كل دكتاتور يصنع لنظامه قضية هي جزء من قضية الشعب، إلا المالكي يصنعها لأجل المذهب، ثم يجعل منها قضية بقاء الدولة والنظام، وحين يذهب يذهب معه ما أخذ وما بنى. هذه هي طبيعة الدكتاتورية. لا يوجد دكتاتور لم يأخذ معه ما بناه. في الديمقراطية وحدها يبقى ما بناه الحاكم أو النظام السابق ويتراكم بالزمن ليرثه الحاكم أو النظام اللاحق.
وفقاً لهذه النظرية اختارت روسيا طريق المواجهة مع الشعب السوري ثم العراقي والعرب والغرب في رقعة محدودة من الأرض هي سورية والعراق بديلاً من صراع الجبارين على امتداد العالم. سيما وإنها الدولة الأكبر في العالم جغرافياً. كم صغيرة قيادة روسيا اليوم. إنها بحجم بوتين طولاً وعرضاً وحضوراً..؟!
روسيا بقيادة بوتين ضابط أمن الاتحاد السوفييتي الراحل صارت تبحث عن نصر بحجم رئيسها بوتين. ماتزال روسيا تحن لماضييْها الإثنين. ماضيها الشيوعي، وماضيها الإمبراطوري لما قبل الشيوعية، وفي الحالين فإن القمع والإرهاب والقتل كان عنوان الماضيين. أسقطت الشيوعية الإمبراطورية المريضة ثم أسقطت الديمقراطية الشيوعية ذات المخالب وماتزال روسيا تحن للماضيين. ماتزال تحن وتشجع للقمع ولو في غير أرضها وللقتل ولو في أرض الآخرين. بوتين مصغر قيصر روسي ومختصر ستالين شيوعي. يبحث عن دور في عالم ما بعد الصراع والسقوط يعوض به الهزيمة. ولأن روسيا الجديدة صغرت فهي تبحث عن نصر صغير. نصر بحجم بوتين ولم تجده في غير سورية وقاعدة طرطوس وفي العراق وعقود تسليح جيش المالكي. سيكون العراقيون الجُدُد سذج إذا هم أبقوا على أية علاقة اقتصادية أو سياسية أو عسكرية بروسيا التي يقتل سلاحها وموقفها السوريين والعراقيين. كل سوري وكل عراقي يجب أن يذكر مع الركام والخرائب أن هذا كان بسلاح روسي وموقف روسي وتحريض روسي .
هل من قوة أو طرف تعيد بوتين إلى حجمه الطبيعي. هو أرنب في جواره الأوكراني- البولوني- البولندي، أسد على السوريين والعراقيين وقبلهم الجورجيين والبوسنيين. لننظر إلى الواقع الدولي الذي يحاصر أو يغذي ما يحدث لنفهم الإجابة:
روسيا تقف إلى جانب حليفيها الإيراني والسوري وتابعهم العراقي- المالكي- وجماعتهما بوضوح ودون تردد.
أوروبا تأخذ بعين الاعتبار الموقف الأميركي ولا تستطيع أن تتقدم عليه أو تغادر ثوابته.
أميركا يد في المعارضة ويد في المواجهة. يوم مع التغيير ويوم مع التسوية. يوم مع التهديد ويوم مع التراجع. يوم مع المعارضة ويومان مع النظام. يوم مع الشجاعة ويوم مع الخوف.