23 ديسمبر، 2024 6:07 ص

منذ ثورة العشرين الى يومنا الحاضر، والعمامة تشخص وتضح الحلول وتوجه ثم تتقدم الصفوف لتضحي، حتى اذا حل اوان الوليمة، وامتدت السفرة دعت الجميع، واولهم منتقديها والمتقولين عليها، ليتصدوا للحكم والبناء، لتبدأ رحلة النقد والتسقيط والاستهداف، حتى يحين الخطر من جديد ليتوارى هؤلاء عن المشهد، لتتصدره العمامة من جديد، وهكذا هي الدورة منذ تأسيس الدولة العراقية.
عندما تولى البعث الصدامي المجرم الحكم، حذرت العمامة المجتمع من مخاطر هذا النظام، ونتائج توليه السلطة، دون جدوى حتى ذهبت التوجهات الفكرية الاخرى التي تدعي المدنية والتحضر، وتغمز العمامة واتباعها بالرجعية التخلف الى عقد جبهات وتحالفات مع البعث، حتى استقوى بهم الاخير على الشعب وخاصة اتباع العمامة، لينقلب عليهم وينفرد بالشعب قتل وسجون وتشريد.
تصدت العمامة لتدفع الثمن الوف من ابنائها واتباعها، ففي بداية الثمانينيات دفعت العمامة علماء ومراجع كبار، كالشهيد محمد باقر الصدر وعلماء ال الحكيم الذي بلغ عددهم بحدود “63” شهيد، فضلا عن علماء ال بحر العلوم وسواهم من الاسر العملية مع عشرات الالوف من اتباع العمامة.
جاءت الانتفاضة الشعبانية المباركة، ليملا النظام سجونه بالعلماء والفضلاء، حتى وصلت به القباحة والوقاحة الى اعتقال اكبر واقدس واطهر عمامة وهو الامام الخوئي”قدس”، ومازال بعض هؤلاء العلماء بلا قبر بعد ان تم دفن أجسادهم الطاهرة في المقابر الجماعية، التي ضمت العمامة واتباعها.
استمرت المواجهة مع البعث الظالم ، بقيادة العمامة حتى استشعرت امريكا ان البعث يتهاوى، بعد ان أنقذته من السقوط في الانتفاضة، وحاولت تأهيله للوقوف بوجه العمامة ورجالها دون جدوى، لتأتي بنفسها خوفا من تصدى العمامة للحكم، وتطلق رصاصة الرحمة على نظام البعث.
امتدت السفرة من جديد، وتشابكت عليها الايدي الا يد العمامة فقد اكتفت بوضع الاسس، ورعاية عملية البناء، لكن الطامعين والطامحين، ممن كان بعضهم يقف على التل وبعضهم يعتاش في الغرب، سخروا خبثهم ودناءتهم واطماعهم، ليصيبوا مشروع العمامة الوطني بمقتل لصالح المشروع الاقليمي والدولي، من خلال الصفقات والمساومات، التي اثمرت ازمات عطلت كل شيء بالبلد، لينتهي المشهد
بسقوط ثلثي البلد، وتقف داعش على ابواب العاصمة بغداد، سقط بيد الحاكم وانصاره واشباهه؛ اصحاب المشروع والاجندة الخارجية المغلفة بشعارات الوطنية والتحضر وحقوق الانسان الكاذبة، من دعاة التعري والانحلال، لينسحبوا من جديد الى الصفوف الخلفية، يتهامسون بشعاراتهم البراقة الكاذبة.
تصدت العمامة الاقدس والاطهر لتعلن” فتوى الجهاد الكفائي” ليهب انصارها واتباعها من جديد الى ساحات القتال، نزع طلاب العلم الزي الديني ليرتدوا البزة العسكرية، ويقفوا في الصفوف للمواجهة، لتبدأ من جديد رحلة التضحيات، شهيد يخاطب من سبقه” سبقتنا الى الحسنى والملتقى عند الحسين”، شيعت العمامة مشتاق الزيدي العلم العالم، غبطه السيد عبدالرضا الفياض والشيخ جعفر المظفر، حتى لحقا به اليوم، ومازال لسان العمامة واتباعها “خذ حتى ترضى”، فهو النداء لاتقى والانقى والاصدق والاسمى، ومازالت العمامة واتباعها تنزف الدماء لأجل الوطن، الذي تتظاهر مجاميع فيه لأجل” الخمر”! فشتان بين وطنية تجسد بالدماء واخرى شعار يرفع لغرض الوصول للغايات الدنيوية الدنيئة….