19 ديسمبر، 2024 3:55 ص

خبر اليوم بفلوس.. باچر.. ببلاش!

خبر اليوم بفلوس.. باچر.. ببلاش!

كان من المقرر مع نهاية اليوم دخول مجلس نوابنا سباتا طويلا، في ظل إجازة الفصل التشريعي الأول له، لولا إصدار رئيسه قرارا باستمرار الجلسات لحين إقرار الموازنة، وهو في حقيقة الأمر ليس حدثا غريبا أو جديدا، فالسبات ديدن مجلسنا وتوأمه منذ أول نشأته، مع ولادة التجربة السياسية في العراق الجديد، وأظنها التجربة السياسية الوحيدة التي بقيت حتى اللحظة (خديجة) فهي لم تبرح حاظنة الخدج، رغم السنوات الإحدى عشرة التي مرت عليها. وقد سجل هذا المجلس -الذي يمثل أعلى سلطة تمثل الشعب- طيلة دوراته الثلاث نكوصا وتراجعا في كثير من أداءاته فيما مناط اليه من واجبات، وما واجباته إلا التشريع والرقابة، إذ لم يحالفه النجاح في الإثنين بدليل النتائج التي ينحدر اليها البلد يوما بعد آخر، وقطعا لم يكن هذا إلا بسبب عدم جدية أغلب أعضائه -ورؤسائه- في حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، والتي كان ينبغي عليهم تحمل أعبائها والقيام بما توجب عليهم الضرورة والحاجة والأولوية، فضلا عن المهنية والوطنية والمصداقية. ولما كانت رقابة مؤسسات المجلس التنفيذي واحدة من واجبَي مجلس النواب، فإن الرقيب على مجلس النواب يجب أن يكون الضمير، ولسوء حظ العراقيين فإن الضمير هنا يتمتع بإجازة أطول من نهر المسيسيبي.

لقد علمنا مجلس نوابنا ان يغط في نوم عميق، إن لم يكن سببه إجازة فصلية فغيابات متعمدة من أعضائه، تاركين وراءهم قرارات كثيرة وقوانين أكثر معلقة، تحوم كوابيسها وتبعات تأخيرها فوق رؤوس المواطنين الذين بدورهم سئموا الوعود، وملوا الضحك على الذقون وسماع الكلام المعسول، حتى باتوا يستذكرون ماقاله الملا عبود الكرخي قبل ثمانين عاما في قصيدته (قيم الرگاع من ديرة عفچ) إذ يقول فيها:

والله ضيعنه الصدگ من الچذب

اتشوفه هيبه وحچيه المصفط عذب

ياخذك وايردك ابشرق وغرب

وبسچاچينه يدچك حيل دچ

قيم الرگاع من ديرة عفچ

كما أن العراقيين ندموا على الأعراس البنفسجية التي أحيوا طقوسها ثلاثا، طيلة السنوات التسع الماضيات، ظانين أن مستقبلهم سيتولى أمره أناس جادون في تقديم الأفضل.. فكان الأسوأ، واستذكروا ثانية كرخيهم وراحوا يرددون قوله:

صرتـو اليوم اعجوبــه وعنـد النـاس العوبــه

لعبتو بالوطـن طوبــه حقيقـة أنجس اللعبات

حصلتـو مقاصـدكــم والضخمــة رواتبكــم

ولأبنـــاء جلدتـكـــم اعميتوهم من الكفخات

ابنيــابتكـم أهنيكــم لأن نجحـت مسـاعيكم

فقط هذا الشعب بيكم مايـأمن بعـد.. هيهـات

وتصوروا أن زمن الدكتاتور قد ولى وقُبر وبات نسيا منسيا.. فإذا بأشباحه تلوح في أفق العودة بترحيب وتهليل وأخذ بالأحضان، من قبل نفر مافتئوا يندسون في كل زاوية من زوايا الدولة، مهيئين أمام الموعودين الطريق مزروعا بالورود، وفي ذات الوقت زارعين طريق العراقيين بالنار والحديد، وقطعا كللت أعمالهم هذه بمباركة دول وحكومات وشخصيات، لها من الماضي أضغان وأحقاد أولها طائفي وثانيها طائفي وثالثها وعاشرها طائفي، فراحت تغذي أفرادا وتنشئ عصابات وتمول جهات، غايتها تكبيل العراق والعراقيين وتحجيم دوره بين أدوار الأمم، وما عصابات داعش إلا واحدة من أذرعها في هذا المجال.

وكما انقضى الفصل التشريعي الأول بلمح البصر من حيث يدري العراقيون ولايدرون، من دونما إنجاز يتناسب وحاجات البلاد والعباد الماسة بشقيها الراهن والـ (عتيگ) المتراكم، فحتما كما نقول: (غمض فتح) ستنقضي إجازتهم التشريعية المقبلة عن قريب، وساعتها يكون من المفترض أن يعمل النواب بنشاط متجدد، وهمة عالية، فهل هم فاعلون؟ وكما نقول: “خبر اليوم بفلوس.. باچر ببلاش”.

*[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات