لن نتقدم، ولن نبلغ النجوم في السماء في ميادين المعرفة والثقافة والعلم، ونحن مقيّدون بغبار البداوة وآثار العنجهية، وأرتال الجهل المركب، الذي لا يزال ينحت حضارة أمة وهي تتراجع، الأمم تتطوّر، ونحن نتقهقر، مكتوفين بأفكار جاهلية وقبلية ووحشية همجية. وبالفعل، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فهو مقيد بذات القالب الذي نقشت عليه أفكار ممسوخة نزع منها الخير، ويمضي على ذات الطريق، بائساً أعرج نحو هاوية بلا ثياب، فلا تنفع معه منابر العلم، ولا تجد المعرفة إلى قلبه سبيلاً، ولا تصيب الكلمة الطيبة محلها، ولا تعاليم السماء، ولا أهل العلم، ولا أهل الأرض يحققون تصحيح ذلك الاعوجاج.
أن تلك القوالب التي اعتادت الحقد والنفاق والضغينة، فأصبح جزءاً منها، فإن أبواق أهل الباطل، التي تحوكها حاكة الدجل والنفاق والنميمة خلف الجدران الموبوءة، كذلك فساد الأفواه النتنة، التي لا تطهّر نجاستها، ولو جمعت كثبان الصحراء لتطهيرها.
نعم، إننا نتراجع لأننا نعيش ذات الجهل، ونتابع أفواه “ربات الحجال” اللواتي لا يعرفن من أين يأتي ذلك المنحوس برزقهن، وكم عانى من القهر والذل، وتحايل على محن الدنيا التي أنهكت وأهلكت جسده النحيل المتهالك، كي يحصل على رغيف خبز في معركة يلوك فيها الرصاص.