18 ديسمبر، 2024 9:17 م

خرافة السيادة الوطنية ، وسيناريو سقوط الموصل

خرافة السيادة الوطنية ، وسيناريو سقوط الموصل

يُعتبر سقوط الموصل ، من أشد الأحداث وقعا على الأمة العراقية طيلة تاريخها ، لهذا نرى أن الجميع يبحث عن إجابة ، عن أسم متورط ، عن حلقة مفقودة في سلسلة الأحداث الكارثية التي أدت إلى ضياع ثاني أكبر محافظة في البلد ، نسمع عن لجان وعن تحقيقات ، ملف سقوط الموصل يصعد ، ينزل ، يدخل ، يخرج ، لكن دون الإفصاح عن فحواه ، سيما وقد ترعرعنا على مبادئ وشعارات عن عمق الإنتماء للأرض ، وعدم التفريط ( بشبر من الأرض) أو( ذرة تراب ) وغيرها ، وإذا بثلث مساحة العراق تسقط بيد وحوش فاقت شراسة ووحشية (يأجوج ومأجوج) وبوقت أقل من القياسي ، تركتنا مذهولين حائرين ونحن نتسائل : مَن بحق الجحيم هذا الذي يحكمنا ؟! ، فإما أن جميع هذه الشعارات هي محض هراء ، لكننا بنفس الوقت عشنا صراعا فطريا لضرورة مواجهة هذه التهديدات .

جميع الأحداث السياسية الكبيرة والمدوية تنتهي عادة نهاية سائبة ، كإغتيال (جون كينيدي) ، وإنتحار (هتلر) ، وموت شخصيات مؤثرة كالفنانين الكبار ، وتبقى نظرية المؤامرة سيدة الموقف ، ومادة تشغل الرأي العام دون نتائج ، ومنها (سقوط الموصل) ، لأنه موضوع قد يتخطى مستوى إدراكنا .

وضعت (أمريكا) سقفا زمنيا قدره ثلاث سنوات لدحر (داعش) ، وها هو (داعش) على مشارف نهايته ، فالسنوات الثلاث على وشك ا ، هذا يعني عدم تقبل (أمريكا) لأي مفاجأة تجعل هذا السقف الزمني ينهار ، واتبعت لأجل ذلك آليات بمنتهى النذالة ، منها مئات مقاطع الفيديو لطائرات تضرب حشود الجيش أو الحشد بحجة (ضبابية الحرب) أو (النيران الصديقة) ، عدا تورط (لأمريكا) وبالدليل على إنزال المساعدات لداعش ، أو إنقاذ قياداته بإنزال جوي في اللحظة الأخيرة ! ، رغم كوني لا أعتدّ بتصريح (ترامب) الذي حملته أمواله للبيت الأبيض لتجعل منه أكبر رأس قيادي في العالم وبالحرف الواحد (أوباما هو من أسّس داعش Obama founded ISIS) ! .

ودخلت (روسيا) على الخط ، لتقلب الطاولة على الجميع ، وما سببته من إحراج للاعبين الكبار ، ووجدت أمريكا نفسها مجبرة على وضع خطة بديلة للحفاظ على هذا السقف الزمني ، لكن داعش بحاجة إلى سلاح ونقل ومال وبنية تحتية لغرض إستمرارها ، لكننا في زمن العولمة وشيوع المعلومة والعيون المبثوثة والأذان المصغية ، فوجدت ضالتها في (الموصل) ! ، إنها الفرق العسكرية الفضائية المتواجدة هناك ، ويعود لنا الفضل الكبير في إدخال كلمة (فضائي) في القاموس الأنكليزي على أنه (الموظف – الشبح Ghost Employee) ، لأنه لم يكن متوفر في أي قاموس في الدنيا على مقياس هائل كمقاييسنا ! ، تلك الفرق التي ينخرها الفساد ، ومليارات الدولارت على شكل اسلحة ومدفعية ودروع وعتاد وسيارات (هامفي) لا تُعد ، ولا ننسى دور (بيش مرگة) بارزاني في ذلك ، فشهود عيان ذكروا ، ان هذه القوات كانت مشرفة على تجريد كل جندي منسحب من أي سلاح ! ، واتعجب لماذا لم يُطرق هذا الموضوع وغيره الكثير جدا ، كورقة للضغط على هذا (البرزاني) الذي يستحق بجدارة عدة أحكام بجرائم الخيانة العظمى .

أتسائل كثيرا وبمرارة ، كيف سمحنا بسقوط الموصل والأنبار وصلاح الدين وأجزاء أخرى من عدة محافظات ، ثم نزف شبابنا الدم لأسترجاعها ؟ ، لماذا السكوت على (كركوك) ونحن نراها تنسلّ من أصابعنا على يد (بارزاني) وهو يمارس أبشع أنواع التطهير العرقي والتهجير للعوائل غير الكردية ؟ ، كيف سكتت حكومتنا على قيامه بإرسال آلاف النساء الحوامل وهن على وشك وضع حملهن من كردستان إلى كركوك ليضعن حملهن هناك لتسجل (كركوك) على أنها مسقط رأس مولودينهن ، في خطة لم تخطر على بال حتى إبليس ؟! ، وهذا سبّب الكثير من الوفيات منهن ، وغيرها من الممارسات الشوفينية التي فاقت بكثير جرائم العهد البائد ! ، سنوات من الفكر الشوفيني المتحجر والمتعصب والمدفوع بالإنتقام الأعمى ، أضاعت كل ملامح (كركوك) كمحافظة عراقية ، ثم نعزم على إستعادة هذه المحافظة ، لتنفجر بعد ذلك أزمة الأقليم مع المركز ، أزمة لا نعرف متى تنتهي ، ونحن مشغولون بتطهير البلد من فلول داعش .

يتحدثون عن عراق ديمقراطي عماده (الشفافية) ، تلك المفردة الملعونة التي زادت من عالمنا عتمة وظلاما ، نسمع عن إتفاقيات سرية بين هذا وذاك ، ومن لا يملك يعطي لمن لا يستحق ، بل وصل الأمر بالتفريط بأراضي البلد ، مقابل مجرد الفوز بدورة إنتخابية .

لا يهمنا فحوى ملف سقوط الموصل ، بقدر إهتمامنا بضرورة تقديم القيادات العسكرية وكل المتورطين هناك للعدالة والقضاء ، وعلى راسهم القائد العام للقوات المسلحة ، شرعا وقانونا وعُرفا ، ولعنة الله على الشفافية ، تلك التي أتت بثغرة مقيتة اسمها (الحصانة) ، فتجعل من صاحبها بمنأى عن العقاب فيفلت من جرائم كبرى !.