10 أكتوبر 2025 12:50 ص

خبير أمني المخبر السري.. تحالف البلديات والشرطة الاتحادية

خبير أمني المخبر السري.. تحالف البلديات والشرطة الاتحادية

لم يعد “مخبر البناء” مجرد فرد يتجسس على الجيران، بل تحول إلى أداة ضمن تحالف غير معلن بين البلديات والقوات الماسكة للأرض، وعلى رأسها الشرطة الاتحادية. ورغم أن الأراضي الزراعية في أطراف بغداد الجنوبية تقع قانوناً تحت صلاحية وزارة الزراعة، إلا أن البلديات دخلت على خط النزاع وشكّلت مع الشرطة شراكة تمكّنها من التفليش والمتابعة. هذا التداخل منح نفوذاً مضاعفاً للبلديات، وجعل من “المخبر السري” عيناً تُراقب كل شاحنة طابوق أو حمولة حديد تدخل المناطق الزراعية.

لشرطة الاتحادية تعلن بوضوح أن البناء في الأراضي الزراعية ممنوع. لكن التساؤل المشروع: كيف تحولت أكثر من 100 منطقة زراعية إلى مجمعات سكنية مكتظة في حزام بغداد الجنوبي إذا كان المنع مطبقاً بحزم؟ الجواب يكمن في المعادلة المزدوجة: المنع قائم على الورق، بينما الواقع يقول إن البناء مسموح بشرط دفع الرشوة. المخبر السري هنا يلعب دور الوسيط الأول، يحدد المواقع، يرسل اللوكيشن عبر الهاتف، ثم يبدأ التفاوض على ما يُسمى بـ”الكفالة الأمنية” للبناء.

مع غياب سلطة الزراعة وتوسع نفوذ البلديات، تحولت مناطق حزام بغداد إلى سوق مفتوح للرشاوى. كل جدار يُرفع يحتاج إلى مبلغ، وكل سقف يُنصب يقابله “إذن صامت” من الجهات الماسكة. البلديات لا تستطيع فرض سلطتها من دون غطاء أمني، والشرطة لا تملك حججاً قانونية للتدخل بلا تقارير البلديات. ومن هنا ظهر التحالف: البلديات تفلّش شكلياً، الشرطة تراقب وتضغط، والمخبر السري يفتح باب الابتزاز. المواطن البسيط يجد نفسه بين خيارين: دفع المبالغ المطلوبة أو خسارة منزله بالهدم.

هذا التحالف لم يعالج التمدد غير القانوني، بل شرعن الفوضى وحوّلها إلى مورد مالي. فبدلاً من تنظيم البناء، تحولت الأراضي الزراعية إلى أحياء مكتظة من دون بنى تحتية أو خدمات، ومع ذلك تستمر بالتمدد بفضل شبكات الرشوة. المخبر السري الذي يفترض أن يحمي القانون، أصبح أداة لتكريس واقع مخالف، يضعف هيبة الدولة ويعمّق أزمة السكن. وهكذا صار القانون واجهة، بينما الحقيقة تُكتب بيد المخبر، ويدفع ثمنها سكان بغداد الهاربون من الإيجارات إلى الأراضي الزراعية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات