18 ديسمبر، 2024 9:11 م

خرافة الفراغ الدستوري،تضاف إلى سلسلة الخرافات والبدع والخزعبلات العراقية، التي وجدت طريقها إلى التداول بعد عام ،٢٠٠٣

لذلك يبدو الحديث عن الفراغ الدستوري،التي صارت تقلق سياسيي صدفة العراق الجديد، نوعا من الأكاذيب التي تنطوي على قدر هائل من السخرية، لإرباك المجتمع العراقي بمصطلح سياسي لا وجود له على ارض الواقع ولم يحدث اي انهيار للدولة ومؤسساتها ،مجرد هالة إعلامية و فزاعة أطلقته بالامس احدى مذيعات” قناة الشرقية” وهي تقوم بإجراء العد التنازلي لوقوع العراق بالفراغ الدستوري، الأمر الذي اضحكني كثيرا وانا اتابع الخبر بسخرية واستهزاء، على مشهد مذيعة الشرقية وهي تهول بالخبر وكأن يوم القيامة سيحدث بالعراق!!

فالدستور: هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة وطبيعة النظام وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات بين السلطات، وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، ويضع الضمانات لها تجاه السلطة،

من حيث تتكون السلطات الاتحادية، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية،

لكن العراق يدار بطريقة عجيبة، وليست هنالك ملامح دستورية معترف بها ، ليس هناك ما هو طبيعي في ذلك البلد الذي وضعه المحتل الأميركي في منطقة عمياء، يمكن فيها أن يقع أي شيء من غير أن يسبقه ما يمهد له، في ظل دستور ملغوم يفسر مواده الساسة كيفما يرغبون ويتلاعبون ،وخير دليل تعطل تشكيل الدولة العراقية لمدة تسعة اشهر تقريبا، اثناء فترة خلافات الكتل السياسية على الكتلة الاكبر، ابان فوز قائمة اياد علاوي ولم يتحدث وقتها احد على الفراغ الدستوري وتعطل مصالح البلاد !

فلا صحة لوجود فراغ دستوري مادامت الاحزاب السياسية واجنحتها المليشياوية، هي من تحكم في العراق بادارة دول الجوار

فثقافة المحاصصة الطائفية والحزبية والتوافقية، تصدرت المشهد السياسي واصبحت عرف دستوري خلاف الدستور وكل الامور تدار بالدهاليز المظلمة خلاف الدستور،

لكن ما يدعوا الى القلق، أن الأوضاع في العراق تزداد تعقيدا مع إصرار المتظاهرين على مطالبهم بالتغيير الجذري، للسياسة في البلاد، في الوقت الذي تحاول الكتل السياسية ،تقديم المرشحين لخلافة عبد المهدي، في ظل تدخل أطرافا إقليمية تؤجج الصراع.

،فالقوى القابضة على السلطة، متمسكة بأن يكون المرشح من قوائمها الرئيسة، إلى جانب الرفض المتبادل لكل مرشح

في الوقت ذاته يتمسك المتظاهرون وبتاييد من المرجعية، بأن يكون المرشح من خارج هذه القوائم ووفق شروط تتعلق بالاستقلالية والنزاهة والقرارات الشجاعة، بطرح دستور جديد وقانون انتخابات عادل ،ومحاسبة القتلة والفاسدين، والدعوة الى حل البرلمان والذهاب الى انتخابات مبكرة وبالتالي فنحن أمام فراغ سياسي واضح وفقا لسياقات الدستور ان صح التعبير قانونيا

وهنا يمكن ان نطرح احتمالات

إلى أن السلطات العراقية انتهكت توقيتات الدستور، وبدأت العمل والمشاورات خارج إطار الدستور، الذي لم تحترمه يوما إلا بوصفه حجة بيد كل طرف ضد طرف آخر

وما دام الشعب هو مصدر السلطات، فان السلطات حين تكون غير قادرة أو راغبة في الوفاء بإلتزامات ومهام إدارة الحكم وتلبية حاجات ومطالب المواطنين، فإنه من الطبيعي أن تنفتح الخيارات بإتجاه الشرعية الثورية التي قد يتصدى لها الشعب مباشرة أو قواته المسلحة، أو هما معا لتحقيق ارادة الشعب العراقي،

فقضية ترشيح شخصية لخلافة عبد المهدي، من التركيبة السياسية القائمة حاليا، ستكون مرفوضة من جانب المنتفضين، وفي تقديري أن الحكومة والمنتفضين وصلوا إلى طريق مسدود، فلا الحكومة على استعداد للتنازل، ولا المنتفضين على استعداد أن يتم الالتفاف على انتفاضتهم وأهدافهم، لذلك أرى : ايضا أن الأمر يتطلب تدخل دولي على مستوى مجلس الأمن بتقديم مشروع جديد ومدعوم دوليا لإنقاذ العراق من هذه الطبقة السياسية الفاسدة، اذ لم تتمكن القوات المسلحة اسناد انتفاضة الشعب،

فالدولة اليوم بسبب غياب نص دستوري يحدد طريقة تسيير الدولة حال فراغ السلطة، ويقتضي ذلك: عدم دستورية أي قرار متخذ من أي جهة قانونية او سياسية، بحكم فقدانها للشرعية الدستورية

والاخلاقية وغياب الاعتراف الدولي بشرعية الحكومة الحالية وممثليها،

فالشرعية المطلقة اليوم للشعب العراقي والقرار قرار الشعب.