قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ” .
وقفت وعطرها الفواح يملأ اﻷجواء وهي ترتدي الجينز والبدي الضيقين جدا بما يجسد جميع مفاتنها بلا استثناء ، تلفتت يمينا وشمالا بوجهها المليء باﻷصباغ – أحمر ، أخضر ، أصفر – وبعينيها ذات العدسات اللاصقة الملونة ثم أمسكت وشاحها الذي يغطي نصف شعرها فقط بكفيها الموشومين وأنشبت فيه أظافرها الصناعية الطويلة المصبوغة بألوان الطيف الشمسي – كل أظفر بلون – وخلعته أمام عدسة الكاميرا تمهيدا للبث الالكتروني المباشر و أحرقته ثم صاحت ..هيييي وداعا للحجاب .. لقد تحررنا ! وهل أنت محجبة أصلا لتخلعي حجابا لم ترتدينه يوما قط ؟ !
خلعت الحجاب ..لبست الحجاب ، إعتزلت الغناء أو التمثيل ، عادت اليهما ، أحجية شغلت المجتمع العربي طيلة 25 عاما سبقت إحتلال العراق وما يسمى بثوارت الربيع العربي ، ثم مالبثت أن تلاشت بتأثير أحداث دامية تضاءلت أمامها قضية ” الخالعات اللابسات ” لتمسخ الى ظاهرة شعبية من طراز آخر حملت عنوانا أشد قتامة وإتساعا وخطورة من سابقتها ألا وهي ظاهرة ” الكاسيات العاريات ” ، وأقر بأنني كنت من الذين أولوا القضية إهتماما كبيرا ﻷتوصل الى سر هذه الشيزوفرينيا الإجتماعية واﻷخلاقية الفريدة من نوعها والتي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجد ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) والتعرف على أسبابها كونها تربط بين الظلم والطغيان من جهة وبين التعري والتهتك من جهة أخرى وكأنهما يتخادمان فيما بينهما على حساب العفة والعدل والفضيلة ، تابعت عن كثب سيرة كل الفنانات اللائي لبسن الحجاب بعد رحلة – هشك بشك – فمنهن من ثبتت عليه بإرادة لاتلين كـ – شمس البارودي ، شادية ، عفاف شعيب ، ياسمين الخيام ، نسرين ، منى عبد الغني ، هناء ثروت ، حلا شيحة ، مديحة حمدي ، عبير الشرقاوي ، هالة فؤاد ، مديحة كامل ، هدى سلطان ، عفاف رشدي ، ميار الببلاوي ، وآخرهن عبلة كامل – واخريات إستبد بهن الحنين الى بريق المال والشهرة ثانية بعد إنحسارهما عنهن إثر حجاب عابر سرعان ما خلعنه جزئيا أو كليا وإحداهن تقدم رجلا وتؤخر أخرى في – عالم هشتكنا وبشتكنا ياريس – وأبرزهن سهير رمزي ، حنان ترك ، سهير البابلي ، عبير صبري ، غادة عادل ، ميرنا المهندس ، سوسن بدر ،صابرين ، هالة فاخر ، في ذات الوقت الذي تابعت فيه خلع – محجبات لحجابهن تمهيدا لدخولهن عالم – هز ياوز – ولعل من اشهرهن ، هيفاء وهبي، التي كانت فتاة محجبة تعمل في محل للمجوهرات قبل ان تدخل عالم الموضة وعروض اﻷزياء لتتحول بعدها الى – شيطان عار – يلهي ويغوي ويشغل الرأي العام كليا لمصلحة البراميل المتفجرة والنابالم والعنقودي والفسفوري والتهجير والترويع والتغيير الديمغرافي وسياط الظلم والاستبداد التي تلهب ظهور الجماهير ليل نهار !
لقد إنتهج أعداء اﻷمة معنا خطوات شيطانية على مراحل حذرنا منها القرآن الكريم أيما تحذير ، خطوات تتدرج في الإغواء والتضليل وفصم عرى الفضيلة داخل السلسلة الواحدة تباعا تمهيدا للوصول الى العروة اﻷخيرة وقطع سلك المسبحة لتتناثر حباتها بوتيرة متسارعة غير مسيطر عليها والوقوع بالكبائر والاثام والخطايا الكبرى في نهاية المطاف ، فخطوة خلع الحجاب علنا بدأت أول مرة عام 1919 حين قامت صفية زغلول – زوجة سعد زغلول – ورفيقتها هدى شعراوي ، ومن معهن بتنظيم تظاهرة نسوية حاشدة احتجاجا على نفي زغلول ورفاقه، ثم ومن دون مقدمات خلعن البرقع الذي كان عرفا وتقليدا سائدا لكل النساء المصريات والشاميات ورمينه أرضا وأحرقنه في ميدان الاسماعيلية بقلب القاهرة ليتحول اسمه ومنذ ذلك الحين الى – ميدان التحرير – ، التحرير من الحجاب وليس من الاستعمار الانكليزي كما يتوهم البعض ، ليأتي خلع البرقع كخطوة أولى ممهدة لما هو ادهى وامر في طريق الالف ميل تجاه ظاهرة ” الكاسيات العاريات” التي نعيشها اليوم ..الخطوة التي أسست لمفهوم ربط ” الثورة بالعورة ” وسحب البساط من تحت الثورة ﻷجل الاصلاح والتغيير ، المفهوم الاول يجسده حاليا بأبشع صوره مايطلق عليهن ” عاريات الصدور” المحليات من اتباع منظمة – فيمن – ومقرها باريس واشهرهن علياء المهدي المصرية ، امينة تايلر التونسية ، استيرة كريم الكردية العراقية ، من اللائي يمارسن ” الثورة بصواريخ العورة ” ويسخرن من الحجاب ويبتذلنه ويحرقنه ويدعين الى خلعه مستلهمات من دعوات فريدة الشوباشي وقاسم امين ونوال السعداوي الفكرة والهمة والنظرة انتصارا للمرأة وحقوقها بزعمهن وليقاومن قهر الرجال بالتعري أمامهم كالإماء – تصووور – و الرجال المستهترون مستمتعون بهذا العرض-الاباحي – المجاني على قارعة الطرق، فيما الطاغية يقف هاهنا على الحياد وبخلاف المعهود مرددا بكل سلام ووئام : حرية شخصية ..ديمقراطية ..خليهن براحتهن .شتريدون منهن؟؟ ..سنجلد ظهر كل من يعترض سبيلهن او يتحرش بهن أو يخدش حياءهن أو يطعن بعفافهن .. بل وسنعتقل نساء المعترضين المحجبات وبناتهن ونرمي بهن في غياهب السجون إكراما لعاريات الصدور .. ولتحقيق المساواة والحرية والعدالة !!
