور لاحقا، وايضا هم من يعول عليهم النهوض بواقعهم، مهما كان، والسير قدما نحو الامام.
يقاس مدى تقدم الامم ورقيها، برقي ابنائها، ومدى ثقافتهم، واصالتهم، ومستوى الوعي والادراك لديهم، فكل دولة ترسم الخطط تلو الاخرى، وتدأب في التجديد، ورسم سياقات تختلف في كل مرة، عن سابقاتها، وتكون في جهد مستمر، وعمل دؤوب، لتهيئة الجو الصالح، لأستثمار طاقاتها الشبابية، وتوفير الفرص لها، وتهيئة اللوازم التي تدفع بطاقاتها، الى الابداع، والرقي، والانتاج، وبالتالي الفائدة العامة.
كعادة العراق، فأنه يسير الى الخلف بكل شيء((ما عدا الفساد الاداري، والمالي فأنه يحصد الصدارة فيه))، فلوا تناولنا جانبا من جوانبه، كقطاع التربية، والقينا النظر، الى احد مديرياتها، مديرية تربية ذي قار، لأتضحت لك المعالم، دون كلل، بمجرد التقصي الخفيف، ستُرتسم لك صورة واضحة الهيئة، عما يجري هناك.
اسم تربية ذي قار، يمثل الهرج والمرج، والفساد المالي، والاداري، والصفقات السياسية، والحزبية، والفئوية، والتعامل بالمال في اروقة المديرية، هي اساس التنافس، لأستحصال الوظائف، اما المعدل والاختصاص، فهي لا تنفع من يريد مرافقة كابتن البناء، حين يذهب الخريج، ليحجز له مقعد في رصيف البطالة، مسترزقا قوته كعامل اجير، وسط ضياع جهد السنين، التي افناها في الدراسة، والجد، والاجتهاد.
ثلاث سنوات مضت، وكان من المفترض، تعيين ما يقارب الف شخص، على تربية المديرية، نتيجة لحركة الملاك، والدرجات التعويضية، ودرجات الحذف والاستحداث، والدرجات الوظيفية، ولكن هذا لم يكن بعيدا عن الغطاء الحزبي، والسياسي، اذ يتقاسمون الكعكة في ما بينهم في كل مرة، وتخرج الاعذار الواهية، فتارة سرقت من قبل المديرية، واخرى بأن مجلس المحافظة اضاعها، ومرة بأن الوزير عطلها، ونحن نسمع من هنا وهناك، بأنه تم تعيين كذا عدد، لأنتمائهم للحزب الفلاني، او لانهم من اقارب المسؤول العلاني.
ضياع درجات ذي قار الوظيفية، يجري وسط صمت من قبل الساسة، ولجان الرقابة، والنزاهة، وآخرها ما تم الاعلان عليه قبل شهر، حيث لم تجرى على اساس التنافس القانوني، وتم اقصاء الكثيرين، هذا ونترقب ايضا ما وعدت بأطلاقه وزارة التربية، من الدرجات الوظيفية، فهل ستطلق الوزارة، ما اعلنت عنه مسبقا؟، ام سيبقى الخريج يعاني الم الحرمان لحقِه المدفون؟.