23 ديسمبر، 2024 12:45 م

خرائط وسيناريوهات تقسيم العراق في الصحف الامريكية

خرائط وسيناريوهات تقسيم العراق في الصحف الامريكية

بين فترة وأخرى نسمع ان هناك سيناريو جديد لتقسيم العراق الى عدة ولايات منها سنية وشيعية وكردية , الاعلام الغربي اصبح مغرما في طرح مثل هذه المواضيع التي بدأت تؤثر في الرأي العام وتغرس لدى البعض فكرة ان اميركا والغرب تفكر وتخطط المؤامرات وتنتظر من العرب ان ينفذوا مخططاتها . فلنرجع الى الوراء قليلا وننظر في مخطط جون بايدن نائب الرئيس الامريكي وفكرته الرامية الى تقسيم العراق الى العديد من الدويلات الطائفية والعرقية, لقد اعتقد الكثير في عام 2006 ان فكرة بايدن ماضية في التطبيق وان عملية التطبيق لا يقف امامها اي عائق نظرا لخطورة وضع العراق في تلك الفترة  ولضبابية المشهد العراقي ولعدم قدرة جيوش امريكا على حسم المعركة  في العراق وتطبيق مخططها الذي جاءت من اجله الى العراق والتي كانت تنوي ان يتمدد هذا المشروع الى دول العراق المجاورة ,بالإضافة الى كثرة السياسيين المؤيدين للفكرة من مختلف الطوائف ومنهم من اعلن عن رأيه بصراحة مثل مستشار الامن الوطني السابق موفق الربيعي والذي مازال يُنظر لهذه الفكرة ويتطرق لها ويعتبرها احد الحلول السحرية للوضع المأساوي الذي يعيشه العراق .
يبدو ان الغرب كلما شعر بخطورة الوضع في العراق واشتداد الاقتتال الطائفي طلَ علينا بفكرته المعهودة وهي تقسيم العراق من اجل ايجاد حلول على غرار تقسيم يوغسلافيا السابقة الى عدة دول . هذه المرة ظهر علينا احد المحللين الذي يعمل لصحيفة النيويورك تايمز بخرائط لتقسيم خمسة دول الى اربعة عشر دولة وكأنه يتحدث عن تقسيم قطعة جبن بسكين بين ابناءه . من خلال مما طُرح في الصحيفة لا يوجد ما يشير الى ان تلك الخرائط مسربة من وكالة الاستخبارات الامريكية او من البيت الابيض او من البنتاغون او حتى من كونها احدى وثائق ويكليكس , كل ما في الامر ان احد كتاب الصحيفة المشهورة طرح فكرة التقسيم لخمس دول منها دولتان هي العراق وسوريا الى دول سنية وشيعية وكردية وعلوية درزية , وليبيا الى ثلاث دول واليمن الى شمالي جنوبي , الكاتب يعتمد في طرحه على ان هذه الدول تعرضت لاحتلال وربيع عربي وتعاني من مشاكل مذهبية واقتتال طائفي وعقائدي ومن الممكن ان يكون التقسيم احدى الحلول للمشاكل التي تعاني منها , لكن الشيء الغريب انه وضع ضمن هذا السيناريو المملكة العربية السعودية وجزئها الى دولة وهابيه تشمل الرياض ووسط المملكة ودولة تقع في المنطقة الشرقية لم يسمها ولم يصفها بالشيعية بل اكتفى بان حددها بالمنطقة الشرقية ودولة اخرى تشمل المدن المقدسة مكة والمدينة بالإضافة الى جدة ودولة اخرى تقع في الجنوب , لم يعهد الامريكان ان يتطرقوا الى موضوع تقسيم المملكة العربية السعودية كونها احد اهم اكبر المصدرين للنفط في العالم واهم حليف لأمريكا في الشرق الاوسط .استثنى المخطط دول اخرى مثل الاردن ومصر والأمارات وقطر والبحرين وعمان وتجاهل احدى دول المنطقة في شمال افريقا وهي المغرب المرشحة لانفصال جزء منها لصالح جبهة البوليساريو .
من السهل اعادة رسم خرائط المنطقة على الورق لكن الصعوبة تكمن في تطبيق هذه الخرائط على ارض الواقع لعدة اسباب منها ان هذه الدول اجتازت مرحلة التقسيم منذ معاهدة سايكس بيكو عندما كانت هذه الدول مستعمرة من قبل الدول الاستعمارية , واليوم اصبح هناك بديل مهم  للتقسيم وهو الفدراليا, الحل الذي اذا ما طبق بصورة صحيحة وواعية سوف ينجح في كثير من هذه الدول المرشحة من قبل الدوائر الغربية للتقسيم . بالإضافة الى ذلك ان هذه الدول  لديها  تاريخ وحضارة وديانة سماوية وحدود من الصعب الاعتقاد ان اختلافات مذهبية او قبلية او عقائدية ضمن الدين الواحد ممكن ان تؤدي الى انقسامها .

اخير يجب ان نشير  الى ان مثل هذه الاخبار  تثار في الاعلام الغربي بين فترة وأخرى ويكون عرابوها من الكتاب المرموقين مثل توماس فريدمان عندما طرح فكرة تقسيم العراق بعد احتلال العراق للكويت عام 1990 وديفيد فرومكن ايضا بعد عام 1990 , يبقى شيء واحد مهم يجب ان نقوله , هل ان كل ما يطرح ناتج عن تسريبات  لدوائر سياسية او ناتج عن بنات افكار هؤلاء الكتاب  وتحليلاتهم للأوضاع في المنطقة ؟