من يعبث بالتاريخ يسجل التاريخ عبثه فيكون الشاهد والحاكم عليه ، وقد سجل لنا التاريخ الكثير من هذه الدسائس التي تكون لغايات سيئة تجتمع تحت خيمة ضرب الاسلام ، والافتراءات التي تثير الطائفية هي السوق المزدهرة بالدسائس ، ومن هذه الدسائس فرية ( خان الامين ) التي لم اسمع بها وانا كشيعي المفروض اعتقد بها حسب قولهم الا في المواقع المحسوبة على السنة والتي مهمتها بث الطائفية .
علماؤنا فندوا هذه الفرية او الاكذوبة بالنقل والعقل لا تحتاج الى زيادة في الرد ولكن الذي لفت انتباهنا هو المجاهيل التي اعتمدت في هذه الفرية مع التضارب بالبعد الزمني بين من روجها او افتراها .
ولقد وضعت هذه الفرية على لسان الشعبي عامر بن شراحيل ( ت 100هـ) وقد تلاقفها ابن تيمية في منهاج السنة وقال عن الشعبي قال: «احذرِّكُم أهل هذه الأهواء المضلة وشرها الرافضة، … إلى أن قال: واليهود تبغض جبرئيل ويقولون هو عدوُّنا من الملائكة، وكذلك الرافضة يقولون غلط جبرئيل بالوحي على محمد …الخ»( منهاج السنة1: 16).
وقد اجاد الدكتور الشيخ الوائلي في تفنيد هذه الاكذوبة في كتابه هوية التشيع ومن جملة ما قال ان كلمة الرافضة اشيعت سنة 122 مع ثورة زيد بن علي أي انها لم تكن متداولة قبل 100 للهجرة سنة وفاة الشعبي .
وعامر بن شراحيل كان يذكر الامام علي بسوء فقال لأبي عمير البزاز: ”أما أن حبّه لا ينفعك وبغضه لا يضرّك“أي الامام علي عليه السلام ! (رجال الكشي ص59).
وكان يحلف قائلا: ”لقد دخل علي حفرته وما حفظ القرآن“! (تفسير القرطبي ج1 ص158). اذا كان هذا ديدنه مع الامام علي وعلي هو قسيم الجنة والنار باعتراف كل الملل فكيف سيكون مصير الشعبي ؟
وبسبب افترائه هذا اعتمده ابن حزم (الفصل بين الملل والنحل4: 183.) كذلك واختلق ملة تحت اسم الغرابية واخرى الذبابية أي شبهه تشابه النبي محمد بالامام علي كتشابه الغراب مع الغراب فقيل عنهم الغرابية واخرى شبهتهم بتشابه الذباب ونعتوا بالذبابية .
اقول اية خسة هذه التي اعتمدها ناقل التاريخ المجهول في تشبيهه هذا علما ان هاتين الفرقتين ليس لهما تاريخ او فترة زمنية معينة او ذكر لرجالاتهم ولكنهم ادعوا بسبب التشابه اشتبه الامر على جبرائيل.
واخر ادعى ان سبب هذه الاكذوبة هي : أن أبا عبيدة هو الذي جادل وخاصم مع علي عليه السلام في أمر الخلافة عند إحضارهم له عندهم بعد بيعة السقيفة ليأخذوا منه البيعة أيضا كما هو المذكور المشهور في التواريخ المعتبرة من كتب أهل السنة والجماعة ولهذا قال شاعر أهل البيت عليهم السلام مشيرا إلى الخائن أبي عبيدة الذي سماه القوم أمينا شعر غلط الأمين فجازها عن حيدر والله ما كان الأمين أمينا
وقد ذهب ذلك على السيد الشريف الجرجاني (740-816هـ) في شرح المواقف فزعم أن هذا البيت من شعر الغلاة وأن المراد من الأمين جبرئيل عليه السلام وأن ضمير جازها راجع إلى النبوة فافهم ( الصوارم المهرقة – الشهيد نور الله التستري – الصفحة ٧٨) أي ان هذه الكذبة ظهرت في القرن الثامن على لسان الجرجاني وهو اجتهاد شخصي بلا دليل وبيت الشعر قبل في القرن الاول للهجري أي لم يقل احد بما قاله الجرجاني ، ولاحظوا المجهول فيها ان القصيدة لشاعر اهل البيت من هو هذا الشاعر لم اجد له وجود .
والمغالطة القوية اذا كان اميا جبرائيل فكيف نقول خان الامين ؟