وهدى شعراوي صاحبة اول خطوة شيطانية لخلع الحجاب لمن لا يعرفها هي ابنة محمد سلطان باشا الذي خان الثورة العرابية لصالح الانجليز ، هدى شعراوي التي شاركت في أول مؤتمر دولي للمرأة في روما عام 1923 فيما كان المجاهد الكبير عمر المختار يقارع الطليان الذين يستعمرون بلاده بكل ما أوتي من قوة ، والتقت مع رفيقاتها زعيم الفاشية موسوليني ثلاث مرات وامتدحته واثنت عليه ، بينما اثنى هو على حركات التحرر المصرية النسوية التي تبشر بالنسبة له بخير ، هدى شعراوي التي شاركت في المؤتمر النسائي الدولي الـ12 في استانبول 1935 والتقت عميد اليهود الدونمة الذي تظاهر بإعتناق الاسلام زورا ، كمال اتاتورك، والذي اسقط الخلافة العثمانية وشنق خطباء المساجد وائمتها على اعمدة الكهرباء ، وابتذل الحجاب ، ومنع الاذان ، وغير الحروف العربية الى اللاتينية حتى لايفهم احد كتاب الله وﻻيجيد قراءته واستبدل ..العمامة بالطربوش !
في الاربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات وحتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي تدرجوا من أعلى السلم الى أسفله لتعرية المرأة وما عهد الـ” ميني جوب” والبرمودا النسائية والذي سبقه كخطوة أولى خلع ربطة الشعر منا ببعيد ، ولكن وبعد عودة النساء الى الحجاب تدريجيا فيما سمي بعصر الصحوة ، ابتدعوا تدرجا جديدا يعتمد خطوات شيطانية عكسية هذه المرة تقضي بتعرية المرأة من أسفل الى أعلى ، ستريج أو جنينز ضيق مع ربطة شعر ، بدي أضيق مع ربطة شعر ، وشم مع ربطة شعر ، تي شيرت فاضح مع ربطة شعر ، بوتكس مع ربطة شعر ، تاتو وبيرسنغ وعطر فواح مع ربطة شعر ، عدسات ملونة مع ربطة شعر ، مكياج صارخ مع ربطة شعر ، كل هذه الخطوات ” ويسمونها محجبة ، ويقنعوها بأنها كذلك ولم تغادر عالم الحجاب الى السفور بعد ولم تعص أمر الله تعالى بعد ، ولم تتشبه بهم بعد ” حتى أصبح الحجاب بنظر عوام الناس وباﻷخص النساء مجرد ..ررررررربطة تغطي ربع الرأس أحيانا ﻻ أكثر !!
ولو جاءت إمراة بملابس طويلة ومحتشمة جدا واعرف بعضهن بحكم عملي الصحفي ولكن من غير ربطة – فهي سافرة ، عاصية ، خارجة من الملة- بنظرهم ونظرهن اﻻ ان زميلتها لو جاءت بموضة البنطلون الممزق والمبلل والمطين بكامل زينتها ولكن بربطة شعر نصفية تظهر كذلتها الذهبية المميشة ككذلة ترامب – فهي المحجبة ، التقية ، الورعة – وهنا مكمن الخطر واللغط وسوء الفهم الكلي للدين وتعاليمه السمحا اذ ان هذا ليس هو الحجاب الشرعي الذي امرت به النساء المسلمات اطلاقا ومن أبرز سماته أن يكون فضفاضاً ولا يصف ولا يشف ولايشبه لباس اليهود والنصارى وليس لباس شهرة ، ولو تأملنا وأعملنا عقولنا ها هنا ﻷكتشفنا ان كل الذي تحتاجه الفتاة اﻷولى المحتشمة مجرد ربطة شعر لا اكثر ..اﻻ اننا بحاجة الى كل شيء للثانية ما عدا الربطة او الوشاح والتي لم يبق أمامها سوى ان تطرحها ارضا وتحرقها في لحظة إغواء او تهور كما فعلت هدى شعراوي مع البرقع من قبل لتقول وهي تقف فوق لهيبها ..وأخيرا تحررنا !! يتبع