9 أبريل، 2024 10:55 ص
Search
Close this search box.

خان بني سعد و حنان الفتلاوي و قناة العراقية

Facebook
Twitter
LinkedIn

انتقدت النائبة حنان الفتلاوي لأول مرة في تاريخها السياسي قناة العراقية (التلفزيون الرسمي)!!، والسبب استمرارها ببث برامجها الترفيهية الخاصة بعيد الفطر رغم وقوع مجزرة “خان بني سعد” التي راح ضحيتها نحو ٣٠٠ بين شهيد وجريح، وطالبت قناة العراقية بإعلان الحداد الرسمي وأن تلبس الأسود وتوقف كل برامجها الترفيهية، وذّكرت النائبة الفتلاوي كوادر القناة بالتمويل المالي والتهديد بقطعه؛ وهو نفسه التهديد الذي كان يطلقه معارضوا السيد نوري المالكي خلال سنوات حكمه؛ حينما كانوا ينتقدون سياسة القناة “لدعمها له”.
برأيي كلام السيدة الفتلاوي فيه مقبولية بعض الشيء؛ لكن هل المسؤولية الإخلاقية والاجتماعية أن تحاسب قناة العراقية فقط؟، وهل يكفي ارتداء المذيعات الأسود؟، وهل تكفي شارة الحداد على الشاشة القناة؟، وهل تكفي عبارات الرثاء والإجلال لشهداء المجزرة؟، وهل تكفي عبارات الإدانة والرفض والاستنكار لإرهاب داعش؟، وهل يكفي أضافة شريط إخباري للنواب والوزراء وقيادات الدولة لإدانة المجزرة؟، وهل يكفي بث أغنيات ممله لتذكرنا بالعراق ودماء الشهداء الغالية والمستمرة…..إلخ؛ برأيي كل هذا لم يعد مفيدًا أو مناسبًا وليس له أية جدوى في ظل أستمرار سيل الدماء، لأن أبناءنا فى الجيش والشرطة والحشد الشعبي وغالبية رجال العشائر الشرفاء يخوضون حربًا شرسة ضد الإرهاب منذ سنوات، بينما عموم الإعلام العراقي وليس فقط الرسمي بعيد عن هذه المواجهة المصيرية، وهناك قنوات عراقية لقيادات سياسية مشغولة ببث سيل لا ينقطع من المسلسلات والمسابقات والإعلانات التافهة ولقاءات سياسية برأيي أصبحت مملة وسخيفة ولا تليق ولا تثير المُشاهدة لانها مكررة ونمطية.
أتذكر جيداً خلال سنوات الإرهاب الأسود، كانت مظاهر الحزن قد اجتاحت شاشات القنوات الخاصة والرسمية وغالبية الصحف والإذاعات بعد وقوع أي مجزرة إرهابية، وهو برأيي كان نفاق موسمي، حيث كانت تتسابق وسائل الإعلام العراقية فى البكاء والإدانة والشجب، ثم نسيت موضوع الإرهاب بعد يوم من وقوع أي عملية اجرامية، ثم عادت فى لعبة خداع النفس وخداع الناس من خلال تقديم حياة أمنة ومستقرة ومترفة لا تمس الواقع بصله، حياة ليس للإرهاب أو معاناة الوطن فيها مكان.
واليوم علينا أن نعترف أن إعلامنا لا يقدم أخباراً ومعلومات وصوراً كافية عن الحرب التى نخوضها معا ضد داعش، والتى يجب أن يعيشها كل أبناء الوطن ويقفوا على تفاصيلها ويعرفوا دورهم فى هذه المعركة.
برأيي أن “داعش” وإعلامه نجح إلى حد ما بقلب الحقائق وجعل من إرهابة “حرب للدفاع عن سُنة العراق” وهذه الأكذوبه وجدت مصداقية كبيرة في خارج العراق وداخله.
إن تركيز الإعلام على الحرب ضد داعش لا يعنى منع التسلية والترفيه أو منع بث المسلسلات والإعلانات، ولكن المطلوب هو التوازن بين المتعة والترفيه، وبين الاهتمام بتغطية الحرب مع الإرهاب، وتغليب المصلحة الوطنية، لأن من غير المنطقى لنا جميعا الاستمرار فى إلهاء الناس بمسلسلات وبرامج سطحية لا تهدف سوى التسلية وبيع الإعلانات، بينما البلد يحارب الإرهاب والعالم يريد أن يعرف من إعلامنا معلومات عن الحرب.
 على إعلامنا وفي مقدمته الفضائيات الوطنية أن ينتقل الإعلاميون والكاميرات إلى المعركة، وينقلوا لنا بالتنسيق مع المقاتلين حياتهم فى المعركة، انتصاراتهم وبطولاتهم، مشاكلهم، وعلاقتهم بعائلاتهم، وأعتقد أن نوعية هذه البرامج شبه غائبة عن إعلامنا.
المطلوب اليوم أعداد المراسلين الحربيين وتوفير كل الدعم لهم والتأمين على حياتهم، لأن بصراحة اليوم في العراق أعداد المراسلين الحربيين أقل من الطهاة فى برامج الطهي.
برأيي وبأختصار أن إعلامنا فى معظمه لا يساعد فى المعركة ضد إرهاب داعش، ولابد من مراجعة دوره بسرعة، والاتفاق على ميثاق شرف يحدد قواعد التغطية الإعلامية للحرب على الإرهاب، وفقاً للواجب الوطنى والمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية، كي نعرف تفاصيل الحرب ونجعل المواطن على تواصل مع المقاتلين في المعركة، كي لا نتأثر بالإعلام الخبيث ونحترم الإعلام الجاد البناء، لان من خلال الفترة السابقة في حربنا على الإرهاب أن نسبة غير قليلة من الشعب العراقي والعربي غير واعي لتفصل بين الغث والسمين وما هو صحيح وما هو خطأ.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب