22 ديسمبر، 2024 6:58 م

منذ بدأ الخليقة وظهور حالات الصراع والتنافس على امكانات ومقومات البقاء ومتطلبات العيش والنفوذ، تنتهي هذه الصراعات جميعها بعقد اتفاق يتضمن تنازلات من اطراف الصراع، المنتصر يتنازل عن انتصاره  والاثمان التي دفعها لينتصرمقابل ان يحصل على تعويض لعل الامان وعدم تكرار اسباب الصراع احد مفردات التعويض او اعتراف بنفوذ او نظام او حق ما.هذه الاتفاقات غايتها استمرار الحياة لكلا الطرفين، فلم نقرأ في تاريخ الانسانية ان طرفي نزاع تمكن احدهما ان ينهي وجود الاخر، هذا مادرجت عليه البشرية منذ الازل.
 تاريخنا المعاصر شهد ايضا انهاء نزاعات طويلة بين دول او داخلها، احتاج ليتم الاتفاق الى تنازلات مؤلمة لاحد الطرفين او كلاهما والسبب سمو الهدف وانسانيته.
العراق شهد ويشهد صراعات مختلفة ومتعددة الاطراف ومعقدة الاسباب ونتائجها دماء وخراب ودمار، الواقع يقول لايمكن ان يتحفق فيها انتصار لاي طرف، فالانتصار لايعني كم تقتل  او مساحة الارض التي تسيطر عليها، بل الانتصار ان تصل الى اهدافك، وهدف الشعب العراقي هو الاستقرار والامن والخدمات، وهذه الاهداف لاتتحقق الا باتفاق يقتنع فيه الجميع، اقناع الجميع يحتاج الى تنازلات متبادلة، هذه التنازلات تستند الى قواعد وليس مفتوحة، القاعدة الاهم هو الدستور ومانتج عنه من قوانين.يجب ضمان نتائج هذه التنازلات من قبل اطراف لها حضور شرعي او غير شرعي في الساحة العراقي واطراف محايدة تسعى لوضع حد للصراع العراقي.
 الاطراف الخارجية بدون شك تدخلت في الساحة العراقية ليس لغرض التدخل فحسب بل لديها حسابات ومصالح معينة  تريد تحصيلها والحفاظ عليها.
 التحالف الوطني صاحب مشروع التسوية الوطنية يدرك ذلك بوضوح، لذا سعى الى التواصل مع الجوار العراقي  الفاعل في الساحة العراقية، ليستمع منه ويسمعه ويضمن تشجيعه للداخل العراقي الذي يؤثر عليه وفيه على التعامل الجدي مع ورقة التسوية الوطنية المطروحة، والامتناع عن دعم اي طرف لايخضع لما يتفق عليه الداخل العراقي، هذا لايتحقق ولايمكن ضمانه الا بأغراء هذه الدول بتحقيق مصالحها المتبادلة المشروعة في العراق.
ان مشروع التسوية الوطنية المطروح اليوم في العراق خيار وليس اختيار، فالدماء التي سالت وتسيل وملايين المواطنين المهجرين والخراب والدمار الذي حل بالبلد وبناه التحتية، يجب ان يكون ثمنه تحقيق طموحات الشعب العراقي، والا تصبح عبث لاينتهي ولن ينتهي…